فرص ذهبية أمام طالبان... تحويل أفغانستان لمركز تجاري يربط بين دول آسيا الوسطى وجنوبها

اقتصاد 13:00 30.09.2021
تتمثل أزمة حركة طالبان منذ استيلائها على الحكم في أفغانستان في عدم قدرتها، حتى الآن، على التحول من "مليشيا جهادية تحريرية" إلى "حركة سياسية" لبناء الدولة الأفغانية متعددة الأعراق والقبائل والطوائف، والتعامل البراغماتي مع العالم الحديث الذي يعيش مرحلة انتقالية من "نظام عالمي قائم" ولكنه آفل إلى "نظام عالمي جديد"، لم يتشكل بعد.
 
وبالتالي، فإن الحصول على الشرعية الدولية يعتبر المحك الرئيسي في النجاح الاقتصادي لحركة طالبان، وفك تجميد أموال البلاد وعودة المساعدات الفنية والمالية التي تحتاج إليها في بناء الدولة الحديثة.
 
ويرى محللون أن على طالبان أن تستثمر الموقع الاستراتيجي لأفغانستان في بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار، وتستفيد من الخطط الأميركية الجاهزة للتطبيق في آسيا الوسطى والتي كانت موضوعة لفك الارتباط التجاري والاقتصادي بين آسيا الوسطى وروسيا، كما حدث في أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. وبالتالي تتحول طالبان من لاعب محلي صغير إلى فاعل استراتيجي في ساحة النفوذ الدولي. 
 
وبحسب الخبير أنتوني بي كيم، في تحليل بمركز "هيرتدج فاونديشن" الأميركي للدراسات، فإن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان الذي خططت له منذ سنوات، لا يعني الانسحاب من منطقة آسيا الوسطى الاستراتيجية في النفوذ العالمي، من حيث موقعها الجغرافي الوسيط بين روسيا والصين وأوروبا. ويقول الخبير كيم في تحليله إن أميركا تسعى للاستثمار التجاري وتطوير القطاع الخاص واقتصاد السوق في هذه الدول، لفك ارتباطها الاقتصادي والسياسي والأمني تدريجياً مع كل من الصين وروسيا.
 
وتشير الاستراتيجية الأميركية التي تمت مناقشتها في مؤتمر طشقند في أوزبكستان، بين 15 و16 يوليو/تموز الماضي، إلى أن الولايات المتحدة تواصل الحوار مع حكومات دول آسيا الوسطى بشأن تنفيذ الاستراتيجية الأميركية لاستثمار دول آسيا في بناء" النظام العالمي" الجديد.وبحسب الاستراتيجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة ملتزمة تجاه تعميق التعاون مع هذه الدول، وتطبيق خطة "الإصلاح السياسي والاقتصادي" التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر.
 
ولدى واشنطن استراتيجية جاهزة لاستعادة نفوذها في آسيا الوسطى، وُضعت في عام 2019 على عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ونشرت وزارة الخارجية الأميركية مقتطفات منها على موقعها العام السابق 2020، تحت عنوان "استراتيجية الولايات المتحدة لآسيا الوسطى بين عامي 2019 و2025". وحسب الوثيقة، تركز الولايات المتحدة على تطوير وتوسيع اقتصاد السوق في هذه الدول وربط أسواقها مع جنوب آسيا، خاصة الهند وباكستان، عبر أفغانستان.
 
وتشير بيانات وزارة الخارجية الأميركية إلى أن الولايات المتحدة أنفقت، خلال الأعوام الأخيرة، نحو 9 مليارات دولار في شكل مساعدات، لدعم الأمن والسلام والنمو الاقتصادي في دول آسيا الوسطى، كما قادت جهود صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية والتعمير الأوروبي وبنك التنمية الآسيوي، لتقديم تسهيلات ائتمانية وقروض ومعونات فنية قيمتها 50 مليار دولار لدول آسيا الوسطى.
 
وكانت الولايات المتحدة، وحسب وثائق أميركية رسمية، قد وضعت في عام 2011 خطة اقتصادية لربط اقتصادات آسيا الوسطى مع جنوب آسيا، عبر أفغانستان. وأطلقت على هذه الخطة "طريق الحرير الجديد"، وذلك قبل إطلاق الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013.
 
لكن الخطة الأميركية فشلت، بسبب فساد الحكومات الأوتوقراطية في آسيا الوسطى وشكوك شعوبها في نوايا واشنطن، حسب المصادر الأميركية. كما عرقلت الخطة كذلك مخاوف الأنظمة الموالية لروسيا في هذه الدول من التواجد العسكري الأميركي في منطقة آسيا الوسطى.
 
ويرى خبراء أن منطقة آسيا الوسطى ذات موقع جغرافي استراتيجي للأمن القومي الأميركي، وذات أهمية قصوى كذلك لنجاح خطة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الرامية إلى احتواء التمدد التجاري والاقتصادي الصيني، وقطع الطريق أمام التنسيق الأمني بين موسكو وبكين.
 
ويرى الباحث الأميركي في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، جيمس غرانت، أنه "لا غنى للولايات المتحدة عن دول آسيا الوسطى في محاصرة التمدد الاقتصادي والتجاري الصيني، وقطع الطريق أمام مبادرة "الحزام والطريق".
 
ومن هذا المنطلق، يرى محللون أن تعاون حركة طالبان مع الولايات المتحدة سيفتح أمامها الطريق لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما سيمكّنها من بناء علاقات تدمجها مع أسواق آسيا الوسطى وجنوب آسيا من دون رهن مواردها للصين.
 
ووفق هؤلاء المحللين، فإن أفغانستان دولة غنية بالموارد، كما أنها دولة استراتيجية من حيث الموقع الجغرافي الرابط بين مناطق النزاع على النفوذ الدولي في آسيا وأوروبا والصين وروسيا، وتحتاج إلى الخبرات الغربية لتسخير واستثمار هذه الموارد. وبالتالي، فهنالك فرص ذهبية للرخاء في أفغانستان، ولكن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد منذ انسحاب القوات الأميركية في نهاية الشهر الماضي تعود إلى الشكوك العميقة للمجتمع الدولي ودول الجوار في حركة طالبان.
 
وينظر مراقبون إلى حركة طالبان بأنها حركة محلية ليست لديها رؤية لإدارة الحكم في البلاد، ناهيك عن خدمة مصالحها الاقتصادية والتجارية في محيط سياسي واجتماعي واقتصادي معقد، في منطقة أسيا الوسطى وباكستان والهند وروسيا والصين.
 
وتأتي حركة طالبان للحكم في أفغانستان تحت ظروف لا تشجع أيا من دول الجوار على مساعدتها على النجاح، بسبب المخاوف من تداعيات النجاح الاقتصادي والاستقرار السياسي على موازين النفوذ السياسي في دول الجوار. إذ أن باكستان القريبة من طالبان بدت سعيدة بانسحاب القوات الأميركية وسقوط حكومة أشرف غني التي كانت تستخدمها الهند كعصاة ضدها، كما تأمل في استغلال أفغانستان كجسر تجاري للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.
 
لكن الحكومة الباكستانية مع سعادتها تتخوف من تأثير انتصار طالبان المفاجئ على مجموعات البشتون في شمال البلاد. وهي مجموعات تطالب منذ مدة بحكم ذاتي والانفصال عن باكستان.
 
على صعيد إيران التي شعرت بالراحة من انسحاب القوات الأميركية من خاصرتها، وساهم انسحاب القوات الأميركية في فتح خطوط تجارتها البرية عبر أفغانستان إلى الصين مباشرة، ولكن طهران في ذات الوقت قلقة من مستقبل نجاح حكم طالبان في أفغانستان، لأنها حركة "سنية حنفية" تختلف مع العقيدة الشيعية التي تدير الحكم في إيران.
 
وعلى صعيد دول الجوار في الشمال والشرق، فإن الحكومات الأوتوقراطية التي تحكم دول آسيا الوسطى تتخوف من تداعيات صعود طالبان للحكم، وتأثيرها المباشر في نشوء حركات إسلامية قوية تقلب موازين الحكم العلماني في بلدانها. ولكن في المقابل، فإن هذه الدول لديها مصالح تجارية ضخمة في ربط تجارتها مع دول جنوب آسيا عبر أفغانستان.
 
ووسط هذه المصالح المتضاربة، ففي حال تفهم طالبان لهذه الفرص والمخاوف في بناء علاقاتها مع دول الجوار، فلديها فرص ضخمة للرخاء الاقتصادي، لأنها ستحول أفغانستان ببساطة إلى مركز تجاري مهم يربط بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وبالتالي سيرفع من حجم التبادل التجاري مع هذه الدول ويخفض كلف نقل البضائع وتبادل الخدمات والأفكار، ويرفع من معدل الوظائف والدخل المعيشي والنمو الاقتصادي لمواطني أفغانستان. ويرى محللون أن طالبان ستجني ثمار رسوم البضائع والخدمات التي ستتم عبرها بين كتل اقتصادية كبرى.
 
وترى الخبيرة الأميركية إيملي كارل، التي عملت في السابق بوزارة الخارجية الأميركية، أن الاستقرار السياسي والأمني في أفغانستان سيكون مفيداً لمصالح التجارة والاقتصاد لدول آسيا الوسطى التي تفتقر لمنافذ بحرية تمكّنها من إيصال بضائعها إلى الأسواق العالمية. ولاحظت إيميلي، في تحليل بمعهد "أتلانتك كاونسل" الأميركي، أن دول آسيا الوسطى الخمس، وهي: طاجيكستان وقيرغيزستان وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان، ليست لديها إطلالة بحرية تمكنها من المتاجرة مباشرة مع دول العالم، وبالتالي تعتمد على الصين وروسيا، وبالتالي فهي بحاجة للمرور التجاري عبر أفغانستان.
 
كما يرى الخبير أنتوني بي كيم، في تحليل بمعهد "هيرتدج فاونديشن"، أن الولايات المتحدة ترغب في بناء علاقات تدعم استقلالية هذه الدول وتحرير قرارها السياسي والأمني.
 
ومن بين مشاريع الربط المقترحة عبر أفغانستان بين دول آسيا الوسطى وجنوب آسيا، إنشاء سوق مشترك للربط الكهربائي، وسوق مشترك للتجارة، وخطة للربط بالسكك الحديدية بين دول آسيا الوسطى، وبناء أنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي من حوض بحر قزوين عبر أفغانستان إلى باكستان والهند.

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار