تمكنت شبكة دولية من الخبراء من إنقاذ مئات الآلاف من "مخطوطات تمبكتو" الثمينة في مالي من تهديد الجماعات الجهادية الإسلامية الناشطة في البلاد، وقامت برقمنتها لتصبح اليوم في متناول الجمهور العام.
كانت مدينة تمبكتو المالية ذات يوم مركزاً فكرياً وروحياً وتجارياً ذا تأثير هائل ولا تزال تشتهر بمساجدها الترابية المهيبة وتحتوي على الخصوص مئات الآلاف من المخطوطات المكتوبة باللغة العربية. وبالإضافة إلى الإهمال الذي تعرضت له لسنوات طوال، واجهت المخطوطات خطراً التدمير النهائي بسبب التهديد الإسلامي.
ولكن، بفضل السكان المحليين والعلماء من جميع أنحاء العالم تم إنقاذ أكثر من 40 ألف مخطوطة تعود إلى ما بين القرنين الحادي عشر والعشرين برقمنتها ونشرها على بوابة "الفن والثقافة" في متصفح غوغل وتوفير وصول إلى النسخة الرقمية للعديد من العناصر التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن.
في القرن الرابع عشر، اشتهرت تمبكتو مسجد جينغربر وجامعة سانكوري اللذان كانا بمقاييس ذلك الزمن مركزين فكريين كبيرين. بعد قرنين، عرفت المدينة عصرها الذهبي واستقطبت المثقفين والدارسين في جميع مناحي الحياة من جميع أنحاء العالم مما أدى إلى ظهور مجموعة ضخمة من المخطوطات حول مواضيع متنوعة مثل الفلسفة والاقتصاد والطب والزراعة وعلم الفلك والرياضيات والدين.
يقول محمد شهيد ماثي، كبير المحاضرين في كلية اللاهوت في جامعة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، الذي درس الوثائق لأكثر من عقدين إن المخطوطات "رائعة" ويدحض "الوصول إليها بفكرة أن التاريخ الأفريقي كان شفهياً ودينياً فقط، ويظهر أن إفريقيا لديها تقليد فكري مكتوب".
في عامي 2012 و2013، عرّض النزاع في مالي مخطوطات تمبكتو للخطر حيث عمدت جماعات إسلامية مسلحة إلى تدمير الأضرحة المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي. حينها اعتقد كثيرون أن الجهاديين أتلفوا مئات الآلاف من الوثائق، لكن العمل المنسق والسريع أمّن الغالبية العظمى من المخطوطات، ولم يتمكن المتطرفون إلا من حرق بضعة آلاف فقط.
ويمكن للأكاديميين والفنانين وكل الراغبين استكشاف هذا الكنز وقراءة محتويات المخطوطات التي تُرجمت إلى الإنجليزية والعربية والإسبانية والفرنسية.