نظّم برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة فعالية جانبية خلال الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان في مكتب الأمم المتحدة بجنيف. الفعالية، التي حملت عنوان "ديمقراطية من؟"، تناولت بشكل نقدي السرديات السائدة حول الديمقراطية، متحدية التفسير الأوروبي المركزي التقليدي الذي غالباً ما يُستخدم لتقييم الديمقراطية في السياقات غير الغربية.
وضمّت الجلسة نخبة من الخبراء الذين قدّموا رؤى بديلة حول تقييم الديمقراطية وحقوق الإنسان، مستعرضين مفاهيم نابعة من الأحداث التاريخية والثقافية لمجتمعات متنوعة.
حيث ألقي الكلمة الافتتاحية السفير والمراقب الدائم لدى جامعة السلام في الأمم المتحدة، السيد ديفيد فرنانديز بوينا، واستعراض أصول الديمقراطية في اليونان القديمة.مشيرا إلى التأثير الدائم لجورج واشنطن في تشكيل الأنظمة الديمقراطية الحديثة من خلال الهياكل الأساسية مثل الدساتير والهيئات الحكومية والأحزاب السياسية. كما شدد السيد فرنانديز على الدور الأساسي للتعليم في تعزيز احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان.
من جانبه ربط الدكتور تريبوردامان سينغ، الخطاب الديمقراطي الليبرالي بتاريخ الاستعمار في جنوب آسيا. وأوضح كيف أن الاستعمار قد ولّد شكوكًا بين قادة جنوب آسيا، الذين رأوا في الخطاب الديمقراطي وحقوق الإنسان أدوات للإمبريالية. وضرب السيد سينغ لذلك مثالًا بالهند، مشيرًا إلى أن القوة الاستعمارية البريطانية حرمت الهند من الوصول إلى الديمقراطية، ثم استخدمت لاحقًا مزاعم حول قصورها الديمقراطي لتقويض شرعيتها.
ومن جانبها ركزت السيدة أنجيلي كيدايتيني، العضوة السابقة في المفوضية الأوروبية، على دور الاتحاد الأوروبي في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي خصص 1.511 مليار يورو لمبادرات المجتمع المدني في الدول المجاورة، كما أدرجت شروط حقوق الإنسان في العديد من برامج التنمية. كما سلطت الضوء على إعلان برشلونة، الذي يعزز الحوار والتعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
هذا ووجه المدير العام لمعهد المياه والبيئة والثروة العالمي، السيد نضال سليم، الضوء على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأشار إلى تاريخ المنطقة الطويل من الأنظمة الاستبدادية وانتهاكات حقوق الإنسان، مع التأكيد على الفروق الكبيرة بين دول المنطقة. وضرب مثالًا على الإمارات العربية المتحدة، حيث تروج الحكومة لصورة من التسامح والسلام، بينما تنخرط في مراقبة النشطاء وتقييد الحريات. كما تناول حديث السيد سليم دولة تونس، التي كانت تُعتبر رمزًا للأمل بعد الربيع العربي، لكنها الآن تواجه قيودًا شديدة على حرية التعبير والمعارضة السياسية.
هذا، وساهم الجمهور في الحوار بشكل كبير ، حيث تحدث بعض المشاركين عن بعض النقاط الحرجة حول دور الديمقراطيات الليبرالية في قضايا حقوق الإنسان العالمية. وانتقد أحد المتحدثين المعايير المزدوجة لبعض الديمقراطيات الغربية، خاصة فيما يتعلق بتورطها في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كما لفت مشارك آخر الانتباه إلى التحديات التي تواجه النظام الديمقراطي في الهند، وأوضح السيد سينغ أن النموذج الهندي متجذر في تاريخه ولا يعد نموذج معياري للديمقراطية.
واختتمت الفعالية بالإجماع على ضرورة إعادة تقييم الرؤية الأوروبية السائدة حول الديمقراطية. وشددت اللجنة على الحاجة إلى معالجة هذه التحديات العالمية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق الإنسان حول العالم.