حدود المقامرة الأمريكية فى أوكرانيا

مقالات 11:05 06.05.2022
      منذ بداية الحرب فى أوكرانيا، كان لدى إدارة جو بايدن خطا أحمر واضحا جدا تؤكد على أنها لن تعبره. وهذا الخط هو أن القوات الأمريكية لن تتدخل فى القتال ضد القوات الروسية الغازية فى أوكرانيا؛ حيث إنها دولة لا تتمتع بعضوية حلف شمال الأطلنطى "الناتو".   
      وقال بايدن "كما تعلمون أن تدخل قواتنا من شأنه أن يؤدى إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة". وأكد بايدن أن بلاده ستتدخل عسكريا فقط للدفاع عن كل شبر من أراضى دول حلف الناتو إذا تعرضت أى منها لأى اعتداء.
     لكن من شأن متابعة دقيقة لتطورات وخطوات التعامل الأمريكى تجاه الحرب الأوكرانية أن تترك بعض الشكوك فى مصداقية تأكيدات واشنطن بعدم التدخل فى الصراع بصورة مباشرة، سواء تم ذلك برغبتها المباشرة، أو أنها ستضطر للتدخل رغما عنها.
      وأتصور أن ما تشهده ساحة التعامل الأمريكى مع الحرب فى أوكرانيا خلال الأسبوعين الأخيرين، ما هو إلا اقتراب أمريكى أكثر وأكثر من الخط الأحمر السابق الإعلان عنه بتجنب التورط فى القتال.  
      منذ بداية أزمة أوكرانيا، هدف الرئيس بايدن لعدم جعلها أزمة روسية أمريكية، وأراد أن يصورها فقط كأزمة تتعلق بسيادة أوكرانيا وانتهاكات روسيا للقانون الدولى. وتبنت واشنطن سياسة مبدئية ثلاثية الأبعاد، أولها تمثل فى فرض عقوبات ضخمة على روسيا، وثانيها تمثل فى إرسال آلاف الجنود الأمريكيين للانتشار فى دول حلف الناتو القريبة من أوكرانيا، وثالثها تقديم مساعدات عسكرية ومالية للجانب الأوكرانى.
     إلا أن هذه الاستراتيجية شهدت تطورا وتغييرا دفع بوزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف للتهديد بما تعتبره بلاده عداء أمريكيا سافرا يتمثل فى تقديم أسلحة هجومية للجانب الأوكرانى بما يتسبب فى مقتل مئات وربما آلاف الجنود الروس.
     وتحدث لافروف عن الخطر المتزايد لحرب نووية أو لاشتعال حرب عالمية ثالثة، وقال الوزير الروسى قبل أيام إن "المخاطر الآن كبيرة" عند تقييم احتمال تحول الحرب فى أوكرانيا إلى صراع نووى.
       قبل أيام طالب الرئيس بايدن الكونجرس بتخصيص تمويل إضافى بقيمة 33 مليار دولار بهدف زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا لتمكينها من مواجهة الجيش الروسى. وقال بايدن، نحن بحاجة إلى مزيد من الأموال لضمان استمرار الولايات المتحدة فى إرسال الأسلحة وتقديم المساعدة الإنسانية لأوكرانيا.  
      واستشهد بايدن فى بيان طلبه المالى الضخم بتأثير المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا حيث اعتبرها السبب وراء صمود الأوكرانيين فى ساحة المعركة، حيث ساعدتهم فى الدفاع عن بلادهم والانتصار فى معركة السيطرة على العاصمة كييف. وناشد بايدن الكونجرس بالإسراع بتخصيص الـ 33 مليار دولار للمساعدة فى ضمان انتصار الديمقراطية فى أوكرانيا على عدوان بوتين على المدى الطويل.  
     ويوميا وعلى مدار الساعة، تصل أوكرانيا أسلحة وذخائر أمريكية بما فى ذلك أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات والمروحيات والطائرات بدون طيار وقاذفات القنابل اليدوية وأكثر من 50 مليون طلقة من الذخيرة.
      إضافة إلى تقديم السلاح، تبذل واشنطن جهودا مضنية لدعم الجانب الأوكرانى استخباراتيا وماليا مع تجنب الظهور بأنها فى مواجهة مباشرة مع روسيا.
      وعلى الرغم من رفض جهاز الخدمة السرية الخاص بحماية الرئيس بايدن قيامه بزيارة كييف، قررت واشنطن إرسال وزيرى الخارجية أنتونى بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن معا. ومثلت زيارة الوزيرين، وما أعقبها من زيارة كبار أعضاء الكونجرس لكييف ولقائهم مع الرئيس فلوديمير زيلينسكى خطوة هامة إضافية فى التصعيد الأمريكى وإظهار الدعم الكامل لأوكرانيا فى الوقت ذاته.
      وعقب زيارته لكييف، سُئل وزير الدفاع أوستن عن أهداف واشنطن فى أوكرانيا، رد بالقول "نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة أنها لا تستطيع القيام بما قامت به فى غزو أوكرانيا مرة أخرى". وببساطة يعنى ذلك أن تخرج روسيا من الصراع الأوكرانى دولة ضعيفة استراتيجياً، وأشارت تصريحات الوزير إلى أن هدف واشنطن الحقيقى هو إضعاف القوة العسكرية الروسية لسنوات قادمة.
      ثم شكلت واشنطن مجموعة اتصال من 40 دولة، اجتمعت الشهر الماضى فى ألمانيا، بهدف تنسيق إعادة تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية على المدى الطويل. وأعلنوا أن أوكرانيا ستبدأ بمرور الوقت فى استخدام أنواع الأسلحة الحديثة التى تستخدمها جيوش الناتو، وما يستتبعه ذلك من تدريبهم على استخدامها.
      وقامت واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة بتدريب الآلاف من الأوكرانيين خارج البلاد على الأسلحة ثم نقلوها لداخل أوكرانيا.   
      فى بداية الحرب، ذكرت واشنطن أن أهدافها فى هذا الصراع تتعلق بأوكرانيا أكثر مما تتعلق بروسيا. كان الأمر يتعلق بمحاولة إدارة بايدن دفع الروس إلى سحب قواتهم بعيدا عن الحدود، وشمل ذلك محاولات إقناع الروس بالدخول فى مفاوضات وعملية دبلوماسية مع الأوكرانيين. وتزامن ذلك مع فرض عقوبات اقتصادية لزيادة تكلفة الحرب بالنسبة لروسيا.
      وبعد بدء القتال ودخول الحرب أسبوعها العاشر، تغير موقف واشنطن لتنظر إلى فرصة متاحة لانتصار أوكرانيا فى الحرب الجارية، وذكر بلينكن "لقد انتصر الأوكرانيون بالفعل. لقد هزموا الهدف الأول للروس المتمثل فى الاستيلاء على البلاد بأكملها، الروس اضطروا إلى التراجع بعد تكبدهم خسائر فادحة".  
      ما تقوم به واشنطن يعكس مسارا محفوفا بالمخاطر من عدة جهات، ويمكن أن يسير الدعم الأمريكى لأوكرانيا على نحو خاطئ. ففى الوقت الذى تشحن فيه واشنطن أسلحة فعالة وأسلحة ثقيلة بسرعة شديدة إلى أوكرانيا، يعتبر الروس هذا عملا هجوميا. وعلينا أن نتخيل أنه فى مرحلة ما، سيقول الروس، إننا سنستهدف هذه الشحنات داخل أراضى حلف الناتو سواء فى بولندا أو رومانيا. وهذه هى اللحظة التى لا يريدها أحد، فقد تعهد بايدن مرارا وتكرارا بأنه سيدافع عن كل شبر من أراضى الناتو،  وهذه هى المقامرة الكبيرة التى يخوضها جو بايدن دون أن يدرى.
 
 
عن صحيفة الشروق  
محمد المنشاوي    
كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن    
للتواصل مع الكاتب
 
علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

كاف يقرر اعتبار اتحاد الجزائر خاسرا 3-صفر بعد أزمة قميص نهضة بركان
18:00 26.04.2024
محام : أرمينيا تمارس استراتيجية التطهير العرقي
17:23 26.04.2024
أمريكا تستعد لسحب قواتها من تشاد والنيجر
17:00 26.04.2024
محام بمحكمة العدل : أرمينيا شردت ملايين الأذربيجانيين
16:31 26.04.2024
فريق إزالة الألغام يزور اغدام
16:03 26.04.2024
انتهاء الاجتماع الثنائي بين علييف وشولتز
14:52 26.04.2024
ما هي تفاصيل اتفاقية السلام المرتقبة بين أذربيجان وأرمينيا ؟ خبير سياسي يجيب
14:20 26.04.2024
علييف : أجندتنا الخضراء تتطور
13:15 26.04.2024
انطلاق اجتماع علييف مع شولتز
13:00 26.04.2024
علييف : تجهيزات استضافة أذربيجان لقمة المناخ مستمرة
12:32 26.04.2024
وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت وصاية الحكومة
12:30 26.04.2024
مجموعة بريكس لن تتخلى عن إنشاء عملة موحدة
12:15 26.04.2024
علييف يلقي خطابًا خلال مشاركته في منتدي بطرسبرغ الخامس عشر للمناخ
12:11 26.04.2024
علييف يشارك في منتدي بطرسبورغ الخامس عشر للمناخ في ألمانيا
12:01 26.04.2024
ليبيا وإثيوبيا تبحثان عودة تعاونهما في مختلف المجالات
12:00 26.04.2024
طلاب في مواجهة حكومات الغرب... عندما تكشف غزة عورة الحرية
11:45 26.04.2024
رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا
11:30 26.04.2024
حماس وفتح ستعقدان لقاء في بكين لمناقشة إنهاء الانقسام الداخلي
11:15 26.04.2024
انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي بخان يونس خلال 5 أيام
11:00 26.04.2024
الولايات المتحدة تبدأ مناقشة انسحاب قواتها من النيجر
10:43 26.04.2024
اللحوم تلحق بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية
10:30 26.04.2024
للوصول إلي القمر ... منافسة شديدة بين الولايات المتحدة والصين – تحليلات
10:25 26.04.2024
الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحققين مستقلين
10:16 26.04.2024
العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل مشنقة حول رقبة واشنطن نفسها
10:00 26.04.2024
العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغزة
09:45 26.04.2024
الإمارات تتعاون مع إندونيسيا للحد من تسرب النفايات إلى المحيطات والأنهار
09:30 26.04.2024
إقالة رئيس البرلمان البلغاري
09:15 26.04.2024
5 دول تخطط لقرار مشترك للاعتراف بدولة فلسطين
09:00 26.04.2024
حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
جميع الأخبار