في وقت ينظر فيه خبراء ومتابعون لشؤون آسيا الوسطى إلى سعي الجمهوريات السوفيتية السابقة لتنويع شراكاتها الدولية، مع تراجع نفوذ روسيا في المنطقة، أطل الرئيس الروسي في أستانا ليؤكد تمسكه بالعلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية.
وأشاد بوتين ونظيره الكازاخستاني قاسم جومارت توقايف بالعلاقات بين بلديهما، حيث قال بوتين شراكتنا الاستراتيجية تتطلع إلى المستقبل، فيما أشاد توقايف بالتحالف ذي الماضي الغني والمستقبل المشرق.
وجاءت زيارة بوتين إلى كازاخستان، البلد الغني بالنفط والمعادن، بعد أسبوع من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفيما يسعى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإيران وتركيا إلى تعزيز العلاقات في المنطقة.
كما تأتي الزيارة لتثبت موقع موسكو في المنطقة التي تعتبرها فناءها الخلفي، وتسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة (قيرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) التي بدأت تستحوذ على اهتمام قوى عالمية أخرى، مثل الصين التي تشكل منافسا اقتصاديا رئيسيا لروسيا، ودول الغرب التي تسعى لتعزيز نفوذها الجيوسياسي هناك.
وقبيل رحلته إلى كازاخستان، قال بوتين إن عددا من الدول تسعى لإضعاف قوة منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي، وحث أعضاء رابطة الدول المستقلة (اتحاد إقليمي مكون من روسيا وجمهوريات سوفيتية سابقة) لتعزيز أمنها الجماعي. وأورد بوتين إن تصرفات بعض الدول تهدف بشكل مباشر إلى زعزعة السلطة الشرعية والاستقرار الاجتماعي والقيم التقليدية في دول رابطة الدول المستقلة، وانتهاك علاقاتنا التجارية والتعاونية والثقافية الوثيقة التقليدية. وأضاف أن روسيا وجيرانها يواجهون مشاكل مشتركة، تهديدات تتراوح بين الإرهاب والجريمة المنظمة والراديكالية والتطرف.
وتضم رابطة الدول المستقلة حاليا روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة مثل أرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان. ومع ذلك، فقد تضاءلت عضويتها في السنوات الأخيرة، حيث قامت بعض تلك الدول بالاصطفاف تدريجيا بتحالفات مع دول غربية.
وعلى الرغم من رغبتها إقامة شراكات جديدة متنوعة، تسعى دول آسيا الوسطى للحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، الأمر الذي انعكس في موقفها المحايد في قضايا جيوسياسية مصيرية كالحرب في أوكرانيا.
وعلى مسافة أكثر من ألف كيلومتر إلى الجنوب، استضافت العاصمة الأوزبكية طشقند قمة لمنظمة التعاون الاقتصادي الإقليمية (اكو)، بمشاركة الرئيسان الإيراني ابراهيم رئيسي والتركي رجب طيب إردوغان، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الباكستاني أنور الحق كاكار وقادة من آسيا الوسطى.
وقد ركّزت المحادثات على التجارة والتعاون في المجال الإنساني والنقل. كما تحاول دول آسيا الوسطى غير الساحلية الحصول على منفذ إلى البحر، بما في ذلك عبر باكستان. وعلى الرغم من عدم إدراجها على جدول أعمال القمة، حظيت الحرب في قطاع غزة على جزء مهم من اهتمام القادة المشاركين وخطاباتهم.
وشدد أردوغان لهجته ضد إسرائيل والغرب، في حين كرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي معارضة طهران الشديدة لإسرائيل. ودعى أردوغان في خطابه في طشقند الدول الإسلامية إلى رفع أصواتنا معا للدفاع عن قضيتنا الفلسطينية، متهما الغرب بالنفاق فيما يتعلق بالأحداث في غزة.
وقال الرئيس التركي إن الإدارة الإسرائيلية، التي تحظى بدعم كامل من الدول الغربية. تقصف المدارس والمستشفيات والكنائس والجامعات والمستوطنات المدنية. مضيفا أن الدول الغربية التي تتحدث باستمرار عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، تراقب كل هذه المجازر الإسرائيلية من بعيد.
أما الرئيس الإيراني فكرر هجومه على الغرب وإسرائيل في خطابه أمام القمة، قائلا إن إسرائيل ارتكبت جرائم فظيعة في غزة، واتهم الولايات المتحدة بأنها شريكة في هذه الجرائم. وقال مكتب الرئيس التركي في بيان إن أردوغان ورئيسي ناقشا الصراع أيضًا في اجتماع ثنائي منفصل. وتسعى أنقرة إلى أن تكون دولة ضامنة في أي وقف إطلاق نار أو تسوية سلمية في المستقبل.