مازالت مبادرة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي التي أطلقها مؤخرا بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة والمتعلقة بالمساواة في الميراث بين المرأة والرجل وتأييد الدعوة لزواج المسلمة من غير المسلم تثير موجة من البلبلة والاستياء في صفوف شق كبير من علماء الدين وتجد لها بعض الاصوات الحداثية والتنويرية التي تناصرها وتساندها بقوة.
وانتقلت المبادرة الجريئة من قبل السبسي والتي تعتبر دعوة غير مسبوقة من رئيس دولة للمساواة بين الانثى والذكر من منصات النقاشات والسجالات الدينية الى اروقة القضاء.
تقدم الكاتب والباحث في الأديان ومدير مركز أكاديمية ابن تيمية للأبحاث المعرفية والعقائدية، محمد مصطفى سليمان، ببلاغ إلى النائب العام المستشار نبيل صادق، ضد الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، ومفتي الجمهورية التونسية، عثمان بطيخ، ورئيسة اتحاد نساء مصر والاتحاد النسائي العربي هدى بدران، ومدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية عزة كامل، يتهمهم فيه بازدراء الدين الإسلامي وزعزعة الأمن القومي والبلبلة في صفوف الشعوب العربية على خلفية مساندتهم ومناصرتهم لدعوات قديمة ومتجددة حول المساواة في الميراث بين الذكر والانثى، وإباحة زواج المسلمة من غير المسلم من أهل الكتاب.
وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة وينظر إليها على أنها من قلاع العلمانية في المنطقة.
وتعتبر تونس منذ 1956 رائدة في العالم العربي على صعيد حقوق النساء، لكن التونسيات ما زلن يرثن نصف ما يرثه الرجال عملا بالشريعة الاسلامية.
وظل موضوع المساواة في الميراث أمرا بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين إثارة المسألة.
وأعلن السبسي تكوين لجنة لمناقشة سبل تنفيذ مبادرة المساواة في الارث وقال أيضا إنه طلب من الحكومة الغاء قانون يمنع زواج المسلمة من غير المسلم.
وكان ديوان الإفتاء التونسي (حكومي) قد أعلن الاثنين، مساندته مبادرة قايد السبسي. وقال في بيان نشره على صفحته الرسمية على فيسبوك، إن "مقترحاته (السبسي) بمنزلة دعم لمكانة المرأة وتفعيل لمبدأ المساواة مع الرجل الذي نص عليه ديننا الحنيف".
وأضاف "إنها مقترحات تدعم المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية لإزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين".
وتابع: "كانت بلادنا رائدة في مجال التقدم والحداثة ومواكبة العصر والمرأة التونسية نموذج المرأة العصرية التي تعتز بمكانتها وإنجازاتها".
وطالب البلاغ باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد المشكو في حقهم لقيامهم بازدراء الدين الاسلامي والتلاعب بنصوص القران وتكدير الامن والسلم العام والسلم الإجتماعي.
وذكر البلاغ رقم 9547 أن هناك تصريحات للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي طرحها فى كلمته بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية دعا فيها للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث والسماح للتونسيات بالزواج من أصحاب الديانات الأخرى، وقام مفتي تونس بتأييد هذه القرارات التي تخالف الشريعة الإسلامية، وبارك تصريحات الرئيس التونسي، ووصل الأمر لتجاهله بيان الأزهر، المؤسسة الدينية الرسمية في مصر والعالم الإسلامي.
وأوضح البلاغ أن تصريحات رئيس تونس وقراراته المخالفة للشريعة، أثارت حفيظة الملايين من أتباع الدين الإسلامي في كل مكان بما فيها مصر، ما إدى إلى حالة من الإحتقان والغليان الشعبي في ظل دعوات الاصوات المؤيدة لهم إلى تطبيقها في دول عربية على غرار تونس ومصر.
وذكر البلاغ أنه في ظل ما تقوم به الحكومة المصرية من جهود على مدار السنوات الماضية لمكافحة الفكر المتطرف والخارج عن المألوف والإرهاب، تأتي مثل هذه التصريحات "المستهترة" من رئيس دولة مسلمة ومفتيها لشحن الأجواء في المنطقة العربية.
وتابع البيان أنه من المؤكد أن "هناك جهات ستستغل هذه الأفكار المنحرفة المخالفة لشريعتنا لبث الفرقة بين المجتمعات العربية".
وقال احمد الطيب، الذي يترأس الازهر وهو أكبر مؤسسة دينية سنّية في العالم في بيان صدر الأحد دون أن يشير إلى السبسي أو إلى تونس مباشرة "النصوص إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة معا فإنها لا تحتمل الاجتهاد، مثل آيات المواريث الواردة في القرآن الكريم والنصوص الصريحة المنظمة لبعض أحكام الأسرة، فإنها أحكام ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة بلا ريب، فلا مجال فيها لإعمال الاجتهاد وإدراك القطعي والظني يعرفه العلماء ولا يقبل من العامة أو غير المتخصصين مهما كانت ثقافتهم".
رفض علماء ومشايخ تونسيون الخميس مساواة النساء بالرجال في الارث والسماح بزواج المرأة التونسية المسلمة من أجنبي، ردا على طرح الرئيس الباجي قائدالسبسي لهذا النقاش، واعتبروا انه مناهض لأحكام الاسلام ويشكل "خطرا" على المجتمع التونسي.
وتقول أوساط مقربة من الرئاسة إن الباجي أطلق مبادرة للتفكير والاجتهاد بينما قالت أوساط أخرى إن التركيز على معالجة مشاكل أخرى تعاني منها تونس من أزمة سياسية واقتصادية وفقر وبطالة اهم بكثير.