جدّد حديث شركة روساتوم الحكومية الروسية عن مخطط لتطوير ممر بحر الشمال الملاحي، المخاوف بشأن تأثير الممر الملاحي الذي يمتد عبر الدائرة القطبية الشمالية ويربط المحيطين الأطلسي والهادئ، على قناة السويس المصرية، التي تعد ممراً رئيسياً للتجارة بين آسيا وأوروبا.
وتعتزم شركة روساتوم الروسية تنفيذ برنامج طويل الأجل مع شركة موانئ دبي العالمية الإماراتية، لشحن البضائع بواسطة الحاويات عبر ممر الملاحة الشمالي الروسي، بحسب ما قاله المدير العام لشركة روساتوم، أليكسي ليخاتشوف.
وقال ليخاتشوف، للصحفيين: نستهدف مع شركائنا العرب تشكيل تحالف لتنمية شحن الترانزيت عبر ممر الملاحة الشمالي، ونسعى لتطوير برنامج ضخم طويل الأمد بمشاركة موانئ دبي العالمية لتنمية الشحن عبر الممر، وفي الدرجة الأولى ترانزيت الحاويات.
والعام الماضي، أسست روساتوم بالتعاون مع موانئ دبي العالمية شركة لتطوير ممر الملاحة الشمالي. وأشار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لموانئ دبي العالمية، سلطان أحمد بن سليم، في تصريحات صحافية آنذاك، إلى أن الشركة تطور مسار شحن الترانزيت حيث سيكون أسرع بنحو 40%، من طوكيو إلى لندن قياساً بالشحن عبر قناة السويس.
ويعود تاريخ التعاون بين روساتوم وموانئ دبي العالمية إلى عام 2021 عندنا أعلنت الشركتان العمل على تجربة شحن الحاويات بين شمال غربي أوروبا وشرق آسيا عبر القطب الشمالي.
ويمتد ممر الملاحة الشمالي من نوفايا زيمليا أقصى الشمال الغربي لروسيا، إلى مضيق بيرنغ في الشرق. وتعمل روسيا على تطوير ممر الملاحة الشمالي منذ سنوات عدة، وساهم الاحتباس الحراري وذوبان الجليد في تعزيز طموحات موسكو التي تأمل أن يتحول الممر إلى طريق تجارية رئيسية بين أوروبا وآسيا بحلول 2030 تنافس قناة السويس المصرية، بحسب مراقبين.
وفي عام 2011، قال الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين، وكان آنذاك يشغل منصب رئيس الحكومة، إن ممر بحر الشمال الملاحي سينافس قريباً قناة السويس باعتباره ممراً تجارياً أسرع بين آسيا وأوروبا، فهو أقصر بنحو الثلث مقارنة بممر الملاحة الجنوبي، بحسب تصريحات نقلتها رويترز آنذاك.
وتعد روساتوم قصر الطريق عبر ممر بحر الشمال ميزة نسبية، بحسب النشرة الإخبارية للشركة في فبراير الماضي. وتقول إن طول طريق بحر الشمال يبلغ 5600 ميل، بينما تبلغ المسافة الكاملة من مورمانسك إلى الموانئ الصينية عبر طريق البحر الشمالي 7000 ميل، مقابل 12500 ميل عبر قناة السويس، بحسب موقع الشركة. وأعلنت روسيا في أكتوبر الماضي عن وصول أول سفينة من الصين عن طريق بحر الشمال، وقال الحاكم الإقليمي، أنتون أليخانوف، على تليجرام آنذاك، إن الممر الشمالي سيكون أرخص وأسرع من المرور عبر قناة السويس .
الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية، اللواء عصام الدين بدوي، قال، إن الملاحة في ممر بحر الشمال صعبة جداً، نظراً لطبيعة الطقس السيئ هناك، إضافة إلى عدم وجود مساعدات ملاحية كافية. وأشار إلى أن الاتفاق الأخير بين روساتوم وموانئ دبي العالمية يستهدف تطوير مساعدات ملاحية. وأضاف بدوي أن طريق بحر الشمال من الطرق المكلفة مادياً، وإن كانت أقصر زمنياً، لأن الملاحة عبره تتطلب توفير كاسحات جليد لمرافقة حاويات الشحن، إضافة إلى أن الممر لا يعمل طوال العام، مؤكداً أن قناة السويس خارج المنافسة.
ولدعم الملاحة في بحر الشمال، تطور روساتوم كاسحات جليد نووية، حيث ترافق 3 كاسحات للجليد قوافل السفن على مسار بحر الشمال حتى الآن، بحسب موقع روساتوم. وأشار الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية إلى تصاعد الحديث عن بدائل لقناة السويس الآن في ظل التوترات الأخيرة في البحر الأحمر، التي دفعت شركات الشحن للبحث عن ممرات بديلة.
وبين الحين والآخر يتجدد الحديث عن بدائل لقناة السويس. وتصاعد الحديث أخيراً عقب توترات في البحر الأحمر، إثر هجمات نفذتها جماعة الحوثي اليمنية على السفن المارة في مضيق باب المندب، تزامناً مع الحرب في غزة. ودفع هذا التوتر المستمر منذ نوفمبر الماضي، شركات شحن كبرى إلى تغيير مسارها والدوران حول رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى تراجع عائدات قناة السويس بنسبة تصل إلى 50%، بحسب تصريحات رسمية مصرية.