مستقبل طالبان السياسي

تحليلات 12:08 16.08.2021
 
أحمد محسِن
أحمد محسِن
 
طالب دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تركيا. حاصل على ماجستير السياسات العامة من معهد الدوحة للدراسات العليا، قطر
 
متابعة خطوات الانسحاب الأميركي من أفغانستان واستيلاء طالبان على ولايات أفغانية مختلفة؛ حدثان يتصدران عناوين الأخبار هذه الأيام. وفي كثير من الأحيان، يكون هذا مصحوبا بالكثير من الإعجاب بقدرة حركة مسلحة صغيرة بإمكانيات عسكرية محدودة في بلد فقير على تحقيق هذا الإنجاز السياسي والعسكري. إن صورة المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وحركة طالبان تُظهر رجالا بملابس حديثة وعصرية؛ في مقابل رجال بملابس تقليدية وبسيطة على الجهة الأخرى؛ لذلك، فإن علامات التعجب والإعجاب مما قامت به الحركة حتى الآن هي رد فعل طبيعي ومتوقع، لكن ما يظهر الآن على أنه علامات نجاح للحركة يحمل في طياته علامات أخرى تنذر بالإخفاق.
 
وقبل أن نعرض لماذا تحمل التطورات الحالية لحركة طالبات بذور الإخفاق في داخلها؛ فإنه ينبغي القول إن انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان كان قرارا متوقعا منذ فترة؛ فالجميع يعلم أنه قادم لكن التحليلات تختلف فقط في الموعد. وبشكل عام، فإن التجارب التاريخية العملية خلال العقود القليلة الماضية أظهرت بشكل واضح أن مصير الاحتلال الأجنبي هو الانسحاب في النهاية، لكن الاختلافات بين البلدان والسياقات تكون في التوقيت ومدة الاحتلال؛ ولذلك لم يكن إنهاء التواجد العسكري الأميركي في أفغانستان مفاجئا للمراقبين، كما لن يكون مستقبلا إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين مفاجئا لهم أيضا.
 
إذا كان الانسحاب الأميركي على يد حركة طالبان من أفغانستان نتيجة متوقعه؛ فإن هناك نتيجة أخرى متوقعة في المستقبل القريب في حال استمرت حركة طالبان في سياساتها الحالية، وهي الإخفاق في إدارة البلاد بشكل جيد، مع احتمالية استمرار حرب أهلية طويلة بلا خاسر ولا فائز
 
فالتجارب السابقة تخبرنا أن المعارك التي تخوضها حركات المقاومة ضد الاحتلال العسكري هي معارك تربح فيها المقاومة، ولو بعد حين. ولو أضفنا إلى ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية لديها تاريخ لا بأس به من الانكسارات العسكرية على يد قوات غير نظامية فإن ما يحدث في أفغانستان الآن لن يكون مفاجأة؛ ففي فيتنام والصومال والعراق دخلت القوات الأميركية في معارك حربية لم تستطع حسمها عسكريا، وكان الانسحاب هو النتيجة النهائية. وما حدث للقوات الأميركية في العراق على يد المقاومة العراقية لا تزال صوره وفيديوهاته متاحة للجميع.
 
وإذا كان الانسحاب الأميركي على يد حركة طالبان من أفغانستان نتيجة متوقعه؛ فإن هناك نتيجة أخرى متوقعة في المستقبل القريب في حال استمرت حركة طالبان في سياساتها الحالية، وهي الإخفاق في إدارة البلاد بشكل جيد، مع احتمالية استمرار حرب أهلية طويلة بلا خاسر ولا فائز، وهي أمور تؤدي في النهاية إلى طمع الدول الإقليمية والدولية في التأثير في الشأن الداخلي الأفغاني بشكل أكبر؛ أي أن تكون البلد عرضة مرة أخرى لمزيد من التدخل الأجنبي، والذي يمكن أن يكون عسكريا. وبعبارة أخرى، لو حدث ذلك، فإن أفغانستان تعيد بذلك تجربتها التاريخية السابقة قبل قدوم الولايات المتحدة مرة أخرى.
 
والذي يحدث الآن أن حركة طالبان تستولي على الولايات الأفغانية ولاية تلو أخرى من خلال المعارك العسكرية أحيانا أو من خلال التفاوض مع الولاة المحليين أحيانا أخرى، لكن النتيجة في الحالتين أن طالبان تحكم سيطرتها على أجزاء واسعة من أفغانستان؛ وأغلب هذه الأجزاء هي مناطق لا توجد بها أعدد كبيرة من السكان، كما أن الحركة لم تستول على العاصمة الأفغانية كابل بعد؛ لكن كل هذه تفاصيل سوف تتم مع مرور الوقت. والتقديرات الأميركية هي أن دخول طالبان إلى العاصمة كابل أصبح أمرا وشيكا، والحركة تتعامل مع الحكومة الأفغانية الموجودة في كابل على أنها حكومة عميلة موالية للمحتل الأجنبي، وتتعامل مع السلطات المحلية باعتبارها سلطات غير شرعية وتسعى لاستبدالها بسلطة أخرى بديلة هي سلطة الحركة. وهي تعمل على تحقيق ذلك مدفوعة بزهو الانتصارات العسكرية والسياسية خلال الشهور القليلة الماضية. إن علامات النجاح والانتصار تبدو أمامها في كل مكان؛ لكن هذه هي اللحظة المثالية التي تتجمع فيها الخيوط التي تؤدي إلى الهزائم لاحقا.
 
وإذا تعاملنا مع حركة طالبان باعتبارها حركة مقاومة ضد الاحتلال الأجنبي فإن تجربة حركات الاستقلال الوطنية التي تمت في الخمسينيات والستينيات يجب أن تكون حاضرة أمام أعينها. وإن إنهاء الوجود العسكري ليس نهاية الوجود الأجنبي؛ بل ربما يكون هو أسهل خطوة في إنهاء هذا الوجود، ونهاية الوجود الأجنبي يحتاج إلى إنهاء الوجود الاقتصادي والسياسي والفكري. وهذه أمور لا تنفع فيها المدافع، كما أن وفرة الشجعان والمقاتلين لا تفيد فيها كثيرا. وكثير من الدول الأفريقية والآسيوية أنهت الوجود العسكري الأجنبي بعد معارك طويلة، لكنها ظلت في النهاية أسيرة دولة الاحتلال اقتصاديا، وتسير إلى أنماطها في الإدارة وتسير شؤون الدولة. فإذا كانت الحركة تظن أنها من خلال هذه المعارك سوف تقضي على الوجود الأجنبي، فإن هذا جزء صغير من الصورة، في حين أنها تتجاهل أجزاء أخرى.
 
أما لو تعاملنا مع حركة طالبان على أنها حركة إسلامية تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية وتوسيع إمارة طالبان الإسلامية؛ فإن تجربة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يجب أن تكون حاضرة أمام أعينها. لقد كانت تجربة صعود داعش قوية وحماسية، حيث استطاعت في وقت قليل الاستيلاء على مساحة شاسعة من الأراضي في دولتين مختلفتين، كما أنها حكمت أعدادا كبيرة من السكان، وضمت لها آلاف المقاتلين من بلدان مختلفة، لكن كما كان الصعود قويا، كانت الهزائم مدوية. ولم تستطع داعش الصمود لسنوات قليلة، لتنكمش بشكل كبير. لذلك، فإن الانتصارات السريعة والمتتالية ليست دليلا في ذاتها على أن الطريق سوف يكون مفروشا بالورود، بل ربما يكون فخا نصبه لك الآخرون من أجل الإسراع في القضاء عليك مستقبلا.
 
أما لو تعاملنا مع حركة طالبان باعتبارها فاعلا سياسيا أفغانيا يسعى للوصول إلى السلطة والاستمرار فيها، فإن تجارب الحكم والإدارة يجب أن تكون حاضرة أيضا أمام أعين الحركة. وإن القوة شرط أساسي للوصول إلى السلطة والمحافظة عليها، لكنها لوحدها ليست كافية. وإن نجاح أي نظام في الاستمرار مرتبط من الناحية السياسية بقدرته على استخدام وسائل غير عنيفة تساعده في البقاء في الحكم؛ فإذا كان النظام ديمقراطيا فإنه يعتمد على المشاركة الشعبية والمحاسبة وتحقيق رغبات المواطنين، وهذه الآليات غير العنيفة تساعده على الاستمرار، حتى لو تعرض إلى مصاعب وتحديات. أما في الأنظمة غير الديمقراطية، فإن المستبدين بحاجة إلى بناء شبكات دعم للنظام، والحصول على تأييد شرائح مجتمعية معينة تساعده على قهر واستعباد الشرائح الأخرى، أو ضمان إسكاتهم. ويمكن لتجربة طالبان أن تكون تجربة حكم سلطوي جديدة، تعتمد فيها الحركة على دعم جماعات إثنية وأيديولوجية معينة من أجل استمرارها في الحكم، لكنها بهذا الشكل ستكون نظاما سلطويا جديدا يتشكل باسم الدين لخدمة قطاعات إثنية وعرقية. ويمكن للحركة أن تعمل على بناء نظام سياسي فيه مشاركة أعلى ومحاسبة أفضل وقدرة على تحقيق رغبات المواطنين بشكل أكبر، لكن هذا لا يتم من خلال الخطط العسكرية، بل من خلال البرامج والتحالفات السياسية. والخلاصة أن طالبان تحتاج للتفكير في السياسة باعتبارها شيئا أكبر من الانتصارات العسكرية.
 
 

 

علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
علييف وجباروف يزوران مدينة أغدام
13:00 25.04.2024
غضب وعمليات توقيف في جامعات أمريكية باحتجاجات مؤيّدة للفلسطينيين
12:45 25.04.2024
علييف وجباروف يطلعان علي الخطة الرئيسية لمدينة فضولي المحررة من الإحتلال الأرميني
12:20 25.04.2024
جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة
12:15 25.04.2024
تفاقم انعدام الأمن الغذائي في العالم في 2023 بسبب النزاعات
12:00 25.04.2024
رئيس قيرغيزستان يصل فضولي
11:46 25.04.2024
زيارة رئيس قيرغيزستان إلي أذربيجان
11:18 25.04.2024
حول زيارة رئيس طاجيكستان إلى إيطاليا والفاتيكان
11:00 25.04.2024
أردوغان لا ينبغي السماح لإسرائيل بإخفاء المجازر في غزة
10:45 25.04.2024
أمير الكويت يتلقى رسالة من رئيس وزراء باكستان حول العلاقات الثنائية
10:30 25.04.2024
السيسي يحذر من التداعيات الكارثية لأي عملية عسكرية في رفح
10:16 25.04.2024
الأردن يحدد 10 سبتمبر موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب
10:00 25.04.2024
الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل في التقارير عن مقابر جماعية بمستشفيين بغزة
09:45 25.04.2024
أردوغان يعلن وقف العلاقات التجارية المكثفة مع إسرائيل
09:30 25.04.2024
ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و262
09:15 25.04.2024
الصحفيين الأوزباك يزورون مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
09:00 25.04.2024
الملك سلمان يدخل المستشفى لإجراء "فحوصات روتينية"
17:00 24.04.2024
بلينكن يزور الصين للمرة الثانية في أقل من عام
16:30 24.04.2024
علييف يتحدث عن حرب غزة
16:00 24.04.2024
قري قازاخ الأذربيجانية الأربع في الإعلام العالمي
15:00 24.04.2024
مصر ترحب بالقرار الأذربيجاني الأرميني
13:45 24.04.2024
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
13:30 24.04.2024
تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا
13:00 24.04.2024
جامايكا تعترف رسميا بدولة فلسطين
12:30 24.04.2024
ذعر أممي من المقابر الجماعية في غزة... ومطالبات بتحقيق
12:00 24.04.2024
في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران
11:00 24.04.2024
موسكو: تدريبات الناتو في فنلندا "عمل استفزازي"
10:30 24.04.2024
ميرزايف يتحدث عن حرق العلم الأذربيجاني والتركي في أرمينيا
10:00 24.04.2024
جميع الأخبار