تتكاثر مؤشرات الاختلافات بين روسيا وحلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO). كما تدعي صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن موسكو مستاءة عن بناء المختبرات الأمريكية في أراضي البلدان الأعضاء في المعاهدة، فضلا عن احتمال إنشاء البنية التحتية اللوجستية للولايات المتحدة في موانئ بحر قزوين في إطار الاتفاق الأخير بين واشنطن وآستانا بشأن نقل البضائع إلى أفغانستان. وفقا لمعلومات "كوميرسانت"، في 11 يونيو، طرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذه القضايا في اجتماع وزراء الخارجية للدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي في مدينة ألماتي في كازاخستان.
حددت وزارة الخارجية الروسية مسبقاً جدول الأعمال لاجتماع ألماتي لوزراء الخارجية للدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وكان من المفترض أن تناقش الأطراف المشاركة قضية تنسيق السياسة الخارجية داخل المنظمة، والقضايا الأمنية الدولية والإقليمية، وإصدار البيان لوزراء الخارجية حول "الاتفاق للقضاء على الصواريخ المتوسطة المدى والقصيرة المدى".
كانت لدى سيرجي لافروف الفرصة للتحدث مع بعض زملائه في المنظمة في الطريق إلى ألماتي. وصل وزير الخارجية الروسي من مدينة تشينغداو (تسينغتاو) الصينية، حيث عقدت قمة منظمة شانغهاى للتعاون. من هناك، إلى جانب السيد لافروف على متن طائرته قدم إلى ألماتي أيضاً وزير الشؤون الخارجية لكازاخستان كايرات عبد الرحمنوف ووزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين آسلوف. كان هنا في انتظارهم بالفعل الوزير الأرميني زهراب ميناتسكانيان، ونائب وزير الخارجية في بيلاروسيا أندريه دابكوناس ووزير الدولة في وزارة الخارجية القيرغيزية أيبك أوموكييف.
بدأ الوزراء ورؤساء الوفود الوطنية محادثتهم مساء يوم 10 يونيو على العشاء وتواصلوا الاجتماع في صباح اليوم التالي في إطار ضيق. وفقا لمحاور "كوميرسانت" من الوفد الروسي، أثار سيرغي لافروف خلال الاجتماعات، من بين أمور أخرى، القضايا الأكثر حساسية لموسكو.
تتعلق الأولى بالترانزيت الأمريكي عبر كازاخستان إلى أفغانستان باستخدام موانئها مثل كوريك وأكتاو على بحر قزوين. تم التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة في العام الماضي وتم إعلانه رسمياً خلال زيارة الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نظرباييف إلى واشنطن في يناير الماضي. في مارس من هذا العام، أقر البرلمان الكازاخستاني القانون حول "اعتماد البروتوكول الخاص بإدخال التعديلات على الاتفاقية الحكومية مع الولايات المتحدة حول توفير النقل بالسكك الحديدية والترانزيت للبضائع الخاصة عبر أراضي جمهورية كازاخستان فيما يتعلق بمشاركة الولايات المتحدة في الجهود الرامية إلى تثبيت الوضع في جمهورية أفغانستان الإسلامية استعادتها". وفي مايو وقع نور سلطان نطرباييف عليها.
وأشار وزير خارجية كازاخستان كايرات عبد الرحمنوف إلى أنه في عام 2017 طالبت الولايات المتحدة من استانا تعيير المسار الحالي للترانزيت إلى أفغانستان من لإدراج مينائي أكتاو وكوريك. وأوضح السيد كايرات عبد الرحمنوف أن هذا الاتفاق سيمكن من استلام البضائع الخاصة الواردة من أذربيجان عبر بحر قزوين في كازاخستان زنقلها عن طريق السكك الحديدية لأوزبكستان إلى أفغانستان.
من الجدير بالذكر أن غالبية البضائع الخاصة لعمليات الولايات المتحدة وحلف الناتو في أفغانستان تنقل عبر باكستان. ولكن وقوع الاختلافات لم يسبق لها مثيل ، بين الولايات المتحدة وباكستان على أثر اتهامات دونالد ترامب لاسلام اباد بعدم الوفاء بالالتزامات الحليفية وبدعم الإرهاب وتجميده لبرنامج المساعدات لها دفع كل ذلك واشنطن إلى بحث السبل البديلة للنقل.
كما أفاد مصدر دبلوماسي لمجمع "كوميرسانت" إن اتفاقات بين حليفتها أستانا وواشنطن أصبحت مفاجأة بالنسبة لموسكو. وألح على أن هذه المفاجأة غير سارة.
أوضح الدبلوماسي، أنه "حسب تقديرات الخبراء الروس، أن طريق النقل عبر موانئ بحر قزوين لم يكن مفيداً من النواحي الاقتصادية واللوجستية. ولننطلق من حقيقة أن الأميركيين يحتاجون إلى هذا من أجل تثبيت وجودهم في بحر قزوين، حتى ظهرت هنا البنية التحتية الخاصة لهم ". وأشار إلى أن كازاخستان، حتى لم تتشاور مع موسكو في هذه القضية، ولم تعلمها بشأن خططها.
، أجاب الجانب الكازاخستاني على هذا بأن الترانزيت لا ينطوي على أي بنية تحتية عسكرية للولايات المتحدة وعموماً هو سياسة ثابتة من كازاخستان. قال مصدر في الوفد كازاخستان ل"كوميرسانت" : إنه " كان هناك الترانزيت إلى أفغانستان عبر أراضي روسيا لفترة ما، أيضا. ، ثم تدهورت العلاقات بين موسكو وواشنطن، ونواصل هذا العمل لأننا ننطلق من أنه من الأفضل أن نتعامل مع المتطرفين في أراضي الغير وليس في أراضينا ".
في الواقع، قدم كل من روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى (بما في ذلك كازاخستان) أراضيها لنقل البضائع الخاصة لقوات الولايات المتحدة ودول حلف الناتو في أفغانستان (في إطار ما يسمى بشبكة التوزيع الشمالية). ومع ذلك ، فإن قرار السلطات الكازاخستانية بفتح موانئها للنقل يخلق الظروف لمسار مختلط جديد ، حيث سيتم استخدام البنية التحتية البرية والبحرية.
قال مصدر في الوفد الروسي ل"كوميرسانت" بعد محادثات في ألماتي، إن كايرات عبد الرحمنوف أدى حلف اليمين لسيرجي لافروف بأن الجيش الأمريكي لن يظهر في موانئ كازاخستان على بحر قزوين. ومع ذلك ، فإن موسكو لن تكون مسرورة أيضاً باحتمالات تواجد هناك الأمريكيين بلا الزي العسكري.
تجلى قلق موسكو من التنافس المتجدد مع واشنطن تجاه آسيا الوسطى خلال جلسة مجلس الأمن في يناير حول الوضع في المنطقة.
هناك موضوع الصراع الآخر، كما تبين، وهو المختبرات المرجعية الموجودة في أرمينيا وكازاخستان التي افتتحت بدعم مالي من الولايات المتحدة وأنها أيضاً تزعج روسيا. نفس المختبرات تعمل أيضاً في أوكرانيا وجورجيا.
وقال الدبلوماسي الروسي في حديثه مع كوميرسانت إن "خدماتنا الأمنية الخاصة والعلماء منزعجون بسبب هذه المختبرات. لا يستبعد أن هذا يمكن أن يستخدم بطريقة ما ضدنا في وقت لاحق. إنهم لا يضعونها في أوروبا الغربية. في رأيه، فإن موسكو ترغب في الوصول إلى هذه المختبرات.
تشير المعلومات الواردة لدى "كوميرسانت" إلى أنه حتى تجري مناقشة إمكانية التوقيع على وثيقة منفصلة بشأن التعاون في مجال البحوث البيولوجية مع يريفان.
، وفقاً للجانب الروسي، على هذه الوثيقة أن تمكن من وصول المتخصصين الروس إلى المختبرات في أرمينيا.
وعقب الاجتماع الذي عُقد في ألماتي، تم التوقيع على عدة وثائق، بما في ذلك أصدر البيان لدعم حيوية "الاتفاق للقضاء على الصواريخ المتوسطة المدى والقصيرة المدى ولصالح
الحوار البناء الرامي إلى المشاكل القائمة. بالإضافة إلى ذلك، كلف الوزراء الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بمواصلة الاتصالات مع هياكل الأمم المتحدة المعنية من أجل تهيئة الظروف الملائمة للاستفادة من إمكانات المنظمة في مجال حفظ السلام.
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسم