على خلفية الحرب المستعرة في قطاع غزة جاءت الأسهم المدرجة في بورصة تل أبيب على رأس الخاسرين، إذ هبط مؤشر الأسهم القيادية أكثر من 11% خلال أكتوبر الماضي في أكبر خسارة شهرية للمؤشر منذ بدء جائحة كورونا، أي قبل أكثر من ثلاثة أعوام، نتيجة التصعيد الإسرائيلي المتزايد ضد قطاع غزة.
وتكبد مؤشر "تي أي 125"، الأكثر أهمية في إسرائيل، وكذلك المقياس الأساس للاقتصاد، خسائر بنحو 11.6% خلال أكتوبر الماضي، مسجلاً أدنى مستوياته منذ 25 فبراير 2021، وفقدت جميع الأسهم الإسرائيلية المدرجة نحو 27 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال تعاملات الشهر الماضي.
كانت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني قد أعلنت خفض النظرة المستقبلية لتصنيف إسرائيل إلى سلبية، نظراً إلى انتشار أخطار الحرب مع حماس على نطاق أوسع، ليصبح تأثيرها واضحاً على اقتصاد إسرائيل أكثر مما كان متوقعاً. وأكدت الوكالة تصنيف إسرائيل عند AA)-(، وهي رابع أعلى درجة، ورجحت انكماش اقتصاد إسرائيل بنسبة خمسة في المئة في الربع الرابع مقارنة بثلاثة أشهر سابقة وسط اضطرابات تتعلق بالأمن وانخفاض النشاط التجاري. ووضعت وكالة موديز تصنيف ديون إسرائيل قيد المراجعة لخفض التصنيف، ووضعت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للبلاد تحت المراقبة السلبية بسبب الصراع الحالي وفقاً لما ذكرته بلومبيرج.
على صعيد خسائر سوق الأسهم شهدت خسائر من اندلاع الحرب بقيمة 204 مليارات دولار بينها 27 مليار دولار خلال أكتوبر الماضي، وكانت القطاعات الأكبر من حيث الخسائر السوقية هي قطاع البنوك والعقارات والتكنولوجيا، إذ تكبدت أسهم العقارات خسارة 4.9 مليار دولار، وتكبد قطاع التكنولوجيا أربعة مليارات دولار. وخسر مؤشر قطاع التمويل (البنوك) الأكثر حساسية للأزمات نحو 8.5 مليار دولار، إذ ضخ بنك إسرائيل المركزي سيولة كبيرة لدعم الاقتصاد، فيما انخفض سهم أكبر بنك في إسرائيل ليومي أكبر خسارة شهرية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 بنسبة 18%.
وفيما يتعلق بالانكماش المتوقع للاقتصاد الإسرائيلي خلال الربع الرابع من عام 2023 الجاري، توقع جي بي مورجان، انكماشاً بنسبة 11%، فيما توقعت وكالة أس أند بي جلوبال انكماشاً بمقدار خمسة في المئة جراء هذه الحرب، وعدلت الوكالة نظرتها إلى إسرائيل من مستقرة إلى سلبية، وتوقعت أن تواجه عجزاً حكومياً بنسبة 5.3% خلال عامي 2023 و2024، نظراً إلى الإنفاق الدفاعي الكبير الذي تفرضه الحرب. وخفض البنك المركزي الإسرائيلي توقعاته لنمو الاقتصاد الذي يقدر حجمه بنحو 500 مليار دولار من ثلاثة في المئة إلى 2.3%، في حين توقع عدد من متخصصين في مجال الاقتصاد أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي للدولة العبرية بنحو 15 في المئة مقارنة بانخفاض بنحو 0.4% فقط خلال الحرب على غزة عام 2014، و0.5% خلال الحرب مع لبنان عام 2006.
على صعيد العملة، شهد الشيكل هبوطاً حاداً خلال أكتوبر أمام الدولار الأمريكي بنسبة 6%، أما عن القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً فقد شهد قطاعا الخدمات الغذائية والإنشاءات تراجعاً في الإيرادات أكثر من 70%. وقبل أيام قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سمويتريتش إن موازنة 2023-2024 "لم تعد مناسبة بسبب حرب غزة، وسيجري تعديلها، ولم يبد الوزير انزعاجاً من تخفيض ستاندرد أند بورز للتوقعات الخاصة بإسرائيل إلى سلبية.
وقال سمويتريتش في مقابلة مع إذاعة الجيش إنه لم يقيم بعد الكلف غير المباشرة على الاقتصاد الذي دخل حالة شلل جزئي بفعل التعبئة الجماعية لجنود الاحتياط والهجمات الصاروخية الفلسطينية المكثفة، وقدر الكلفة المباشرة للحرب بمليار شيكل (246 مليون دولار) يومياً.
فيما وصف سمويتريتش خفض وكالة ستاندرد أند بورز، للتوقعات إلى سلبية من مستقرة بأنه مثير للقلق، لكنه قال إنه لا يتوقع أن يحدث عجز كبير في إسرائيل على رغم الأزمة. وأشاد بمحافظ بنك إسرائيل المركزي لأنه لا يدخر جهداً في عمله، وكان من المقرر أن يتنحى يارون، لكنه مدد ولايته بسبب الأزمة، لكن سموتريتش لم يجب عما إذا ينبغي إبقاء يارون رسمياً في منصبه أم لا.
في السياق ذاته، حذر تحليل أجرته وكالة بلومبيرج من أن التراجعات التي يشهدها الشيكل قد تستمر لفترة أطول مع غياب أي حلول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ويأتي ذلك فيما يسجل سعر صرف الشيكل الإسرائيلي أطول سلسلة خسائر منذ 39 عاماً أمام الدولار.
ووسط ظروف الحرب الشرسة على قطاع غزة، تتوقع تقارير أن تضطر البنوك الإسرائيلية إلى زيادة مخصصاتها لتغطية الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها والخسائر في سوق المال، بسبب هرب المستثمرين الأجانب وسحب الودائع والإقبال على شراء الدولار وتخزينه.