الملح مادة أساسية لا يخلو منها بيت في العالم، وهو عنصر غذائي حيوي للبشر، وجزء من نظامنا الغذائي اليومي، ويعود إنتاجه إلى آلاف السنين.
وبالإضافة إلى استخدامه في الطهي، فإن للملح استخدامات واسعة النطاق في حفظ الأغذية وتطهيرها، كما يستخدم في الصناعات البترولية والكيميائية، حيث يتم استهلاك حوالي ثلثي الملح المنتج في العالم في الصناعات الكيميائية. وهو عنصر أساسي في مكافحة وإذابة الجليد، ويلعب دورا مهما في التجارة الدولية من خلال إبقاء ممرات النقل البري مفتوحة خلال فترات الطقس الجليدي.
حجم سوق الملح نما في السنوات الأخيرة ليصل إلى 41.91 مليار دولار عام 2023 (شترستوك) ونما حجم سوق الملح في السنوات الأخيرة ليصل إلى 41.91 مليار دولار عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 45.7 مليار دولار في عام 2024. وينتظر أن يشهد سوق الملح نموا قويا في السنوات القادمة ليصل إلى 61.51 مليار دولار في عام 2028 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 7.7% بسبب نمو صناعة الأغذية والصناعات الكيميائية، والتعدين وغيرها من الصناعات التي تعتمد على الملح في دورتها، وفق ما ذكرت منصة بيزنس ريسيرتش كومباني.
تعد الصين أكبر دول العالم إنتاجا للملح، إذ أنتجت البلاد 53 مليون طن متري من الملح في عام 2023. وفي العام نفسه، بلغ إنتاج الملح في الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر دولة منتجة للملح، 42 مليون طن متري، وفق ما ذكرت منصة ستاتيستا.
تتصدر هولندا قائمة أكبر المصدرين للملح في العالم، تليها ألمانيا وكندا والهند والولايات المتحدة على الترتيب، وقد صدّر هذا الخماسي 43.1% من إجمالي الملح الدولي المصدر بقيمة بلغت 1.55 مليار دولار خلال عام 2022. تتشكل أنماط من الملح بشكل سداسي يشبه خلية النحل بسبب الحمل الحراري الناتج عن دوران المياه المالحة في باطن الأرض. علما أن العديد من هذه الدول مثل هولندا وتونس ليست من كبار منتجي الملح في العالم، ولكنها مع ذلك من كبار المصنعين والمصدرين.
ويعد الملح التونسي من أجود الأملاح الطبيعية في العالم، وتنتج تونس نحو مليوني طن من الملح عالي الجودة كل عام، وفق ما ذكرت صحيفة الصباح التونسية، تستهلك منه نحو 100 ألف طن، وتصدر الباقي للخارج.
رغم أن الصين والولايات المتحدة هما أكبر دولتين منتجتين للملح في العالم، ولكنهما أيضا أكبر دولتين في العالم استيرادا للملح بسبب الطلب الهائل في كلا البلدين، حيث يدخل الملح كجزء أساسي في العديد من الصناعات وخصوصا الصناعات الكيميائية والغذائية.
أثارت منظمة الصحة العالمية قلقا بالغ الأهمية حول استهلاك الصوديوم المكون الأساسي في الملح. ويكشف أن البالغين على مستوى العالم يستهلكون ما متوسطه حوالي 4310 مليجرامات من الصوديوم يوميا، أي أكثر من ضعف الحد الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية، والذي يقل عن ألفي مليجرام. ويرتبط تناول الصوديوم المرتفع بمشاكل صحية مختلفة، منها ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وسرطان المعدة والسمنة وهشاشة العظام واضطرابات الكلى وغيرها. ومن المثير للقلق أن ارتفاع استهلاك الصوديوم يؤدي لوفاة 1.89 مليون إنسان سنويا.
ويعتبر الصينيون أكثر شعوب العالم استهلاكا للملح حيث يستهلك الفرد الواحد 17.7 جراما يوميا من الملح، وتعكس أنماط استهلاك الملح في الصين، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمشكلة ارتفاع ضغط الدم المتنامية في البلاد، عادات غذائية عميقة الجذور، ووعيا عاما محدودا بالحاجة إلى الحد من تناول الملح.
لعب الملح دورا حيويا في الطقوس الدينية في العديد من الثقافات، وهو يرمز إلى النقاء. وهناك أكثر من 30 إشارة إلى الملح في الكتب المقدسة، منها التعبير الشهير ملح الأرض. وفي العديد من الثقافات، يعد تقديم الخبز والملح للزوار من آداب السلوك التقليدية.
وكان الملح من أثمن السلع، ومن أجله اندلعت العديد من الحروب عبر التاريخ. وأقدم حرب مسجلة من أجل الوصول إلى إمدادات الملح كانت من أجل السيطرة على بحيرة مالحة في الصين منذ نحو 3 آلاف سنة قبل الميلاد. وفي عام 2200 قبل الميلاد، أعلن الإمبراطور الصيني هسيا يوا أن مقاطعة شاندونغ يجب أن تزود البلاط الإمبراطوري بالملح.