نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" في 30 سبتمبر 2016 تسجيلاً صوتياً بث على موقع الصحيفة على الإنترنت لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يكشف كواليس اتخاذ القرار الأمريكي حول سوريا.
وفي اجتماع له مع 20 شخصية معارضة سورية تمثل 4 جماعات أبدى كيرى استياءه من الفريق الذي يدير الأزمة السورية في واشنطن وعن ابتعاد بلاده عن أي تدخل عسكري في ذلك البلد الذي يعاني من حرب استعرت عقب انطلاق "الربيع العربي" في 2011.
فقد علَقت مجلة "The Times" الأمريكية على التسجيل الصوتي الذي استمر لمدة 40 دقيقة قائلة: "إن كيرى عبَر عن مرارته مما يجري في سوريا وعن عجز الإدارة الأمريكية في التعامل مع المعضلة وعن رفض الإدارة التلويح بالحل العسكري كوسيلة للضغط السياسي".
وأضافت المجلة: "لقد عقد الاجتماع بين كيري وتلك الجماعات داخل مقر البعثة الهولندية في الأمم المتحدة يوم 22 من سبتمبر 2016. وأكد كيري أنه "فقد الحجة داخل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لدعم الجهود الدبلوماسية لوقف إراقة الدماء في سوريا."
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث الرسمي جون كيربي إن ذلك اللقاء قد عقد "بعد أيام من انهيار هدنة كان كيري قد تفاوض بخصوصها مع موسكو وتعرض مناطق تسيطر عليها قوات المعارضة في مدينة حلب السورية لغارات جوية عنيفة في الوقت الذي رفضت فيه روسيا والحكومة السورية نداء أمريكياً لوقف الغارات". وأضاف كيربي:"لقد عقد الاجتماع فعلاً بين كيري وعدة شخصيات سورية" لكنه رفض التعليق على فحوى الاجتماع أو ماهيته.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن كيري شكا مراراً وتكراراً من أن جهوده الدبلوماسية لا تحظى بدعم بسبب تهديد خطير باستخدام القوة العسكرية. وأشارت الصحيفة إلى أن معالم الإحباط قد ظهرت على كيري مع عدم قدرته على إنهاء الأزمة السورية. وأضافت: "إنه حائر بين محاولة التعاطف مع السوريين، ومحاولة تبرير موقف الولايات المتحدة".
وأشارت الصحيفة إلى كيري قال إن الولايات المتحدة تقحم نفسها وأنه إذا ما احتدم الصراع هناك فإنه سيتم القضاء عليهم جميعاً". وأشارت بأن كيري أوضح أن الكونجرس الأمريكي "لن يوافق على استخدام القوة نظراً لمعارضة الكثير من الأمريكيين إرسال شبابنا إلى سوريا ليقتلوا هناك".
وأكد وزير الخارجية الأمريكي "أن المعارضة لا تطالب بالتدخل في سوريا"، ولكنه أوضح أن الإدارة الامريكية الحالية لا تريد تدخلا عسكرياً في سوريا وأن من يدعم التدخل العسكري هناك هم فقط 3 شخصيات" دون أن يسميها. وأضاف أن "هذا الأمر انعكس على خسارة الجدال حول استخدام القوة من عدمه"
ولكن كيري حذر في الوقت ذاته وفق تفاصيل التسريب أنه إذا "تدخلت واشنطن عسكرياً بشكل أكبر في سوريا سوف يرتفع سقف المراهنات وسيتم القضاء على المعارضة جميعها ." واعتبر أن تسليح المعارضة أو انخراط بلاده في الحرب في سوريا، سيؤدي إلى نتائج عكسية". وأكد كيري أن "توسيع نطاق التدخل الأمريكي في سوريا، سوف يدفع روسيا وإيران الى القيام بما هو أكثر من ذلك ما سيدفع بالسعودية وتركيا الى القيام بالشئ ذاته ما ينعكس على القضاء على المعارضة أياً تكن".
كيري يؤيد ترشح الرئيس السوري للانتخابات الرئاسية
أعرب كيري عن اعتقاده بأن على المعارضة القبول بخوض انتخابات يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد والتي يرى فيها كيري أفضل أمل للسوريين للحل السياسي، تمهيداً لمشاركة المعارضة بحكومة انتقالية، يليها انتخابات وترك القرار للشعب السوري ليقرر مصيره. لكن تقريراً نشرته مجلة "The Atlantic" انتقد سلوك كيري في الاجتماع وانتقد تصريحاته بالقول: "لا بد لنا من الدخول إلى بواطن جون كيري لمعرفة كيفية تفهمه للدبلوماسية. فهناك قيم ومصالح تحكم العلاقات الدبلوماسية بين الدول وعند معرفة ما هي تلك القيم والمصالح يمكن التعامل مع الخصم على ضوئها."
وأضافت المجلة: "يرى كيري الدبلوماسية من منظور مدرب كرة القدم. فنحن نشارك في اللعبة ونلعب لتسجيل أكبر عدد من النقاط الممكنة ضد الخصم. واليوم يعلم الجميع أن الدول تحكمها مصالح وقيم والدبلوماسية تتطلب تقييماً لمعرفة ما إذا كان الخصوم يشاطروننا تلك القيم والمصالح أم لا". وانتقدت المجلة ضعف كيري بالقول: "لا يعرف كيرى التمييز بين ما يريده الخصم وبين ما نريده نحن. ويصل الى خلاصة القول أنه من المفيد مشاركته تلك المصالح والقيم مع ابقاء الباب موارباً". كما انتقدت المجلة موقف كيري من قصف قافلة المساعدات الاغاثية الأممية التي كانت متوجهة إلى حلب حين قال: "يبدو أننا على وشك انهاء المحادثات مع الجانب الروسي" في تحريض واضح لوقف أي حوار مع الجانب الروسي.
شهاب المكاحله – واشنطن