القاهرة - وجدت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية أهمية سياسية حاليا في التمهيد للعودة إلى مسار التسوية لتخفيض مستوى العنف في الأراضي الفلسطينية، وذلك بالتزامن مع التبشير بأن الإدارة الأميركية ستوفر دعما لاتجاه يريد منع التصعيد الذي بات يزعج الجهات الثلاث، ويعد عقد قمة بين الأطراف الثلاثة في القاهرة قريبا بمثابة إعادة لترتيب الأوراق السياسية.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية الاثنين الأنباء التي راجت مؤخرا حول عقد قمة في القاهرة لحث الإدارة الأميركية على الوفاء بوعودها والحفاظ على حل الدولتين، دون أن يحدد موعدا زمنيا لها.
ونشط التعاون والتنسيق بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للحد من التمادي في التصعيد، وتشكيل رافعة سياسية لمحمود عباس قبل أن تتآكل سلطته، في وقت تماطل فيه حماس في التجاوب مع طروحات التهدئة السياسية مع أبومازن والتهدئة العسكرية مع إسرائيل.
وشدد إشتية على أن حل الدولتين يجب أن يتم “من خلال خطوات عملية تضع حدا للسياسة الاستيطانية العنصرية التي تتواصل في جميع الأراضي الفلسطينية، خاصة في محافظة القدس، والعمل على فتح مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحق العودة للاجئين”.
وتدفع القاهرة وعمّان نحو دعم أبومازن بعد أن أخفقت الجهود المصرية في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وظهرت ملامح تصعيد من حركة حماس وإسرائيل ما يجهض عملية الاستفادة من المكاسب السياسية التي تحققت بتأكيد اعتراف واشنطن بأهمية حل الدولتين وتلقي ردود إيجابية من قوى غربية للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ورجحت مصادر سياسية أن يكون لقاء رام الله بين عباس ووزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس الأحد مقدمةً لإطلاق عملية سياسية مع الجانب الفلسطيني بعد توقف المفاوضات.
وعقد لقاء رام الله بعد وقت قصير من عودة رئيس الوزراء نفتالي بينيت من زيارة قام بها لواشنطن والتقى خلالها (الجمعة) الرئيس الأميركي جو بايدن، وناقشا الكثير من الملفات الإقليمية، من بينها حث بينيت على إبداء مرونة في التفاوض مع أبومازن.
وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية سمير غطاس لـ”العرب” إن “القمة الثلاثية ترتبط بتنسيق المواقف بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل والتي قد تشهد تقديم خطابات أو مبادرات جديدة للتسوية مرجح أن يطرحها كل من أبومازن والرئيس السيسي والملك عبدالله”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “القضية الفلسطينية عمليا ستظل مجمدة الفترة المقبلة لأن لقاء بايدن – بينيت في واشنطن لم يتمخض سوى عن توصية أميركية بتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة والضفة الغربية، ولا توجد نوايا إسرائيلية حقيقية من أجل الاتجاه إلى أي حلول سياسية في ظل وجود ائتلاف حكومي هش سيكون قابلاً للانهيار في حال جرى الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية”.
ولفت إلى أن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليست على أجندة الولايات المتحدة أو الدول العربية حاليا، وبالتالي فالقمة الثلاثية لن تعدو كونها “عملية تشاور وتنسيق ولن تشكل اختراقًا على مستوى العملية السياسية، لأن هناك تعثرا من جانب حركة حماس التي ترفض إجراء انتخابات في قطاع غزة وتنتظر وعود داعمتها قطر للحصول على اعتراف دولي مثلما هو الحال مع حركة طالبان في أفغانستان”.
واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبوع الماضي أن تتوصل حكومته إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، قائلا إن حكومته “لن تحل الصراع” في ضوء وضع القيادة الفلسطينية التي وصفها بأنها “هشة ولا تملك اتجاها واضحا”.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ”العرب” أن “القمة الثلاثية في القاهرة هدفها توفير شبكة أمان سياسية لمحمود عباس وأنه قادر على التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة وضبط التوازنات السياسية التي أضعفت الرهان عليه من جانب أطراف عديدة”.
وتعرض أبومازن لحملة تشكيك عنيفة من قبل حركات لا ترى أنه مؤهل لقيادة الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، ومواقفه المتناقضة من إسرائيل لا تدعو إلى الثقة فيه، وضبابية رؤيته في إدارة السلطة الوطنية تدفع نحو التعجيل بإخراجه من المشهد العام.
وهناك اعتقاد بأن لقاء أبومازن – غانتس غرضه استمرار توظيف إسرائيل لحالة الإرباك السياسي الذي أصاب قيادة السلطة الفلسطينية جراء سلسلة من الأخطاء ارتكبتها حركة فتح ما أسهم في زيادة تراجع رصيدها في الشارع.
ونددت حركتا حماس والجهاد الاثنين باجتماع أبومازن – غانتس حيث قالتا “مثل هذه اللقاءات استمرار لوهم قيادة السلطة في رام الله بإمكانية إنجاز أي شيء للشعب الفلسطيني عبر مسار التسوية الفاشل، بل إن هذا السلوك يعمق الانقسام السياسي”.
وتعتقد الحركتان أن هذه اللقاءات “تشجع بعض الأطراف في المنطقة التي تريد أن تطبع مع الاحتلال، وتضعف الموقف الفلسطيني الرافض للتطبيع”. ويمثل اللقاء رسالة طمأنة إلى أبومازن بعد أن راجت تقارير تفيد بضعف السلطة الفلسطينية والحديث عن خطط سياسية تؤكد أهمية استبدالها.