مخاطر زيادة الاقتراض في مصر وفرص تجنبه

اقتصاد 16:33 24.08.2022
      تُعد مصر من بين أكثر الدول التي اعتمدت على الاستدانة خلال السنوات الست الماضية بهدف سد العجز في موازين المدفوعات وتمويل المشاريع الضخمة في مجال الطاقة والسكك الحديدية والعاصمة الجديدة.
      وقد شكلت قروض صندوق النقد الدولي وإيرادات بيع الأذون والسندات الحكومية مصادر أساسية لذلك، فقد قدم لها الصندوق لوحده على سبيل المثال 20 مليار دولار خلال الفترة المذكورة. ومع ارتفاع تكاليف استيراد الأغذية والمواد الأولية ومصادر الطاقة بسبب كورونا والحرب في أوكرانيا تراكمت الديون الخارجية أكثر فأكثر للتجاوز 145 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري 2022 مقابل 130 مليار دولار قبل أقل من عامين. وتتوقع مؤسسة التجارة الخارجية والاستثمار الألمانية أن يصل مجموع الديون الخارجية والداخلية هذه السنة إلى نحو 94% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يزيد على 400 مليار دولار.
      يأتي تراكم المزيد من الديون لأسباب متعددة من أبرزها استمرار العجز الكبير في موازين التجارة والمدفوعات الخارجية. وعلى الرغم من زيادة عائدات البلاد من تصدير الخضار والفواكه والغاز المسال فإن هذه العجوزات مستمرة في الارتفاع. فعجز الميزان التجاري على سبيل المثال لم يتراجع خلال العام الماضي. وهناك خشية من ارتفاعه هذه السنة بأكثر من 3 مليارات دولار ليصل إلى 36 مليار دولار. وحسب البنك المركزي المصري وصل عجز ميزان المدفوعات إلى أكثر من 7 مليارات خلال الفترة من يوليو 2021 ولغاية مارس 2022. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى ارتفاع تكاليف استيراد الأغذية والمواد الأولية. وما يزيد الطين بلة هو أن مصر من بين أكثر الدول استيرادا للمواد الغذائية والمواد الأولية. كما أن مشاريعها الضخمة في مجال البنية التحتية تلتهم عشرات المليارات من الدولارات سنويا. 
      يؤدي تراكم الديون إلى زيادة أعباء خدمتها سواء على صعيد دفع الفوائد أو الأقساط المترتبة عليها. وهو أمر ينهك الموازنة المصرية التي يتوقع بأن يكون عجزها بحدود 30 مليار دولار هذه السنة. ويدل على زيادة الأعباء وصول حجم السداد إلى 24 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022. ويشمل المبلغ حسب البنك المركزي المصري عشرة مليارات لسداد خدمة الدين الخارجي و 14 مليار دولار لصناديق الاستثمار الأجنبية، لا سيما التي سحبت استثماراتها من السندات المصرية على ضوء التضخم وانخفاض سعر الجنيه المصري وعدم رفع سعر الفائدة. ويزيد حجم السداد المذكور على المبلغ الذي كان على البلاد دفعه خلال سنة بكاملها من السنوات القليلة الماضية. وقد أدى هذا السداد إلى جانب أعباء زيادة أسعارمستوردات الحبوب والأغذية إلى تراجع قياسي في الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة إلى أقل من 33 مليار دولار حاليا مقابل أكثر من 40 مليار دولار قبل أقل من عامين.
      ومع تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية والارتفاع الجنوبي لأسعار الأغذية التي تشكل نحو 13% من قيمة مجمل الاستيراد تزداد الضغوط المالية والاقتصادية والاجتماعية على مصر. ويزيد من هذه الضغوط تضرر الاقتصاد من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والسلع الزراعية والمواد الخام اللازمة لمعظم الصناعات المصرية، لاسيما وأن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم. كما فقد قطاع السياحة سوقين اساسيين هما السوق الروسية والسوق الأوكرانية. وعلى ضوء ذلك تذهب التقديرات إلى أن مصر تحتاج من الآن وحتى نهاية العام القادم إلى أكثر من 41 مليار دولار لسداد عجز الحساب الجاري وخدمة الديون المستحقة.
      وفي محاولة منها لمواجهة الضغوط المذكورة تطرق الحكومة المصرية مجددا باب الاقتراض للحصول على المال بشروط تزداد صعوبة في ظل التطورات الراهنة. فقد نقلت وكالة بلومبيرج للأنباء عن مصادر حكومية مصرية قولها أنها تجري حاليا مباحثات مع بنوك إقليمية ودولية للحصول على قرض بقيمة 2,5 مليار دولار في أقرب وقت ممكن. وهناك جهود حثيثة يتم بذلها للحصول على أموال خليجية بعشرات المليارات على شكل إيداعات وقروض واستثمارات. وعلى ضوء المؤشرات الأولية يبدو أن الحكومة المصرية مستعدة للحصول على مزيد من القروض رغم تشديد شروطها وارتفاع فوائدها. غير أن مخاطر ذلك ليست بالهينة بالنسبة إلى بلد تخطى حجم ديونه ثلثي حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهو الحد الذي يُعتبر تجاوزه من المؤشرات الخطيرة على مستقبل الاقتصاد.   
      إن المبالغة في الإقبال على القروض بالنسبة إلى مصر تزيد من مخاطر انزلاقها إلى قائمة الدول غير القادرة على السداد. فخلال السنوات الماضية تمكنت من القيام بهذا السداد بفضل تدفق الاستثمارات الأجنبية وقروض صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة. غير أن خروج هذه الاستثمارات مؤخرا وتصعيب شروط القروض وارتفاع أسعارها يحتم على مصر التخفيف منها قدر الإمكان. وفيما عدا ذلك فإن مخاطر وقوعها في فخ الديون على غرار تركيا واليونان ولبنان وغيرها أمر غير مستبعد، لاسيما وأن الاقتصاد المصري ضعيف في مجال التصدير. ومن شأن الوقوع في هذا الفخ فقدان أو المزيد من إضعاف السيطرة على الأوضاع الاقتصادية والمالية، ما يعني المزيد من التضخم وارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن السلع الأساسية وانتشار الفقر وخطر وقوع احتجاجات اجتماعية.
     أما البديل عن المبالغة في الاقتراض فيتمثل في إعطاء الأولية لتسريع الخطى في مجال الاعتماد على مصادر دخل محلية مستدامة من خلال إعادة هيكلة الصادرات والواردات بحيث يتم تقليص العجز المزمن في الميزان التجاري حتى يحقق التوازن المطلوب. وهنا لا بد من إعطاء المزيد من الاهتمام لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من الأغذية والأدوية والمواد الأولية اللازمة للصناعات التحويلية التي تمثل قيما مضافة عالية في السوقين الداخلية والخارجية. ومما لا شك فيه أن الكثير من خطوات الترشيد والتقشف التي بدأت على صعيد استهلاك الكهرباء وتخفيض الدعم عن بعض السلع ورفع الرسوم الجمركية عن سلع كمالية خطوات مهمة في الاتجاه الصحيح.
 
 

أحدث الأخبار

أردوغان: نتانياهو يخاطر بمستقبل المنطقة بأسرها
16:00 05.12.2023
الرئيس الإيراني يزور روسيا
14:45 05.12.2023
انطلاق أعمال الجلسة الإفتاحية للقمة الخليجية الـ44 - مباشر
13:51 05.12.2023
موريتانيا... سجن الرئيس السابق 5 سنوات بتهمة غسل الأموال
13:26 05.12.2023
إسرائيل تكشف عدد الرهائن في غزة
13:00 05.12.2023
واشنطن: لا نتوقع قصف المناطق الآمنة في غزة
12:22 05.12.2023
رئيس الإمارات وملك المغرب يؤكدان ضرورة التحرك الدولي لوقف إطلاق النار في غزة
12:00 05.12.2023
تحذير من فوضى في قطاع الطاقة نتيجة دعوات التخلي عن النفط
11:30 05.12.2023
بوتين يزور السعودية والإمارات لمحادثات بالغة الأهمية
11:00 05.12.2023
النيجر تنهي الشراكات الأمنية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي
النيجر تنهي الشراكات الأمنية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي
10:00 05.12.2023
الحوثيون يتبنون هجوماً جديداً على سفينتين إسرائيليتين
09:19 05.12.2023
130 مواطنا تركيا يعبرون مع ذويهم من غزة إلى مصر
09:00 05.12.2023
رسميا.. إطلاق «زووم» على منصة Apple TV
18:00 04.12.2023
بوريل يحث إيران على استخدام «تأثيرها» لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط
17:00 04.12.2023
وزير الدفاع المصري: القضية الفلسطينية تواجه منحنى شديد الخطورة
16:40 04.12.2023
أردوغان: نتانياهو سيُحاكم كمجرم حرب
16:22 04.12.2023
وول ستريت جورنال: هجمات الحوثيين تثبت فشل إدارة بايدن
16:00 04.12.2023
تورال إسماعيلوف: أرمينيا لا تزال متمسكة بسياسة "الإحتلال"
15:37 04.12.2023
إسرائيل تستأنف محاكمة نتانياهو
13:20 04.12.2023
أوزبكستان واحدة من أهم مواقع السياحة الدينية في العالم
أوزبكستان واحدة من أهم مواقع السياحة الدينية في العالم
12:30 04.12.2023
من ليبيا إلى قراباغ.. الطائرات المسيرة تغير شكل الحروب في العالم
11:12 04.12.2023
قروض الصين للدول النامية ـ استثمار اقتصادي أم ديون معدومة؟
11:00 04.12.2023
قرعة كأس أمم أوروبا 2024
10:30 04.12.2023
سكان قطاع غزة... نزوح لا يتوقف
10:00 04.12.2023
الجنائية الدولية تتعهد بتكثيف الجهود للتحقيق في جرائم حرب بغزة
09:40 04.12.2023
الأونروا تحذر من 3 أمراض تهدد سكان غزة
09:20 04.12.2023
الأوضاع في غزة تتصدر أعمال القمة الخليجية في الدوحة
09:00 04.12.2023
كوريا الشمالية تهدد بإخراج الأقمار الاصطناعية الأمريكية للتجسس عن الخدمة
14:00 03.12.2023
بريطانيا درست خططاً لإعادة رسم خرائط سيناء وغزة وتيران وصنافير لتهجير الفلسطينيين
13:00 03.12.2023
أردوغان يتهم أمريكا بمحاولة تأجيج الخلاف بين تركيا واليونان
12:00 03.12.2023
إسرائيل أفرجت عن 240 خلال صفقة التبادل، لكنها اعتقلت 300 آخرين
11:00 03.12.2023
القسام تكشف عن عملية استهدفت 60 جنديا إسرائيليا شرق جحر الديك
10:43 03.12.2023
ستاندرد آند بورز تمنح تركيا شهادة نجاح لسياساتها الاقتصادية الجديدة
16:00 02.12.2023
رئيس الإمارات يعلن عن صندوق بقيمة 30 مليار دولار لسد فجوة التمويل المناخي
14:32 02.12.2023
الكرملين يشيد بجهود أوبك بلس في توازن أسواق الطاقة
13:00 02.12.2023
إسرائيل ترفض منح تأشيرة لكبيرة مسؤولي إغاثة الفلسطينيين في الأمم المتحدة
12:00 02.12.2023
الأناضول التركية تعلن مقتل مراسلها في غزة
11:00 02.12.2023
إسرائيل أبلغت دولاً عربية بشأن منطقة عازلة مع غزة في مرحلة ما بعد الحرب
10:00 02.12.2023
إسرائيل أبلغت دولاً عربية بشأن منطقة عازلة مع غزة في مرحلة ما بعد الحرب
10:00 02.12.2023
أردوغان... ما يجري في غزة الآن جرائم حرب ويجب محاكمة المجرمين
09:00 02.12.2023
جميع الأخبار