وجهت مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة، برئاسة أومود ميرزايف، دعوة للسيدة هايدي كون، رئيسة منظمة "جذور السلام"، التي تعد أحد أهم المنظمات الإنسانية في مجال مكافحة الألغام، وذلك لزيارة أذربيجان، والتي قامت بتلبية الدعوة وزارت أذربيجان خلال الفترة من 1 إلي 5 مارس، وقد تحدث السيد أومود ميرزايف، في حوار مفتوح عن الجوانب المختلفة لتلك الزيارة، وفكرة توجيه الدعوة لمديرة هذه المنظمة لزيارة أذربيجان والإطلاع علي أوضاع قراباغ بعد تحريرها، ولفت أنظار المجتمع الدولي إلي مشكلة الألغام التي زعتها القوات الأرمينية خلال احتلالها لأراضي أذربيجان خلال 30 عاماً من الاحتلال:
- من أين أتت فكرة دعوة مؤسسة "جذور السلام" هايدي كون إلى أذربيجان وما هو الغرض من هذه المهمة؟
- تعمل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في برنامج مكافحة الألغام في أذربيجان منذ سنوات عديدة، وبعد تحرير قراباغ، كانت المشكلة الرئيسية فيها هو تلوث الأراضي بالألغام والذخائر غير المنفجرة، حيث تعد أذربيجان حالياً واحدة من دول العالم التي لديها أعلى مستوى من التلوث بالألغام.
خلال 25 عاماً من عملها، أزالت منظمة "جذور السلام" أكثر من 100 ألف لغم أرضي في المناطق التي مزقتها الحرب في ثماني دول، وقامت بتدعيم عمليات التنمية الزراعية في تلك المناطق بشكل كبير، وأصبحت مبادرة هايدي كون "مزارع الكروم"، التي يتم من خلالها تحويل المناطق الملوثة بالألغام إلى مزارع عنب، حركة رئيسية في العالم، وقد ساهمت هذه المبادرة بشكل كبير في زيادة الصادرات الزراعية من أفغانستان من 250 مليون دولار في عام 2014 إلى 1.4 مليار دولار في عام 2020.
وأعتقد أن تعاوننا مع مثل هذه المنظمة يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص لمنطقة قراباغ، مع وضع هذا في الاعتبار، ولذلك فقد بدأنا المراسلات مع المنظمة، ومع السيدة هايدي، وبعد التحقق من نشاط مؤسستنا، استجابت بشكل إيجابي لندائنا.
- على حد علمنا، فإن ابنتك أيسابا أوموتلو، التي تعمل في قناة الجزيرة، إحدى الشبكات الإعلامية الرائدة في العالم، قدمت أيضاً مساهمة كبيرة في إقامة علاقات مع هايدي كون. أود أن تلقي الضوء علي هذا الدور.
- بالتأكيد ساهمت أيسابا أوموتلو بجهد كبير في هذه المبادرة، حيث تتابع أيسابا أوموتلو أنشطة مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة لسنوات عديدة ولديها دراية كبيرة حول مشاريعها، ولقد تعاونت مع مؤسستنا لسنوات عديدة على الرغم من أنها تعمل في قناة الجزيرة، وقد تمت زيارة هايدي كون إلى أذربيجان بجهودها وعلاقتها معها، وفي الوقت الذي كانت فيه السيدة كون تزور باكو، جاءت أيسابا أيضاً إلى أذربيجان من قطر حتي تكون الزيارة أكثر نجاحاً، حيث تستمر صداقتها مع هايدي إلي اليوم.
- تهدف هذه المبادرة أيضاً إلى لفت الإنتباه إلى المشكلة التي أثارتها أذربيجان لسنوات عديدة "الأراضي الملوثة بالألغام وتنظيفها". كيف ستساهم زيارة السيدة كون لأذربيجان في ذلك برأيك؟
- هذه واحدة من النقاط الرئيسية، فزيارة هايدي كون إلى قراباغ، وعقد مؤتمر صحفي، وتوقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة ومنظمة "جذور السلام"، واجتماعها في الأكاديمية الدبلوماسية الأذربيجانية، وما زالت هناك عدد من الأحداث التي تغطيها وسائل الإعلام من حولها.
بعد زيارتها لأذربيجان، لا تزال هايدي كون تحاول التأكيد على خطورة المشكلة مع أذربيجان في لقاءاتها في أبو ظبي، وكذلك في عدة مناطق من العالم.
- من الواضح أن هايدي كون زارت منطقة شماخي، إحدى مدن زراعة الكروم في أذربيجان وشاهدت تقاليد صناعة النبيذ. ماذا كان الغرض من هذه الرحلة؟
- زارت هايدي كون قرية ميسري التابعة لشماخي للتعرف على مجمع زراعة الكروم وصناعة النبيذ، وناقشت أهمية زيادة إمكانات تصدير منتجات النبيذ، وإعلام الرأي العام بتاريخ إنتاج النبيذ في أذربيجان، وفي نهاية الزيارة قمنا بزرع شجرة عنب بمشاركة هايدي كون وأرسلنا رسالة سلام إلى العالم.
- لقد زرت قراباغ مع هايدي كون. كيف شعرت عندما رأت لأول مرة المناطق الملغومة، والأراضي التي تحولت إلى أنقاض من قبل الأرمن؟ بشكل عام ماذا شاهدت في هذه المناطق وكيف كان رد فعلها؟
- قمت أنا وهايدي بزيارة منطقتي ترتار وأغدام، وشاهدت كم كانت مكتئبة في طريقها إلى أغدام، وكيف كانت تبكي وهي تشاهد المناظر المروعة هناك، وبينما كنا نزور منطقة الشهداء، ركعت هايدي كون أمام قبر شيهدة مذبحة خوجالي سخافات البالغة من العمر 12 عاماً، وقالت إنها ستفعل كل ما في وسعها لإستعادة الأراضي عن طريق إزالة الألغام الأرضية.
اليوم، يمكن لوسائل الإعلام والمنظمات العالمية الرجوع إلى مصادر مختلفة واتخاذ قرارات بشأن قراباغ، لكن عندما يرون الوضع بأعينهم، يتغير تصورهم بالكامل، وبغض النظر عن العرق أو الجنس، فإنهم لا حول لهم ولا قوة في مواجهة الفظائع.
- تستطيع هايدي كون أن تظهر دعما كبيرا لأذربيجان من خلال نشر آثار التخريب التي رأتها في أراضي قراباغ في العالم.
- أنت على حق تماماً، لقد اتخذت هايدي كون بالفعل خطوات إيجابية للغاية في هذا الاتجاه، إنها تنشط بلا كلل وتستمر في نشر ما تراه في العالم، وفي حدث نظمته الأمم المتحدة في أبو ظبي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، جعلت هايدي من قضية قراباغ موضوع نقاش بين صديقاتها.
- ما هو الهدف من مذكرة التفاهم الموقعة بين المنظمتين وما هي خطط العمل المقترحة؟ وما هي المشاريع التي سيتم تنفيذها بشكل رئيسي في المناطق الملغومة؟
- انضمت الوكالة الأذربيجانية لمكافحة الألغام أيضاً إلى هذه المذكرة. ومن المتوقع أن تشارك المنظمات الأخرى معنا في هذه العملية أيضاً، وكأحد شركائنا، سيتمكن طلاب الأكاديمية الدبلوماسية الأذربيجانية من الإنضمام إلى هذا المشروع.
أود أن أشير إلى أن أهمية نشاط هايدي كون تتمثل في جمع الأموال الممكنة لإزالة الألغام من المناطق الملوثة وضمان دعم المجتمع الدولي لأذربيجان، وهذا مهم للغاية سواء من حيث تكوين صورة لأذربيجان في العالم، وكذلك من حيث إزالة الألغام من المنطقة والإستخدام العملي لتلك الأراضي بعد ذلك من قبل السكان، فعلى مدى 30 عاماً، أراد الناس العودة إلى منازلهم وخلق وظائفهم الخاصة، وأعتقد أن تنفيذ هذا المشروع سيدعم خلق فرص العمل وعودة الناس.
- في اليوم الأخير من الزيارة، وبمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لمنظمة "جذور السلام" واليوم العالمي للمرأة، تم تنظيم حفل عشاء في متحف باكو نوبل للسلام المعروف باسم ألفريد نوبل. ليس من قبيل المصادفة أن هذه الذكرى جرت في متحف ألفريد نوبل للسلام.
- نعم، تنظيم هذا الحفل في هذا المكان له معنى رمزي، ومن ناحية ثانية، حصلت هايدي كون نفسها على أول جائزة لأخلاقيات الأرض من ماركوس نوبل، ابن شقيق ألفريد نوبل، التي قدمها لها في الأمم المتحدة في عام 2018، ومن ناحية أخرى، أنفق ألفريد نوبل نفسه جميع أرباحه كمخترع للديناميت على السلام، ولهذا السبب، كان لوجود هايدي معنى خاص.
أثناء وجودها في المتحف، أجرت مكالمة هاتفية مع ورثة نوبل وأبلغتهم بمشكلة الألغام في أذربيجان، وفي المستقبل، دعت هايدي عائلة نوبل للمشاركة في مبادرة أذربيجان للأعمال المتعلقة بالألغام، وأعتقد أنهم سيساهمون أيضاً في حل هذه المشكلة.
- ما هو انطباع هايدي كون بعد مغادرة أذربيجان؟ متى ستزور أذربيجان مرة أخرى؟
- جاءت هايدي كون إلى أذربيجان كصديقة وغادرت هنا كشخص أصلي. هي( امرأة من العالم). تعمل السيدة كون من أجل رفاهية الأشخاص الذين قضوا حياتهم في سلام لسنوات عديدة. خلال زيارتها ، رأت بأم عينيها مدى الكارثة الكبرى التي تواجهها أذربيجان وشاهدتها بوضوح. منظمتنا على اتصال دائم بمنظمتها ولدينا برنامج مشترك. ومن المتوقع أن تقوم هايدي كون بزيارة أخرى لأذربيجان في الذكرى الثلاثين لتأسيس صندوق الصحافة الأوراسيا الدولي في سبتمبر. بالإضافة إلى ذلك ، نخطط لعقد عدد من الأحداث في كل من أذربيجان وخارجها.
- السيد أومود ميرزايف، شكرا لكم على هذا الحوار الصريح.
- شكرا جزيلا!
ساعدت منظمة "جذور السلام" أكثر من مليون مزارع وعائلة في ثماني دول، بما في ذلك أفغانستان، وأنجولا، والبوسنة والهرسك، وكمبوديا، وكرواتيا، والعراق، وإسرائيل، وفلسطين، وفيتنام، إلى جانب ذلك، ساهمت المنظمة بشكل مباشر حتى الآن في إزالة أكثر من 100 ألف لغم من ساحات القتال السابقة لهذه الدول، وقامت بتسهيل تنظيف الذخائر غير المنفجرة، ودعم المزارعين المحليين لزراعة محاصيل تصدير عالية القيمة، الأمر الذي ساهم في انقاذ آلاف الأسر من الفقر.
أصبحت هايدي كون، التي أدرجت في قائمة مجلة فوربس لأكثر من 50 امرأة في أوائل العام الماضي، وهي واحدة من أكثر من 50 امرأة فوق سن الخمسين، مشهورة بمهمتها وأنشطتها في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين.
فازت منظمة "جذور السلام" بالعديد من الجوائز، بما في ذلك جوائز "سكول" لريادة الأعمال الاجتماعية لعام 2006، وجائزة جاكلين كينيدي أوناسيس للخدمة العامة في عام 2018، وحصلت على أول جائزة لأخلاقيات الأرض من ماركوس نوبل، ابن شقيق ألفريد نوبل، التي قُدمت لها في الأمم المتحدة في نيويورك في عام 2019، وأصبحت هايدي أول أمريكية تحصل على جائزة عائلة غاندي العالمية بمناسبة مرور 150 عاماً على مولد المهاتما غاندي في نيودلهي.
ينقل كتابها "الرائد" الذي نُشر في أبريل 2020 "ذكرى ونداء للعمل"، تجربة هايدي الرائدة في تدمير الألغام الأرضية وتقوية جذور السلام في العالم.