أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان لها الثلاثاء الماضي عن بدء عملية عسكرية لمكافحة الإرهاب انتهت باستسلام المجموعات المسلحة الأرمينية الإنفصالية واستعادة أذربيجان ما تبقي من أراضي قراباغ بعد حرب 2020 وتم الإتفاق علي تسليم الإنفصاليين أسلحتهم وترك مواقعهم العسكرية ونزع سلاحهم بالكامل وعقد إجتماع بين ممثلي الحكومة الأذربيجانية وممثلي أرمن قراباغ الذي عقد في مدينة يفلاخ الأذربيجانية حيث ناقش الجانبان عدد من القضايا علي رأسها دمج أرمن قراباغ مع الشعب الأذربيجاني.
وتعقيباً علي هذه الأحداث قال الباحث في شئون أسيا الوسطي والقوقاز الدكتور أحمد عبده طرابيك في حوار له مع قناة "فرانس 24" هذا الإجتماع وإن لم تعلن نتائج الجولة الأولي له كان بداية لمفاوضات طويلة ومستمرة، بلا شك قدمت أذربيجان مطالبها لوفد الإنفصاليين الأرمن وهناك جولة أخري لم تحدد موعدها بعد ولكن أعتقد أنها ستكون خلال الأسبوع القادم، ويأتي ذلك بعد أن قدم كل طرف مطالبه للطرف الآخر.
وأضاف: أذربيجان وضعت الجميع أمام الأمر الواقع، لأنه نتيجة لحرب 2020 تم تحرير 7 مقاطعات أذربيجانية كانت تحيط بقراباغ وكنت أعتقد أن هذا الملف سيغلق بعد الفترة التي حددها البيان الثلاثي الصادر قي 10 نوفمبر 2020 وهي خمس سنوات، ولكن الظروف الإقليمية المتمثلة في الحرب الروسية- الأوكرانية، وتوجيه رئيس الوزراء الأرميني سياسات بلاده نحو الغرب، والمناورات العسكرية الجارية بين أرمينيا والولايات المتحدة، كل ذلك ساعد أذربيجان في تعجيل سيطرتها علي قراباغ وتسليم الإنفصاليين الأرمن لأسلحتهم وقبول شروط أذربيجان المنتصرة في هذه الحرب.
وفي حديثه عن الموقف الروسي من هذه الإجراءات العسكرية قال الدكتور طرابيك، إنه كان لروسيا دورًا كبيرًا في انتصار أرمينيا في حرب قراباغ الأولي عام 1994، ولكن تغير الأوضاع بهذا الشكل الأن سببه هو توجه أرمينيا نحو الغرب وكانت أرمينيا تعتمد علي روسيا سياسيًا من خلال منظمة معاهدة الأمن الجماعي ولكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح قائلًا إن ما يجري في قراباغ الأن شأن أذربيجاني داخلي في إشارة إلي ان هذا ليس له علاقة بالسيادة الأرمينية وليس اعتداء علي أرمينيا وبالتالي لا يحق لروسيا ولا لأي دولة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التدخل لنصرة أرمينيا.
وتحدث الدكتور طرابيك، في حواره عن أسباب الدعم السياسي والإقتصادي التركي لأذربيجان قائلًا، كان لتركيا دورًا في هذا باعتبارها حليف استراتيجي لأذربيجان لما لها من علاقات تاريخية وثقافية معها حيث تم توقيع اتفاق تحالف وصداقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف للتحالف وصداقة بين البلدين في يونيو 2021 والذي سمي بـ "إعلان شوشا" والذي ينص علي مجموعة من الإتفاقيات الأمنية والإقتصادية والثقافية المشتركة بين البلدين، والسبب الثاني هو أن تركيا وأذربيجان أعضاء في منظمة الدول التركية وتسعي تركيا من خلال إنهاء هذه القضية إلي تواصل جغرافي بينها وبين أذربيجان ودول أسيا الوسطي من خلال ممر زانجازور، وأعتقد أنه بعد توقيع اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا سيكون هناك ادماج لأرمينيا داخل هذه المنظومة، وكان الرئيس أردوغان قد اقترح إنشاء منصة 3+3 التي تضم دول القوقاز الثلاثة أذربيجان وأرمينيا وجورجيا وروسيا وتركيا وإيران لتكون حلقة وصل بين أسيا وأوروبا في مختلف المجالات باعتبار أن ممر زانجازور أقصر طريق إلي أوروبا.
وفي حديثه عن الموقف الأوروبي من هذه الإجراءات العسكرية الأذربيجانية قال الدكتور طرابيك، أعتقد أن أوروبا ليس لديها أوراق لتضغط بها علي أذربيجان خاصة أن أذربيجان عندما أعلنت حربها كانت تنفذ قرارات مجلس الأمن الأربعة الصادرة عام 1993 التي تنص علي أن أراضي قراباغ أذربيجانية وأرمينيا نفسها تعترف بقراباغ كجزء من أراضي أذربيجان.
لقمان يونس