من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، قدّرت جيداً وعلى نحو مسبق ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية، قبل أن تتخذ قرارها «المعدّل» بشرعنة المستوطنات في الضفة الفلسطينية المحتلة، ومن المؤكد كذلك أنها أخذت بالاعتبار أن قراريها بشأن القدس وحق العودة، مرا مرور الكرام، ما يدفع لاتخاذ أي قرار يخدم إسرائيل، طالما أن كل ردود الفعل مجرد حبر على ورق، وفقاً للواقع وكل المراقبين.
السلطة الفلسطينية التي تشعر أن «العين بصيرة واليد قصيرة»، أعلنت أنها ستدعو إلى فتح تحقيق دولي حول مدى قانونية موقف واشنطن الذي مثّل ضربة قوية للتوافق الدولي على عدم قانونية ومشروعية الاستيطان.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أعلن أن السلطة بدأت خطوات ضد الموقف الأمريكي. وأضاف «سنتوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان».
وصرح المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بأنه بدأ مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن، لحشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الأمريكي. وذكر أن مجلس الأمن سيعقد جلسة اليوم الأربعاء.
نأي أوروبي
الاتحاد الأوروبي نأى بنفسه عن الموقف الأمريكي الجديد، مذكراً بأن «كل نشاط استيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويعرض للخطر إمكانية بقاء حل الدولتين وآفاق سلام دائم». ودعا الاتحاد إسرائيل إلى «وضع حد لأنشطتها الاستيطانية بما يتماشى مع التزاماتها بصفتها سلطة احتلال».
منظمة العفو الدولية بدورها أكدت أن الاستيطان ينتهك القانون الدولي ويرقى لمستوى جرائم الحرب، مستنكرة المنظمة الموقف الأمريكي. وقالت: «الحكومة الأمريكية أعلنت لبقية العالم أنها تعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل فوق القانون».
وعاود مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التأكيد على موقفه المعلن منذ فترة طويلة بأن المستوطنات تمثل انتهاكاً للقانون الدولي. وقال «إن تغير الموقف السياسي لدولة لا يعدل القانون الدولي القائم ولا تفسير محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن له».
تقويض قانوني
وفيما قالت وزارة الخارجية الروسية أمس إن القرار الأمريكي يقوض الأساس القانوني لتسوية الصراع، وحذرت من أن هذا القرار سيزيد التوتر في المنطقة، أدانت السيناتورة الديمقراطية اليزابيت وارن المرشحة للسباق إلى البيت الأبيض، تبدل الموقف الأمريكي، مؤكدة أنها ستلغيه إذا تم انتخابها. وقالت إن «هذه المستوطنات لا تنتهك القانون الدولي فحسب بل تجعل تحقيق السلام أصعب».
وفي القاهرة، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من أن «التغيير المؤسف في الموقف الأمريكي من شأنه أن يدفع جحافل المستوطنين الإسرائيليين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية ضد السكان الفلسطينيين، كما أنه يقوض أي احتمال ولو ضئيل لتحقيق السلام».
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد حافظ، الموقف المصري من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي فيما يتعلق بوضعية المستوطنات، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي.
انتهاك صارخ
اعتبر رئيس البرلمان العربي د. مشعل بن فهم السلمي أن الإعلان الأمريكي يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار رقم 2334 بشأن رفض الاستيطان، والذي نص على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات.