عملت أذربيجان منذ استعادة استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991 علي الاندماج مع المجتمع الدولي والمساهمة في النشاط الاقتصادي والثقافي والحضاري العالمي باعتبارها دولة لها تاريخ عريق ، حيث كانت أول جمهورية برلمانية تم تأسيسها في الشرق الإسلامي عام 1918 ، وقد وضعت أذربيجان في أولوية السياسة الخارجية لها تطوير العلاقات الثنائية الودية مع الدول العربية والإسلامية .
كانت أذربيجان وما زالت منذ أن استعادت استقلالها تولي اهتماماً خاصاً ببناء علاقات وثيقة ومتينة مع دول العالمين العربي والاسلامي ، ومد جسور قوية من العلاقات معها باعتبارها جزء أساسي من العالم الإسلامي ، وتشترك معهم في العقيدة والقيم الروحية والثقافية ، ولذلك أقامت أذربيجان علاقات قوية مع دولة الكويت التي
تعد عضواً نشطاً وفعالاً في الأسرة العربية والإسلامية .
يعد تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان والكويت أبرز ملامح التطور في العلاقات بين البلدين ، حيث ساهمت العلاقات الدبلوماسية في تطوير جوانب العلاقات السياسية والاقتصادية ، وإعادة احياء العلاقات الثنائية التاريخية بين الشعبين والتي تعود إلى قرون عديدة ولم يعكر صفوها سوى حقبة الاتحاد السوفيتي ، فقد كانت العلاقات ممتدة بين الشعبين منذ القدم ، حيث عمل طريق الحرير القديم الذي كانت أذربيجان والكويت تلعبان فيه أدواراً اقتصادية وثقافية هامة علي تنمية العلاقات بين الشعبين ، فلم يكن طريق الحرير مجرد طريق لنقل البضائع وتيسير حركة التجارة ، وإنما كان شرياناً هاما للتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب الواقعة علي ذلك الطريق ومن بينها شعبي الكويت وأذربيجان .
خلال فترة قصيرة من إستعادة أذربيجان استقلالها عملت مع الكويت خلال فترة وجيزة بالتعبير عن ارادة شعبيهما من خلال وضع الاسس القوية الصلبة للتعاون المثمر بين البلدين ، وهو التعاون الذي يتم تعزيزه من خلال الدعم السياسي المتبادل والزيارات رفيعة المستوى والعلاقات الاقتصادية المتنامية ، بالاضافة الى العلاقات بين ابناء الشعبين .
شهدت السنوات القليلة التي تلت فتح السفارات في كل من الكويت وباكو زيارات متبادلة رفيعة المستوى بين الكويت وأذربيجان ، حيث عملت تلك الزيارات علي ايجاد فرص هائلة لإعادة التأكيد على علاقات الصداقة واستكشاف مجالات جديدة للتعاون الثنائي ، وقد توجت تلك الزيارات بالزيارة الرسمية التي قام بها رئيس أذربيجان إلهام علييف إلى الكويت في فبراير 2009 ، والتي أسهمت في منح زخم كبير للعلاقات الثنائية المتبادلة كما أنها أعادت التأكيد على روابط الصداقة التاريخية التي تجمع بين الشعبين ، فقد تم خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات حماية الاستثمارات وتفادي الازدواج الضريبي والتنشيط السياحي والتبادل التجاري وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين .
وفي سبتمبر من هذا العام 2018 قام رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم بزيارة إلي أذربيجان علي راس وفد برلماني ضم كلاً من محمد الحويلة وناصر الدوسري للمشاركة في احتفال مجلس الأمة الأذربيجاني " البرلمان " علي مرور مائة علي تأسيسه ، الأمر الذي يعكس عمق العلاقات بين الكويت وأذربيجان في مختلف المجالات . سعي كل من الكويت وأذربيجان الدائم إلي تطوير العلاقات بينهما ، يعد جزءاً هاماً من تطوير العلاقات بين أذربيجان والعالم العربي والإسلامي ، وتنسيق المواقف السياسية في المحافل الدولية ، وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الجانبين ، الأمر الذي من شأنه زيادة التقارب بين الشعوب الإسلامية التي تربط بينها كثير من الروابط والقواسم المشتركة ، بما يحقق لتلك الشعوب المزيد من الاستقرار والازدهار .
أحمد عبده طرابيك، كاتب وباحث في الشئون الآسيوية
إعداد وتقديم د. ذاكر قاسموف