أفغانستان حكاية لم تبدأ فصولها بعد

مقالات 14:00 20.10.2021
د. خالد مفضي الدباس
 

 

تعد الكتابة في الشأن الافغاني مسألة شائكة، ولا يشوبها الاستسهال، وهي قضية تغيب فيها البراءة المعرفة قصريا، وتخضع بالضرورة للتلوين الأيديولوجي، ونظرية المؤامرة حاضرة فيها بقوة، ومن يغفل هذه الحقائق فهو لا يبصر جيدا، فالاستراتيجي الجيد من يفكر بطريقة سيئة في تحليل السياسة الدولية.
 فالموقع الاستراتيجي لأفغانستان كان بمثابة اللعنة التي جرت عليها ويلات الحروب، وفتحت شهية مطامع الدول الكبرى، فهي تقع في قلب اسيا، بين غرب اسيا، والتي تشمل دول الشرق الأوسط، وبين اسيا الوسطى، وهي بذلك تقع على مفترق الطرق الرئيسية في اسيا، ومع انها دولة حبيسة ليس لها سواحل على البحار، فإنها محاطة بعدد من الدول المهمة، كالصين، وإيران، وباكستان، وهي الدول التي تخشاها الولايات المتحدة الامريكية، بالإضافة الى طاجكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان، وهنا مربط الفرس.
فالولايات المتحدة الامريكية بعد هزيمتها وانسحابها من أفغانستان، لن تدع هذا البلد امنا مطمئنا، فقد حاولت السيطرة على مقدراته الاقتصادية من نفط، وغاز وغيرهما،  لكن الأمور لم تكن شهدا خالصا، فقد فشلت الإدارات الامريكية المتعاقبة في إيجاد بيئة استثمارية مناسبة تحقق لها ولشركاتها الأرباح،  فقد تم افشال المشروع الأمريكي، روسيا، وصينيا، وايرانيا، وهو ما يحتم على الإدارة الامريكية إعادة رسم سياساتها في المنطقة بما يجعل من أفغانستان محطة لإفشال المشروع الصيني، ومنع التمدد الروسي ، وتهديد الامن الإيراني، وإبقاء المنطقة مشتعلة، بفتيل أفغاني.
فجميع هذه الدول تملك مصالح مختلفة في أفغانستان، وهي مصالح متضاربة مع المصالح الامريكية، وهو ما يرجح القول ان المنطقة ستبقى مشتعلة، وان أفغانستان لن تشهد استقرار؛ ولذلك فان الولايات المتحدة تريد إعادة أفغانستان الى المربع الأول، واشعال المنطقة من جديد.
وتدرك كلا من الصين وإيران وروسيا حقيقة ما تبغيه الولايات المتحدة الامريكية، ولذلك فقد اجرت هذه الدول اتصالات مع حركة طالبان. فالصين تريد ضمان حدودها الامنة مع أفغانستان مع انها لا تتجاوز السبعين كيلومترا، ويشكل  المنطلق الاقتصادي الأساس الذي تتكئ عليه الصين في مصالحها بأن تبقى أفغانستان مستقرة  لفتح الطريق امام الاستثمارات الصينية الضخمة في مشروع طريق الحرير الصيني، ويعرف المشروع رسميا باسم “الحزام والطريق” وهو مشروع اقتصادي ضخم يقوم على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط  جمهورية الصين بالعالم عن طريق استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية،  فهو مشروع عملاق تشارك فيه حوالي 123 دولة، وتريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وأميركا الجنوبية والوسطى، ليشكل أكبر مشروع بنية تحتية في العصر الحديث، ويشتمل على بناء طرق برية وبحرية، بما يستلزمه ذلك من اقامة مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية، وهو مشروع ترتعب منه الادارة الامريكية، وسيشق طريقه غربا عبر الاراضي الأفغانية.
من جهة أخرى، تدرك الصين مليا ان الولايات المتحدة الامريكية ستعمل على اشعال موضوع الأقليات في داخل الصين، وتحديدا اقلية الايغور المسلمة، على الحدود الصينية الأفغانية، خاصة بعد ان تواردت الانباء الاستخباراتية عن قيام الولايات المتحدة الامريكية بنقل الالاف من المقاتلين من سوريا الى أفغانستان.
أما ايران،  فتربطها بأفغانستان علاقات تاريخية، وحضارية، وثقافية مشتركة، كما يزيد طول حدودها  مع أفغانستان عن الالف كيلومتر، ولذلك فقد كان التخلص من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان على حدودها الشرقية امرا حيويا، واستراتيجيا،  لأنه يهدد امنها القومي ومكانتها الاقليمية،  وقد شكل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان انتصار استراتيجيا لها ، وخطوة اولى لانسحاب القوات الامريكية من  غرب اسيا، كما عززت الهزيمة الامريكية النكراء في افغانستان الموقف التفاوضي الإيراني وخاصة في الملف النووي الايراني فلم تعد الولايات المتحدة الامريكية تحاصر ايران من كل الجهات.
اما المصالح الروسية في أفغانستان، فهي كائنة، فلا تريد من ان تصبح أفغانستان بؤرة ساخنة لإشعال الفتيل في المنطقة الاسيوية المحيطة بروسيا، فقد أعلنت روسيا  مواصلة تدريباتها العسكرية المشتركة مع دول الشمال الافغاني ، مع كل من تركمنستان وطاجيكستان واوزبكستان ، وهو ما يومي بالشارة الى ان روسيا تعمل على تعزيز وجوده العسكري في هذه الدول ، منعاً لانتقال اي فوضى محتمله من افغانستان الى تلك الدول  المجاورة لروسيا، خاصة ان تقارير المخابرات الروسية اشارت الى نقل الالاف من مقاتلي داعش من سوريا الى أفغانستان تحت اشراف الولايات المتحدة الامريكية، وتمركزهم على الحدود الشمالية الشرقية لأفغانستان القريبة من الصين، وروسيا، ودول اسيا الوسطى. فقد سعت الدول الغربية تاريخيا الى التصدي للتوسع الروسي في اسيا الوسطى، فقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية جمهورية الشيشان عن الاتحاد الروسي عام ١٩٩٤، وتم نقل الاف المسلحين المقاتلين من افغانستان الى الشيشان لمقاتلة القوات الروسية التي عارضت موضوع الانفصال، وفي عام 2008 ساندت الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها الغربيين جورجيا في حربها ضد روسيا بهدف تهديد الامن القومي الروسي، ودفعها نحو الانكفاء الى الداخل.
من الواضح جليا ان أفغانستان الحلقة الأضعف في منظومة الاستقطاب الدولي بين القوى الرئيسية المتصارعة، وستصبح الصفيح الأكثر سخونة، فالولايات المتحدة الامريكية تريد افشال المشروع الصيني، وتهديد الامن الروسي، والإيراني، وتريد رد الاعتبار بعد هزيمتها في أفغانستان، لعلمها ان تلك الدول، قد اسهمت في احقاق الهزيمة الامريكية، في المقابل لن ترضخ تلك القوى الصاعدة (الصين، وروسيا، وإيران) خاصة الصين بإفشال مخططاتها الاقتصادية، وهذا يعني اننا على اعتاب مرحلة جديدة تمثل مخاضا نحو احقاق نظام دولي جديد.
أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة اليرموك، واكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية.
 
علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

كاف يقرر اعتبار اتحاد الجزائر خاسرا 3-صفر بعد أزمة قميص نهضة بركان
18:00 26.04.2024
محام : أرمينيا تمارس استراتيجية التطهير العرقي
17:23 26.04.2024
أمريكا تستعد لسحب قواتها من تشاد والنيجر
17:00 26.04.2024
محام بمحكمة العدل : أرمينيا شردت ملايين الأذربيجانيين
16:31 26.04.2024
فريق إزالة الألغام يزور اغدام
16:03 26.04.2024
انتهاء الاجتماع الثنائي بين علييف وشولتز
14:52 26.04.2024
ما هي تفاصيل اتفاقية السلام المرتقبة بين أذربيجان وأرمينيا ؟ خبير سياسي يجيب
14:20 26.04.2024
علييف : أجندتنا الخضراء تتطور
13:15 26.04.2024
انطلاق اجتماع علييف مع شولتز
13:00 26.04.2024
علييف : تجهيزات استضافة أذربيجان لقمة المناخ مستمرة
12:32 26.04.2024
وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت وصاية الحكومة
12:30 26.04.2024
مجموعة بريكس لن تتخلى عن إنشاء عملة موحدة
12:15 26.04.2024
علييف يلقي خطابًا خلال مشاركته في منتدي بطرسبرغ الخامس عشر للمناخ
12:11 26.04.2024
علييف يشارك في منتدي بطرسبورغ الخامس عشر للمناخ في ألمانيا
12:01 26.04.2024
ليبيا وإثيوبيا تبحثان عودة تعاونهما في مختلف المجالات
12:00 26.04.2024
طلاب في مواجهة حكومات الغرب... عندما تكشف غزة عورة الحرية
11:45 26.04.2024
رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا
11:30 26.04.2024
حماس وفتح ستعقدان لقاء في بكين لمناقشة إنهاء الانقسام الداخلي
11:15 26.04.2024
انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي بخان يونس خلال 5 أيام
11:00 26.04.2024
الولايات المتحدة تبدأ مناقشة انسحاب قواتها من النيجر
10:43 26.04.2024
اللحوم تلحق بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية
10:30 26.04.2024
للوصول إلي القمر ... منافسة شديدة بين الولايات المتحدة والصين – تحليلات
10:25 26.04.2024
الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحققين مستقلين
10:16 26.04.2024
العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل مشنقة حول رقبة واشنطن نفسها
10:00 26.04.2024
العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغزة
09:45 26.04.2024
الإمارات تتعاون مع إندونيسيا للحد من تسرب النفايات إلى المحيطات والأنهار
09:30 26.04.2024
إقالة رئيس البرلمان البلغاري
09:15 26.04.2024
5 دول تخطط لقرار مشترك للاعتراف بدولة فلسطين
09:00 26.04.2024
حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
جميع الأخبار