بقلم: أحمد عبده طرابيك
تكتسب العلاقات بين قطر وأذربيجان أهمية كبيرة للبلدين يوماً يعد يوم، والتي ترتكز علي أسس راسخة للدبلوماسية الحكيمة التي ينتهجها كلا البلدين، حيث تسعي كل منهما لأن تكون قوة فاعلة ونشطة في محيطها الإقليمي بما تملكه كل دولة من مقومات وعوامل تؤهلها لأن تكون لاعب فاعل في السلام الإقليمي، سواء من خلال موارد الطاقة، أو المبادرات الدبلوماسية الإقليمية والدولية، خاصة وأن قرار تطوير العلاقات بين البلدين يأتي ضمن الثوابت الرئيسية في السياسة الخارجية لكل من قطر وأذربيجان.
تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وجمهورية أذربيجان في 14 سبتمبر عام 1994، وذلك بعد استقلال أذربيجان في أعقاب انهيار الإتحاد السوفيتي السابق عام 1991، وتوجت تلك العلاقات بافتتاح السفارة الأذربيجانية في الدوحة، والسفارة القطرية في باكو عام 2007. شهدت العلاقات بين قطر وأذربيجان تطوراً كبيراً منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، خاصة أن تلك العلاقات تحظي برعاية كبيرة واهتام من قيادتي البلدين، حيث شكلت الزيارات المتبادلة علي أعلي مستويات القيادة في البلدين دفعات ودعماً كبيراً لتلك العلاقات، فقد تطورت العلاقات بشكل كبير زيارة رئيس أذربيجان إلهام علييف إلي الدوحة عام 2004، ومن ثم جاءت زيارة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى باكو عام 2007، لتضيفا زخماً للعلاقات المتنامية، ولم تكتفي تلك العلاقات عند ذلك الحد، بل جاءت زيارة الشيخ تميم إلى أذربيجان في عام 2016، وكذلك زيارة الرئيس إلهام علييف إلي قطر عام 2017، لتدشنا مرحلة جديدة في العلاقات بين قطر وأذربيجان في إطار توسيع نطاق التعاون المشترك في مختلف المجالا
تسعى دولة قطر لتطوير علاقات التعاون مع جمهورية أذربيجان في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية، وقد جاءت الزيارة الرسمية للشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد إلى أذربيجان في 7 مارس 2016، لتدشن عهداً جديداً من العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تعمل قطر علي بناء شبكة واسعة من المصالح المتبادلة بين البلدين لخدمة قضايا التنمية وتبادل الخبرات والتجارب وغيرها من الآليات التي تصب في خدمة المصالح الوطنية وصولاً إلى تحقيق الشراكة الإستراتيجية من خلال تشجيع المستثمرين القطريين للإستثمار في أذربيجان وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لحمايته في ظل العلاقات المتميزة بين قيادة البلدين.
تم خلال هذه الزيارة التوقيع على عدد من الإتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم بين البلدين، ومن بينها اتفاقية تشكيل اللجنة الإقتصادية والتجارية والفنية المشتركة بين حكومة جمهورية أذربيجان وحكومة دولة قطر، لتكون الأساس للدفع بالعلاقات الإقتصادية والتجارية إلى مستوى يتناسب مع العلاقات الدبلوماسية المتميزة بين البلدين.
خلال السنوات الماضية طورت كل من الدوحة وباكو علاتهما، حيث وفرت الإتفاقيات العديدة التي تم توقيعها بين البلدين في مختلف المجالات البيئة القانونية لتطوير تلك العلاقات، ففي المجال الأمني والعسكري، تم التوقيع على عدد من الإتفاقيات للتعاون في المجال الأمني، تشمل مكافحة المخدرات وتدريب الشرطة وتبادل المعلومات والطوارئ والكوارث.
كما اتم وضع حجر الأساس لتعاون ثقافي بين البلدين عام 2004، عن طريق اتفاقية تعاون شملت العديد من المجالات، وعندما تم اختيار باكو عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2009 من قبل الإيسيسكو، شاركت قطر في فعاليات ذلك العام بنشاط متميز، وفي عام 2010 شاركت أذربيجان في فعاليات الدوحة عاصمة للثقافة العربية بأنشطة وفعاليات عديدة.
ساهم خط الطيران المباشر الذي تم تدشينه بين الدوحة وباكو في تنمية وتطوير العلاقات التجارية وزيادة حركة الإستثمار والسياحة بين البلدين، فقد تضاعف معدل التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 35 مرة، ومن المتوقع يوفر امكانات جديدة لبناء علاقات اقتصادية في القطاع غير النفطي بين قطر وأذربيجان، خاصة في قطاعي الإستثمار والسياحة، والتي من شأنها تحفيز الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير العديد من فرص العمل.
تؤيد دولة قطر وحدة و سلامة اراضي جمهورية اذربيجان و تدعم قرارات الشرعية الدولية فيما يخص اقليم قره باغ الجبلية. كما تدعو الي تطبيق قرارات مجلس الامن الدولي المتعلقة بهذا الشأن
وفي عام 2014 وقعت قطر وأذربيجان مذكرة تفاهم؛ بهدف تعزيز وتطوير التعاون المشترك في مجال تقنية المعلومات والإتصالات، كما تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال الخبرات والمعرفة عن طريق تبادل الزيارات والمشروعات في ذلك القطاع الهام.
يبدو أن قطر وأذربيجان يسعيان للإستمرار في تطوير العلاقات بينهما، في ظل جود سفراء في باكو والدوحة يعملان بنشاط علي تأكيد تلك الخطوات، حيث يعد السفير فيصل بن عبد الله حمد عبد الله آل حنزاب، السفير القطري في باكو من السفراء الذين يتمتعون بخبرات طويلة في العمل الدبلوماسي من خلال عمله في عدد من المواقع سواء في وزارة الخارجية القطرية أو في البعثات الدبلوماسية في الخارج. كما أن سفير أذربيجان في الدوحة لديه من الخبرات أيضاً التي تمكنه من تنفيذ الإتفاقيات بين البلدين، ووضعها موضع التطبيق. وتحقيق رغبة البلدين في المضي في طريق التطوير المستمر للعلاقات بين البلدين.