لا يمكن لزائر طنجة أن يغادر المدينة قبل أن يتوجه إلى "الحافة"، ذلك المقهى البسيط الذي شُيد قبل ما يزيد على قرن من الزمن فوق هضبة مرشان المطلة على جبل طارق على مرمى حجر من إسبانيا، والذي أصبح المقهى الأكثر شهرة في المغرب وأحد أشهر المقاهي في العالم. من زار طنجة ولم يصل الحافّة، لم ير طنجة" عبارة يرددها كل من أتيحت له فرصة زيارة المدينة الواقعة على ارتفاع 145 مترا فوق سطح البحر والتي يسميها المغاربة "عروس الشمال" حيث تلتقي على ساحلها مياه البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي.
تحول "الحافة" من مشروع بسيط لكسب العيش إلى مزار سياحي عالمي وقبلة لمشاهير المغرب والعالم، حيث يتميز بموقعه الاستراتيجي وببساطته وبنائه البسيط، حيث تتناثر الطاولات الإسمنتية والكراسي البلاستيكية فوق مدرجاته وتملأ أشجار التين المكان في عشوائية بسيطة ومتناغمة. تصميم مقهى (الحافة) عبارة عن خمسة مدرجات متوازية، تتخلل كل مدرج منها طاولات إسمنتية مزينة بالزليج المغربي بلاط فسيفسائي والكراسي البلاستيكية الملونة تحت ظلال أشجار التين التي تملأ المكان.
وعلى الرغم من الاعتباطية في تشييده، فإنه كان ولا يزال المقهى الأكثر شعبية في مدينة طنجة، حتى إنه لا يمكن لزوار المدينة الأجانب أن يكونوا موجودين فيها دون زيارة المقهى واحتساء كوب الشاي بالنعناع، وهو المشروب الأكثر طلبا هناك. وكان مقهى (الحافة) قد صُنف ضمن لائحة الآثار بموجب قرار صادر عن وزارة الثقافة في عام 2016. وبموجب القرار، فإنه لا يمكن إحداث أي تغيير في المكان دون إخطار وزارة الثقافة قبل التاريخ المقرر للشروع في الأعمال بستة أشهر على الأقل. ومن مميزات مقهى (الحافة) الذي يعتلي هضبة مرشان المطلة على البوغاز في أنفة وعنفوان هو أنه شهد في وقت سابق توافد شخصيات سياسية وفنية وأدبية عالمية، فضلا عن أن المقهى يستقبل جميع الشرائح الاجتماعية وجميع الفئات العمرية.
وكان من بين هذه الشخصيات أيضا الأديب والمفكر اللبناني شكيب أرسلان الشهير بلقب (أمير البيان) والذي زار المقهى عام 1930، بالإضافة إلى الوزير البريطاني في تلك الفترة ونستون تشرشل الذي شارك في الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى الروائي الأميركي بول بولز ومجموعة أصدقائه. كما أتاح (الحافة) حيزا لتجمع جمعيات محلية من المدينة لإحياء التراث الموسيقي، حيث كان ضمن مجموعة من المقاهي التقليدية التي استقطبت العديد من فناني الطرب الأندلسي ورواده، وهذه المقاهي هي (السطح) و (حنفطة) و (باب المرسى).