كانت العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا، حتى الآن، تطال الشركات الغربية التي تتعامل مع روسيا مباشرة من المصارف وشركات النقل البحري التي لا تلتزم بسقف الأسعار على النفط والغاز، إلا أنها لم تطال الدول التي لم تلتزم بالعقوبات وبصرف النظر عن إدانتها لحرب روسيا على أوكرانيا أو امتناعها عن الإدانة، ذلك إن قرارات العقوبات لم تؤخذ في إطار الأمم المتحدة، إنما في إطار مجموعة السبعة وأوروبا وبعض الحلفاء، مع ممارسة بعض الضغوطات على بعض الدول لعدم تسليم موسكو أسلحة أو ذخيرة مثل الصين.
ولكن يبدو أن الأمور تطورت، حاليا، مع ضغوطات تمارس على الدول والشركات التي تتعاون مع موسكو تجاريا واقتصاديا، حيث طلب من لجنة أوروبية زارت الإمارات العربية، قبل بضعة أسابيع، أن توقف عن تصدير أي شرائح إلكترونية متطورة لموسكو، حتى لو كانت شرائح مستخدمة في أجهزة أخرى.
وأعلنت الدولة الأميركية عن عقوبات مباشرة على 130 فرد ومؤسسة تتعامل اقتصاديا مع موسكو من الإمارات ومن تركيا. وهذا النظام يشابه ما كان فرض على المتعاملين مع إيران، مع الفارق في أن العقوبات على إيران كانت أممية، وحتى روسيا والصين كانت موافقة عليها.
من الواضح أن تعامل الدول الغربية مع الإمارات يسوده الارتباك، ذلك إن الإمارات هي التي سهلت مجيء الثروات الروسية الكبرى إلى دبي، وارتفع حجم تجارتها بشكل كبير مع موسكو، وتتضمن هذه المبادلات التجارية الألماس والذهب إلى جانب عدة سلع أخرى، ويبدو أن الولايات المتحدة عاجزة عن فرض مراقبة على هذه المبادلات لأنها لا تتم بالدولار، بل بعملات أخرى كاليوان والروبي الهندي، ذلك إن الإمارات تتمتع بفائض من العملتين، نتيجة فائض تجارتها مع الصين والهند.
أخيرا، يبدو أن الولايات المتحدة ستضطر بعد قليل لمراقبة كل مشتريات دول الخليج من الشرائح الإلكترونية المتطورة لكي تمنع تصديرها إلى روسيا والصين، وقد أعلنت واشنطن مؤخرا أنها قد تمنع إنفيديا وآي إم دي وهي شركات أميركية من تصدير شرائح المستخدمة في الذكاء الاصطناعي إلى المملكة العربية السعودية، لأن لديها برنامج تعاون جامعي كبير مع الصين في هذا المضمار.