"لا ريب أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في أذربيجان صبيحة يوم التاسع من فبراير 2020 كانت بمثابة عرسا ديمقراطيا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، بغض النظر عن الرابح والخاسر، فلا خاسر في التنافس لخدمة الوطن بل هو شرف عظيم لكلا المتنافسين.
في هذا اليوم المشهود خرجت جموع الشعب الأذري رجالا ونساء وشبابا متوجهين إلى المقار الانتخابية ـ والتي أعدت وجهزت بصورة أذهلت المراقبين الدوليين سواء من حيث التنظيم الجيد أو من حيث سرعة ودقة الإجراءات ـ ليدلوا بدلوهم في هذا الاستحقاق الديمقراطي ويختاروا من يمثلهم في البرلمان الجديد، يحدوهم الأمل في مستقبل واعد وغد مشرق لبلادهم.
وقد تشرفت بتغطية الانتخابات الأذرية لصحيفة «البيان» الإماراتية بصحبة زملاء آخرين من عدة دول عربية في مقاطعة قوبا الواقعة على نهر كوديال والتي يزيد سكانها قليلا عن 40 ألف نسمة وينتمون إلى مختلف العرقيات الموجودة في وسط آسيا، وكانت الثلوج تسيطر على الأجواء وترتسم على أسطح المباني والسيارات وعلى فروع الأشجار، وكانت درجة الحرارة تتأرجح ما بين 7 إلى 9 درجات تحت الصفر حتى ظننا أن أحدا من السكان لن يخرج ليدلي بصوته في هذه الظروف المناخية الصعبة، ولكن تبدل الظن بمجرد دخولنا إلى أحد مراكز الاقتراع في المدينة لنجد أعدادا كبيرة من الرجال والنساء والشباب يمارسون حقهم الانتخابي غير عابئين بالظروف المناخية.
ولا شك أن خروج الرئيس إلهام علييف والسيدة الأولى مهربان علييفا وأفراد أسرتهما منذ الصباح الباكر يوم التاسع من فبراير الجاري إلى أحد المقرات الانتخابية في العاصمة باكو للإيلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات، أعطت القدوة والمثل لجميع أبناء الشعب الأذري في يشاركوا بقوة واصرار في هذا الاستحقاق الديمقراطي.
في هذا المركز كان هناك عدد كبير من المراقبين ومندبي المرشحين إضافة إلى عدد من الرجال والسيدات من القائمين على تنظيم سير عملية التصويت، وكذلك الناخبين الذين يمثلون مختلف الفئات العمرية من الجنسين وكان هناك صندوقا صغيرا وضع بجانب الصندوق الزجاجي الكبير حيث تودع داخله أوراق التصويت، وعندما سألنا رئيس المركز عن السبب، أخبرنا بأن الصندوق الصغير تم تخصيصه في كل اللجان المنتشرة في أذربيجان لتمكين كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى ممن لهم حق التصويت ولا يستطيعون الوصول إلى المقر الانتخابي، حيث يتم إيفاد أحد الموظفين في اللجنة بصحبه أحد المراقبين إلى منزل الناخب ويقوم باختيار مرشحه ومن ثم العودة بالصندوق إلى المقر الانتخابي.
هذه اللفتة الجميلة من قبل اللجنة المركزية للانتخابات أعطتنا انطباعا جيدا تمثل في حرص القيادة السياسية في البلاد على مشاركة الجميع في هذا الاستحقاق الديمقراطي من خلال توفير وتسخير كل السبل والامكانات لنجاح هذه الدورة الانتخابية في أذربيجان، وأن تكون نموذجا للانتخابات المستقبلية، ولذلك عندما أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات أن نسبة التصويت وصلت إلى 57 % من جملة الكتلة التصويتية البالغ عددها 5.3 ملايين ناخب، لم يكن الأمر غريبا لأننا عايشنا الواقع وتابعنا سير العملية الانتخابية أولا بأول.
نبارك للشعب الأذري هذا النجاح الكبير الذي اثبت فيه جدارة منقطعة النظير في إدارة عملية الانتخابات بكل شفافية واقتدار ونزاهة، ونبارك لجميع الفائزين بمقاعد البرلمان الجديد، ونذكرهم بالقائد المؤسس باني نهضة أذربيجان الحديثة الرئيس الراحل حيدر علييف، رحمه الله، وأن يحذوا حذوه حيث بذل الغالي والنفيس من حياته وصحته للنهوض بأذربيجان وبالمواطن الأذري حتى أصبحت من الدول الأكثر تقدما في العالم بتحقيق معدلات نمو اقتصادي سريع فضلا عن الريادة الإقليمية والدولية في العلاقات السياسية مع جميع دول العالم، كذلك جهوده في تأمين التعليم للشباب والفتيات من خلال إنشاء المعاهد والجامعات المتقدمة وبناء المراكز الصناعية العملاقة ودعم وتعزيز وتنشيط السياحة.