الدور الأمريكي لمنع اندلاع حرب إقليمية واسعة بين إيران وإسرائيل

مقالات 12:30 15.04.2024

ما حدود الدور الذي ستلعبه الإدارة الأمريكية في الحرب بين إيران وإسرائيل؟ وهل تستجيب حكومة بنيامين نتنياهو لمطالب إدارة جو بايدن؟ وإلى أي مدى يمكن أن تشارك الولايات المتحدة في حرب إقليمية أوسع؟

      خرجت حرب الظل أو الحرب بالوكالة التي استمرت لسنوات بين إسرائيل وإيران إلى العلن عندما شنت إيران هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل رداً على غارة إسرائيلية في سوريا أدت إلى مقتل عديد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.

      ومع انخراط القوات الأمريكية المنتشرة بالمنطقة في الدفاع عن إسرائيل ومطالبتها الطرفين بعدم التصعيد، يبقى السؤال هو ما حدود الدور الذي ستلعبه الإدارة الأمريكية؟ وهل تستجيب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمطالب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؟ وإلى أي مدى يمكن أن تشارك الولايات المتحدة في حرب إقليمية أوسع؟

      منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، سعت الإدارة الأمريكية إلى كبح جماح كل من إسرائيل وإيران عن الانزلاق في حرب أوسع، حتى عندما قتلت الميليشيات التابعة لإيران ثلاثة جنود أمريكيين في يناير الماضي، ردت الولايات المتحدة بطريقة منضبطة ومحسوبة، أدت إلى ردع إيران وميليشياتها الوكيلة، وحالت في الوقت نفسه دون اتساع نطاق الحرب من غزة إلى مساحات أوسع.

      غير أن هجوم إيران على إسرائيل باستخدام ما بين 200 و300 من الصواريخ الباليستية وطائرات الدرون، يضع المنطقة على شفا حرب أوسع لا يبدو أن أحداً يريدها فعلياً، لكن الواقع هو أن ما حدث ليس توسيعاً للحرب في غزة، وإنما نتيجة طبيعية لذلك.

     ولأن هذه هي المرة الأولى التي تشن فيها إيران هجوماً مباشراً على إسرائيل، فإنها تحطم عتبة الصراع السابقة في الحرب الطويلة الأمد بين البلدين، مما يخرجها من الظل إلى النور، وفي أحسن الأحوال يكاد يكون من المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيرد ويتخذ خطوات لمهاجمة أهداف داخل إيران، بطريقة محددة بحيث لا تؤدي إلى رد إيراني كبير.

      لكن في أسوأ الأحوال قد يكون الرد الإسرائيلي مكثفاً، ويشمل قصف مواقع إيرانية مهمة، وفقاً لضابط الاستخبارات الوطنية الأمريكية السابق للشرق الأدنى جوناثان بانيكوف، على اعتبار أننا في بداية حقبة جديدة، تكون فيها إيران مستعدة للرد مباشرة على الهجمات الإسرائيلية، وبذلك تخاطر بالانتقام.

      يمثل الهجوم الإيراني بالصواريخ الباليستية وطائرات الدرون على إسرائيل المرحلة التالية من البحث عن التوازن والردع المتبادل في الشرق الأوسط، ذلك أن السبب المباشر للهجوم الإيراني هو الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل عديد من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني، مما جعل الرد الإيراني حتمياً، كما كان الهجوم الإسرائيلي في الأول من أبريل الجاري نتيجة لمحاولاتها المستمرة لإعادة بناء الردع ضد إيران في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، بحسب العضو السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي دانييال موتون.

      وفي حين حذرت إسرائيل والولايات المتحدة إيران من تنفيذ الهجوم، إلا أن قيادتها أدركت أن ثمن عدم الهجوم أعلى من الهجوم نفسه، لأنه كان يتعين على طهران إعادة توازن معادلة الردع في مواجهة إسرائيل، ومع ذلك فإن نجاح الولايات المتحدة وإسرائيل في اعتراض جميع طائرات الدرون والصواريخ القادمة من إيران يمكن أن يسمح لإسرائيل الرد بعقلانية وربما إغلاق الصراع الحالي بين البلدين.

      ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حاول لجم حكومة نتنياهو عن الرد على طهران، إذ أكد في بيان أصدره البيت الأبيض أن إسرائيل أظهرت قدرة عالية على هزيمة الهجمات الإيرانية غير المسبوقة، وبعثت برسالة واضحة لخصومها بأنهم لا يستطيعون فعلياً تهديد أمن إسرائيل، كما كشفت وسائل إعلام أمريكية عن أن بايدن أوضح لنتنياهو في مكالمة هاتفية عقب الهجوم الإيراني أن الولايات المتحدة لن تشارك إسرائيل في أي هجوم ضد إيران، وإن كانت لا تزال ملتزمة الدفاع عنها.

       غير أن إسرائيل التي بدت منذ هجومها على القنصلية الإيرانية بدمشق غير مبالية بالتداعيات، تدرك أنها تتمتع بميزة موقتة تتمثل في زيادة القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، التي تعد بمثابة بوليصة التأمين لإسرائيل، فقبل عام واحد فقط، كان لدى الولايات المتحدة جزء صغير من الطائرات العسكرية والسفن الحربية الموجودة الآن في المنطقة.

      ويخشى عديد من الخبراء الاستراتيجيين في الولايات المتحدة ألا تمتثل حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة لطلبات الإدارة الأمريكية، بسبب رغبتها في عدم الظهور بموقف ضعيف إقليمياً وعالمياً في مواجهة إيران بصرف النظر عن نجاح أو فشل الهجوم الإيراني، لأن إسرائيل تشعر بأن عليها أن تتحرك وترد على إيران بينما تتمتع بوجود قوي للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي تدرك تماماً أنه لا توجد ضمانات بعدم حدوث دورة تصعيدية أخرى في مرحلة لاحقة، في وقت أوضح فيه كبار المسؤولين في البنتاجون مراراً أنهم يريدون سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وإعادة نشرها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا.

      وفيما طالب مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) نظراءهم الإسرائيليين باطلاعهم على أي خطط للرد من جانب إسرائيل، تبرز قضية لم يتم حلها بين واشنطن وتل أبيب وهي الافتقار إلى الشفافية، إذ لم يخطر القادة الإسرائيليون الولايات المتحدة بضربتهم القنصلية الإيرانية في مطلع أبريل الجاري، ويخشى الأمريكيون أن تعمد حكومة نتنياهو إلى تكرار تجاهل النصائح الأمريكية بما قد يؤدي إلى عواقب تورط الولايات المتحدة في صراع إقليمي أوسع.

      وما يزيد من أخطار التصعيد أن إيران تشعر أنها ردت بما فيه الكفاية على الهجوم الإسرائيلي على منشآتها، وروجت ما تصفه بالانتقام المرير ضد إسرائيل لدى الميليشيات الوكيلة لها بهدف حفظ ماء الوجه والزعم بالانتصار، وهو ما يعكسه حرص النظام الإيراني على دفع مؤيديه إلى الاحتفال في الشوارع بهذا الرد العسكري، وحشد الإيرانيين المؤيدين للنظام عند قبري قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة في 2020، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في لبنان وسوريا العميد محمد رضا زاهدي، الذي اغتالته إسرائيل في الأول من أبريل الجاري.

      ويعتقد البعض في الولايات المتحدة أنه كان بإمكان إيران أن تختار رداً أقل على الهجوم الذي وقع في الأول من أبريل الجاري على قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في دمشق، لأنه بغض النظر عن نجاح أو فشل الهجوم الإيراني من منظور عسكري، فإنه من منظور سياسي سيكون هناك تأثير دائم لإطلاق مئات الصواريخ وطائرات الدرون من الأراضي الإيرانية على الأراضي الإسرائيلية، أكثر من تأثير الهجمات الأخيرة وما آلت إليه.

      ويعود هذا التأثير الدائم إلى أن إيران اعتمدت على مدى سنوات طويلة سياسة إنكار مسؤوليتها عندما تستخدم وكلاءها لمهاجمة أهداف داخل إسرائيل ودول أخرى، لكن الآن أزيل هذا القناع باستهداف إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية لتصبح المعركة مكشوفة للجميع، وفقاً لنائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لمكافحة الإرهاب توماس واريك.

      مع إعلان حركة حماس رفضها المقترحات الإسرائيلية لتبادل الأسرى والتوافق على هدنة وإدخال المساعدات في نفس يوم توجيه إيران هجومها على إسرائيل، تكون رسالة مباشرة قد وصلت إلى حكومة نتنياهو مفادها أن توسع الصراع مع إيران سيؤدي إلى نتائج عكسية لأهداف إسرائيل المعلنة مسبقاً في التخلص من حماس في قطاع غزة إذا كانت إسرائيل لا تزال تعطي الأولوية لذلك، لأن حرباً موسعة مع إيران ستحول أولويات تل أبيب باتجاه طهران وحلفائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن فضلاً عن حماس في غزة.

      وإذا كان النظام الإيراني أوضح عبر الهجوم الأخير الذي تعتبره طهران انتصاراً أن إسرائيل في حاجة إلى بذل كل ما في وسعها لتحقيق السلام، فقد ترى حكومة نتنياهو الأكثر تشدداً في تاريخ إسرائيل أن القضاء على التهديد الذي تمثله حماس هو السبيل الأفضل الآن، وإلا فإن إسرائيل ستواجه موجات أخرى من الهجمات الصاروخية من الدول والأراضي المجاورة، وليس من مسافة عدة ساعات.

طارق الشامي

صحفي متخصص في الشؤون الأمريكية والعربية

 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار