قلق كبير في الهند بشأن التأثير المحتمل للحرب بين إسرائيل وحماس على أسعار النفط. الهند هي ثالث أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، وجزء كبير من الواردات الهندية من النفط لا تزال تأتي من الشرق الأوسط، رغم أن البلاد رفعت إمداداتها النفطية من روسيا منذ غزو أوكرانيا في عام 2022.
بلغت واردات النفط الهندية من الشرق الأوسط حوالي 44%، في الفترة بين أبريل وسبتمبر 2023، وفقًا لأرقام الصناعة التي نشرتها وكالة رويترز للأنباء. ومؤخراً، أكدت بيانات البنك الدولي المتعلقة بالتنمية في الهند أن معدل النمو في البلد يمكن أن يصل في السنة المالية 2023-2024 إلى 6.3 بالمئة، وهو رقم يبقى أقل من توقعات سابقة.
يشعر الخبراء في الهند بالقلق من أن الصراع المستمر في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى هزات في الاقتصاد الهندي، مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وزيادة أسعار السلع والمواد الغذائية. ورغم أن تقرير البنك الدولي الأخير المتعلق بأسعار السلع الأساسية في الهند قد أبرز أن التأثيرات الاقتصادية العالمية للحرب بين إسرائيل وحماس ستكون محدودة إذا لم يتسع الصراع (أي إذا لم تتدخل فيه قوى إقليمية وعالمية)، فإن التوقعات المتعلقة بأسعار السلع الأساسية ليست إيجابية. بل إن التوقعات قد "تصبح قاتمة بسرعة إذا تصاعد الصراع حسب المصدر ذاته الذي يؤكد أن "أسعار النفط الإجمالية ارتفعت بنحو ستة بالمئة منذ بداية الصراع.
الشهر الماضي، حذرت وكالة الطاقة الدولية (IEA) بدورها من أن الأسواق لا تزال في حالة تأهب مع استمرار الأزمة". وذكرت أن إن الصراع في الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم اليقين، وأن الأحداث تتطور بسرعة. وتابعت الوكالة أنه "عكس توقعاتها بتوازن في أسواق النفط لبعض الوقت، سيظل المجتمع الدولي مركزاً على المخاطر التي تهدد تدفقات النفط في المنطقة.
تقرير البنك الدولي من جهته يرى أنه في حالة تصاعد النزاع في الشرق الأوسط، ستحتاج الدول النامية إلى اتخاذ خطوات لإدارة زيادة محتملة في معدلات التضخم، ومن ذلك وضع تدابير لضمان الأمن الغذائي. ويؤكد التقريركذلك أنه نظراً للخطر المحتمل لانعدام كبير للأمن الغذائي، يتعين على الحكومات تجنب وضع قيود تجارية، كحظر تصدير المواد الغذائية والأسمدة، وذلك لأن الإجراءات غالبًا ما تؤدي إلى تعاظم تقلبات الأسعار ورفع خطر انعدام الأمن الغذائي.
ويقدر البنك المركزي للهند (RBI) أن قفزة بنسبة 10% في أسعار النفط يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم بنحو 30 نقطة أساس ما سيؤثر على النمو بنحو 15 نقطة أساس. وفي رأي الخبيرالاقتصادي أرون كومار، فإن إمدادات النفط الهندية قد تكون في خطر إذا امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس. وقد يكون هناك مزيد من اختناقات الإمدادات في مواد أخرى وليس فقط ما يخصّ النفط الخام". ويضيف: إذا وقع ذلك، سوف يتأثر الاقتصاد الهندي سلباً أيضاً، ويمكن أن تنخفض الصادرات بشكل أكبر، بينما قد ترتفع الأسعار وقد تضعف الروبية الهندية مع تدهور وضع ميزان الأداءات وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية.
ورغم أن التضخم الأساسي في الهند بقي تحت السيطرة عند 4.6%، في شهر سبتمبر، إلا أن أسعار النفط المتقلبة يمكن أن تؤثر على تقديرات التضخم والنمو. وفي الوقت الحالي، من المتوقع أن تستوعب شركات تسويق النفط التابعة للدولة التكاليف المرتفعة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه خسائر محتملة في بيع الوقود.
وفي سياق آخر، تتطلع الهند إلى الحصول على تدفقات نفطية من دول أخرى كجيانا وكندا والجابون والبرازيل وكولومبيا. وزادت كذلك واراداتها من النفط من روسيا بشكل كبير رغم أن هذه الأخيرة تعاني من عقوبات. وحالياً يشكل النفط الروسي ما يقارب 35% من واردات الهند النفطية، يليه النفط العراقي بنسبة 21%، ثم السعودي بنسبة 18%.