نادر خميس الترك
هناك حاجة ملحة لدراسة معمقة لخطة الحزام والطريق الصينية الهادفة إلى إعادة إحياء وتطوير الطرق التجارية البرية والبحرية القديمة مع تحليل أبعادها الجيوسياسية والاقتصادية الحالية مع إستشراف للمستقبل لأن الموضوع مهم جدا وسيكون له تأثير كبير على الصين ومحيطها الإقليمي وعلى المجتمع الدولي ككل، وتحليل ودراسة ردود الفعل الإقليمية والدولية ومواقف الدول المؤيدة والمعارضة للمشروع سيوضح أبعاده والدول المستفيدة والمتضررة منه.
وأنا لا أتفق مع التحليلات التي تعتبر مبادرة الحزام والطريق إحتلال إقتصادي صيني لأن السياسة الصينية تعتمد على التعاون مع الشركاء لتحقيق مصالح مشتركة، ولكن كون الصين الطرف الاقوى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا فمن الطبيعي أن تبدو مصالحها أكبر خاصة وإنها صاحب المشروع ومبتكر فكرة الحزام والطريق.
وأعتقد أنه من المهم التركيز بشكل رئيس على الجزء الخاص بالممر الإقتصادي الباكستاني الصيني لأنه حسب توقعي وتحليلي الشخصي سيكون الجزء المركزي والأهم والأكثر تأثيرا على مستقبل الفكرة والمشروع على المستويين الإقليمي والدولي.
الممر الإقتصادي الباكستاني الصيني من مشروع الحزام والطريق يؤمن طريق بري طويل وآمن إلى منطقة بحر العرب ويشمل توسيع وتطوير ميناء جوادر الباكستاني مما سيؤثر على مصالح الهند وعلى مستقبل موانيء المنطقة بما فيها عمان ودبي ، كما يؤمن طريق بري إلى أفغانستان وإيران ودول وسط آسيا وبالتالي مصادر غنية للطاقة سواء كانت حقول الغاز أو البترول عدا عن بعض المنتجات الزراعية وغيرها بما فيها وصول الصين إلى مناجم المواد أو المعادن النادرة في أفغانستان مما يؤمن لها المواد الخام اللازمة لتصنيع الموصلات وأشباه الموصلات التي تعتبر ركيزة هامة لأي تطور تقني وتكنولوجي مستقبلي للصين والعالم.
التقارير تتحدث مؤخرا عن أن الصين تواجه مشاكل بالكهرباء حيث 70% من طاقتها الكهربائية تعتمد على الفحم " 90 % من الفحم إنتاج صيني و10% تقريبا مستورد" نتيجة ظهور مشاكل في إمدادات الفحم بسبب غرق بعض مناجم الفحم الصينية في الفيضانات وبعض المعيقات الأخرى، مع العلم أن هناك خطة صينية على مدى الثلاثون عاما القادمة للاستغناء عن الفحم كمصدر لتوليد الطاقة بسبب ما يسببه من تلوث البيئة بالكربون تنفيذا لرؤية والتزامات الرئيس الصيني أمام المجتمع الدولي والتي تشكل إسهاما من الصين بالحد من إنبعاثات الكربون وتأثيرها السلبي على طبقة الأوزون وتغير المناخ العالمي، وبالتالي فإن الوصول لمصادر الطاقة في إيران وأفغانستان ودول آسيا الوسطى ستوفر بديل مستدام للطاقة يشكل بديلا للفحم .
مشروع الحزام والطريق يبني علاقات متبادلة على المستويين الإقليمي والدولي تركز على التكامل والتعاون والمصالح المشتركة بين الدول بشكل يعزز السلام والاستقرار الإقليمي كمصلحة إستراتيجية عليا للجميع وبالتالي سيؤثر على مصالح دول كبرى، والتطورات الأخيرة في أفغانستان وإيران سيكون لها تأثير كبير على المشروع والأيام القادمة ستحمل تطورات هامة .
الصين تسير بخطوات ثابتة ومتسارعة ضمن خطة مدروسة بدقة وبشكل متكامل بهدف الوصول إلى أن تكون الإقتصاد الأول في العالم ونقطة الارتكاز المفصلية للاستقرار الإقليمي والدولي والمتحكم الرئيس بطرق التجارة الرئيسة بالعالم ضمن مشروع الحزام والطريق.