مصطفي المقداد نائب رئيس اتحاد الصحفيين السوريين وعضو لجنة الحريات باتحاد الصحفيين العرب: سوريا حاربت الإرهاب نيابة عن العالم المتحضر كله .. وتكاتف الشعب حول جيشه له الفضل الأول في الانتصار وتطهير الأرض من دنس الإرهابيين
>> المصالحات خياراً وطنياً داخلياً وسجلت محليًا نجاحاً كبيراً بعدما اكتشف من حمل السلاح ضد الدولة الأكاذيب التي ساقها له المتآمرون
>> مصر لعبت دور قوي في اتفاقات خفض التوتر نابع من منطلق مكانتها السياسية والإقليمية
>> الحديث عن تغيير في التركيبة السكانية تشويش إعلامي على الحدث السوري
>> المواقف العربية من العدوان على سوريا كانت متماهية مع الموقف الإسرائيلي .. والمال الخليجي استخدم لتحقيق مخططات مخابراتية غربية صهيونية
كتب – محمود سعد دياب:
جاءت التحركات الروسية بسحب قواتها من سوريا، وتطهير الأرض بشكل شبه كامل من الدواعش والإرهابيين، لكي تؤكدان اقتراب الحرب السورية من أن تضع أوزارها مخلفة دمار وخراب عانى منه السوريون على مدار سبع سنوات كاملة؛ مع انتظار ما ستسفر عنه مباحثات جنيف وأستانا وأخواتهما.. لذا كان من المهم إجراء حوار مع الزميل الصحفي مصطفى المقداد فهو ليس صحفي عادي لكنه يشغل منصب نائب رئيس اتحاد الصحفيين السوريين وعضو لجنة الحريات باتحاد الصحفيين العرب ومدير تحرير جريدة الثورة إحدى أكبر الصحف السورية، فضلا عن كونه شاهد على ما حدث ويحدث في سوريا.. فكان الحوار معه ثري ملئ بالمعلومات الجديدة التي كانت محجوبة عن جماهير الوطن العربي المخدوع في الرسالة الإعلامية التي تقدمها الفضائيات العربية المدعومة غربيًا عن الأحداث في سوريا.
بداية.. نهنئكم بتطهير سوريا من الإرهابيين وانتصارها على محاولات هدم الدولة ونريد أن نأخذك من بداية الأحداث.. ما حقيقة ما حدث وما سببه ؟
الحمد لله أن نجا سوريا من مؤامرة تعتبر هي الأكبر في تاريخها، ونجح السوريون المحبون لبلدهم في عبور الأزمة والتكاتف حول الجيش والرئيس بشار الأسد.
وبداية الحرب على سوريا كانت مبنية على أكاذيب إعلامية وسياسية واجتماعية، بهدف اغتيال سوريا وتقويض نهضتها الزراعية والاقتصادية وفي جميع المجالات، حيث كانت سوريا تحقق فائضًا في الزراعات والخضروات وفي العلم والتعليم، وفي المجال الصناعي حدث ولا حرج حيث كانت الصناعة السورية قد انطلقت لأفاق أقلقت بعض القوى الإقليمية والدولية وشعرت أن سوريا قد تصل إلى مصاف الدول الكبرى ، فضلا عن أنها لم تكن مدينة لأي دولة أو جهة تمويل ومنح قروض، مع وجود احتياطي نقدي يقدر بـ 39 مليون دولار في البنك المركزي السوري، مبني على نمو اقتصادي تراوحت نسب نموه بين 5 : 8% سنويًا خلال أخر 10 سنوات قبل العدوان على سوريا ، بالإضافة إلى تقدم مستوى سوق العقارات، الأمر الذي جعل المواطن السوري يعيش حالة من الرفاهية والأمان –سوريا كانت تحتل المركز الثاني عالميا في الأمان- .
وما هي الأكاذيب؟
الأكاذيب التي تم ترويجها كأسباب لقيام ما أسموه بـ”الثورة ضد الفساد وانعدام الحريات والظروف الصعبة التي يعيشها المواطن السوري” بنيت على أكاذيب معتمدة على روايات اجتماعية مكذوبة بخصوص أطفال درعا ولقيت الرواية صدى واسع رغم أن الرئيس بشار الأسد أعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر وتقصي الحقائق مكونة من 9 قضاة برئاسة النائب العام السوري، وظلت اللجنة في درعا مدة أسبوعين ولم تتمكن من الاستماع لأي شخص من أولياء أمور الأطفال المزعوم احتجازهم وقتل بعضهم، حيث تم إخفائهم بشكل عمدي، حتى تزداد الأمور اشتعالا، وظهرت الحقيقة فيما بعد أن الإرهابيين كانوا يهددون أولياء الأمور بالقتل في حالة وصول أعضاء لجنة التحقيق إليهم، ولم يكتفوا بذلك بل نشروا روايات أخرى كاذبة عن سوء طريقة تعامل أعضاء لجنة التحقيق مع الأهالي، وحالة التغييب المتعمد تلك كانت سببًا في عدم قبول نتيجة التحقيق العادلة بعدم وجود أي صحة.
هل معنى ذلك أن أجهزة الدولة لم تكن متورطة في قتل من تعرض للقتل فيما بعد؟
إطلاقا .. أفراد الأمن لم يطلقوا رصاصة واحدة على متظاهر وكان أخر ما يقومون به استخدام عصي الأمن المركزي لتفريق المتظاهرين، لكن المتآمرون على سوريا اعتمدوا على قضية الدم والقتل أساس لمستقبل سوريا، لذا فقد قتلوا عمدًا عدد من المتظاهرين واتهموا أجهزة الدولة بالقتل، وتم تطبيق المسلسل نفسه في عدد من المناطق.
بما إن الأحداث كانت هكذا .. كانت الفضائيات العربية أحداث مغايرة لما تذكره في سوريا.. ما السبب؟
للأسف كانت المحطات الفضائية المعروفة ولا أريد ذكرها قد أعدت مسبقًا ستديوهات تحليلية ونشرت مراسليها في منطقة درعا وباقي مناطق التظاهرات الذين قاموا بالتصوير بطريقة معينة تظهر وجود حشود هائلة في تلك التظاهرات، وكانوا يصورون مظاهرة اسمها “المظاهرات الطيارة” وهي تقام في شوارع ضيقة يشارك فيها عدد قليل من المتظاهرين يظهر على أنه عدد ضخم يصل إلى الآلاف، فضلا عن قيامهم باستخدام نماذج شوارع تتشابه مع الشوارع السورية وتقام فيها مظاهرات يشارك فيها شباب يحملون لافتات وأعلام، لتصوير الأمر أمام العالم وكأن سوريا تغلي بالمظاهرات.
في النهاية تجد نفسك أمام عملية تزييف كاملة كانت مقدمة للتدخل العسكري من قوات الجماعات الإرهابية في سوريا بحجة حماية الثورة والمتظاهرين، وكانت تلك العملية تستهدف في البداية إسقاط قيمة الجيش كحامي للوطن، لذا كانت بداية عمليات الهجوم المسلح من نصيب قواعد إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات، وهي كانت خدمة لإسرائيل فقط التي كانت ودائما ترى في سوريا العقبة والعدو المانع لتنفيذ مخططتها في المنطقة، فضلا عن نشر عمليات تخوين ضد أي شخص يدعو للتبصر والتهدئة، ولك أن تعلم أن منزلي كان أول منزل يتم تدميره وحرقه من بداية الأحداث ووقع من عائلتي شهداء أحسبهم عند الله طالبت بمحاسبة المسئول عن ذلك.
وما هي الأهداف المدنية التي تم استهدافها في البداية .. وما دلالة ذلك؟
تم حرق في البداية قصر العدل في درعا ، وهو يمثل حصن العدالة والقضاء وكانت رسالة مهمة نظرًا لما يمثله من ركن أساسي من أركان الدولة، فضلا عن حرق مقر الأمن الجنائي فرع المخدرات، وكان الدافع وراءه رغبة تجار المخدرات في محو تاريخهم الأسود لذل دفعوا كثيرًا لمن سموا بمن قادوا التظاهرات للإقدام على ذلك الجرم.
بما تفسر المواقف العربية وقتها؟
المواقف العربية مع الأسف كانت متماهية مع الموقف الإسرائيلي من العدوان على سوريا، لماذا .. لأننا حتى لا زلنا نقول لا لأمريكا ولا لإسرائيل، وأعتقد الصورة اتضحت عند الكثيرين الآن أن المال الخليجي والمخابرات الأمريكية والأوربية والصهيونية اتحدوا بهدف تدمير سوريا واستهداف الجيش كان البداية، لأن استهداف جيش الدولة غير مقبول بأي مكان وما يحدث في مصر يوضح ما أقوله فالجميع يجمع على استنكار استهداف الجيش المصري في سيناء.
وما تأثير تلك المواقف ؟
كانت محصلة تلك المؤامرات والمواقف المخزية وجود صورة مرسومة لسوريا بحيث يتم شيطنة الدولة وتصوير الدولة وجيشها بأنهما يتآمران ضد الشعب السوري، وبدأوا بالتحركات الخارجية فيما يسمي بأصدقاء سوريا وهي الدول التي كانت تعمل لتخريب سوريا وكان عددها في البداية 103 دولة والآن لا يزيد العدد عن 11 دولة فقط لأن الصورة لم تكن واضحة لدى الكثير منهم حتى هنا في مصر الشعب المصري الشقيق كان مخدوع في عهد محمد مرسي لانعدام وجود رؤية حقيقية صحيحة تجاه النظام السياسي السوري، وبالعقل والمنطق لو كانت الصورة المأخوذة عن سوريا حقيقية لما استمر النظام سبع سنوات كاملة، بدليل أن من ضمن الافتراءات التي قيلت عن العوان في سوريا، أن المناطق التي سيطر عليها الإرهابيين في إدلب مثلا والرقة وحمص واللاذقية، لم يخرج أهلها كلاجئين خارج البلاد إلا بسبب القتل والتدمير ضدهم وممتلكاتهم من الإرهابيين أنفسهم وليس النظام كما حاولوا أن يصوروا للعالم.
هل تعني أن نظرة العالم تغيرت تجاه سوريا حاليًا ؟
بالفعل مواقف العالم كله تغيرت تجاه سوريا ويعود الفضل إلى الشعب السوري الذي تكاتف حتى لا تضيع بلاده ثم الحليف الروسي الذي لم يقصر في المساعدة التي أراها كانت حقًا لسوريا وسط المخاطر والأهوال التي واجهتها والحليف الإيراني المتواجد في سوريا على مستوى الخبراء فقط، كما تغيرت توجهات الأخرون بدءًا من السعودية حتى تركيا واختفت الشعارات التي كان يرددها أحد رؤساء الدول بالمنطقة بأنه يستعد للصلاة في المسجد الأموي بدمشق بعدما تنتهي سوريا ويسقط بشار ، واليوم كل ذلك أصبح من الماضي والجيش العربي السوري خرج من الحرب أقوى مما كان وحارب الإرهاب نيابة عن العالم المتحضر بأكمله، لأنه عندما تجد مئات الآلاف من الإرهابيين جاءوا من قرابة 80 دولة بهدف تدمير سوريا يظهر حجم العمل الجبار والمقدس الذي قام به الجيش السوري، ويكفي أن العالم كله يقف الآن مطولا عند التحذيرات السورية والرؤية التي أعلنها من البداية للعدوان وتجد المواقف المختلفة للدول الداعمة للإرهابيين ومواقفهم المتناقضة مع مواقفهم السابقة.
ولكن ما حقيقة قيام الجيش السوري بمنع وصول المساعدات القادمة من الخارج للسوريين المحاصرين في مناطق التوتر؟
كانت قوافل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، تحمل خلفيات سياسية، والجميع في سوريا يعلم أن تلك القوافل كانت تهدف إلى إيصال دعم للمسلحين الإرهابيين، فكلما ضاق الخناق على الإرهابيين ترتفع نغمة المساعدات الإنسانية وضرورة إيصالها، وهي تهدف إلى إيصال دعم للمسلحين الإرهابيين، ولكن الحقيقة هي أن الإرهابيون هم من يمنعون إيصال المساعدات الحقيقية التي تدخلها الحكومة السورية.
ما حقيقة تعمد الحكومة السورية إحداث تغيير في التركيبة السكانية؟
الحديث عن تغيير في التركيبة السكانية لا يعدو كونه تشويشاً إعلامياً على الحدث السوري ، فالإرهاب قد اجبر المواطنين على الانتقال من مناطقهم إما نتيجة المواجهات في البداية أو نتيجة الظلم والقهر في المراحل اللاحقة ، وكان الهدف الواضح من الحديث عن هذا الموضوع الزج بمقاتلي حزب الله في مسألة ذات حساسية عالية بهجف إثارة النعرات الطائفية كواحدة من الأكاذيب المستخدمة في الحرب العدوانية على سوريا، خصوصًا وأن المناطق التي تتحرك بها قوات سوريا الديمقراطية تجري فيها محاولات لتهجير بعض السكان العرب من مناطقهم، وهذا أمر غير ممكن التطبيق على الأرض لان الأكراد لا يمثلون اكثرية في المناطق التي يتواجدون فيها ، وبالتالي فإن أي حديث عن تغيرات ديموغرافية في سوريا هو محض افتراءات تعكس رغبة من قادوا العدوان على سوريا.
ما تقييمك للدور المصري في العدوان على سوريا خصوصًا اتفاقات خفض التوتر؟
لعبت مصر دوراً مهماً في اتفاقين لخفض التوتر وفرض التهدئة في منطقتين وربما تساعد في توقيع اتفاقات قادمة ما يظهر مساع لإعادة تفعيل الدور المصري في الحدث السوري من منطلق المكانة السياسية والإقليمية لمصر وضرورة العمل على مواجهة الاٍرهاب ضمن تنسيق وتبادل للمعلومات بشأن الإرهابيين وتحركاتهم خاصة وان بعض الإرهابيين ممن نفذوا العدوان على ضباط الجيش في الواحات بمحافظة الجيزة كانوا ممن حاربوا في سوريا ضمن المجموعات الإرهابية وخاصة ضمن تنظيم القاعدة.
ما الذي توصلت إليه المصالحة والوصول لحلول سياسية؟
كانت المصالحات خياراً وطنياً داخلياً بالتوازي مع الاستمرار في مواجهة الإرهاب والمضي في المسعى السياسي الدولي ، وقد سجلت المصالحات المحلية نجاحاً كبيراً بعدما تم زرع الثقة بتلك المصالحات وبعدما اتضح لمن حمل السلاح ضد الدولة الأكاذيب المحمولة على المطالَب الكاذبة وما ظهر من سوء معاملة من جانب المجموعات المسلحة التي سيطرت على بعض المناطق فقتلت وشردت وانتهكت الحرمات وارتكبت مجازر كثيرة ، ولَم يسجل انتقال أي مواطن من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى المناطق التي دنستها المجموعات المسلحة ما يعكس الحقيقة الغائبة عن الاعلام بينما يمنع المواطنون من مغادرة المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية على مدى سنوات العدوان كلها.