أكد وزير المالية التركي نور الدين نباتي “ثقة تركيا أن السياسة المالية الجديدة ستعطي النتائج المرجوة منها في أقرب وقت”، لافتاً إلى “وجود جهاتٍ أجنبية حاولت التدخل لخفض قيمة الليرة التركية وبالتالي ثقة المواطنين والمستثمرين بها”.
كلام نباتي جاء خلال لقاء أجرته معه قناة الجزيرة القطرية، ضمن برنامج “بلا حدود”، مساء الأربعاء.
وقال نباتي إن “هناك ما يتم تسويقه في تركيا والعالم حول على نسبة الفائدة المصرفية أن تكون أعلى من نسبة التضخّم الماليّ، ولكننا في تركيا نرى العكس تماماً، خصوصاً وأن الخطاب الذي تم تسويقه في تركيا يعكس الموقف الحكومي وهو أن نسبة الفائدة عليها أن تكون أقل من التضخم، وعلينا أن نطور سياسة مالية تتماشى مع هذه القاعدة”.
وأضاف أن “السياسات المالية التركية تهدف إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ففي السنة الماضية استقطبت تركيا 17 مليار دولار منها، والنقطة الأهم هي أن الصادرات التركية تجاوزت 225 مليار دولار، في حين تضاءل حجم الواردات إلى تركيا، وهذا سينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي وسيساهم في تقليص عجز الميزان التجاري ويقربنا من الهدف المنشود وهو 250 مليار دولار من الصادرات، ونحن واثقون من صحة سياساتنا المالية ومن انعكاساتها الإيجابية في المستقبل”.
ولفت نباتي إلى أن “بعض الجهات الأجنبية قد بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2021 بشنّ حملة ضد تركيا، ساهمت في زيادة قيمة الدولار في تركيا، وهذه نعتبرها فقاعة أو أمراً عرضياً ناتجاً عن حملة معادية لتركيا وهي ليست دائمة ولن تستمر”.
وأكد أن “الدولة التركية بكل مؤسساتها تقوم بكل ما يجب للتصدي لهذه الحملات المغرضة والخيانات التي نعرف مصدرها، والتدابير التي أعلن عنها الرئيس أردوغان وتتمثل في حماية الودائع المصرفية بالليرة التركية حسب قيمة الدولار، قد كشفت عن أن الحالة التي شهدتها الليرة التركية من تهاوٍ بالقيمة هي حالة عرضية وليست واقعية ونوع من الغثاء فوق السيل يمكن استبعاده بسهولة”.
وتابع “نحن واثقون من أنه في الفترة المقبلة سوف تعود السوق المالية في تركيا إلى طبيعتها، ومنذ 20 كانون الأول/ديسمبر الماضي شاهدنا زيادة مهمة في حجم الإيداعات بالليرة التركية، وهذا لقي قبولاً حسناً لدى المستثمرين في البنوك التركية، ومنذ البارحة لاحظنا أن حجم الإيداعات إلى 91.5 مليار ليرة، وهو إجمالي الإيداعات الفردية في البنوك التركية، وهذا يعكس مدى ثقة المواطن التركي في السياسة المالية لحكومته المنتخبة”.
وأكد أن “الرئيس أردوغان يسعى للقضاء على الفوائد المصرفية باعتبارها ربا، ولأنها سبب رئيس بالعجز التجاري وارتفاع التضخم”، وشدد أن “البنك المركزي التركي مستقل ويتخذ قراراته دون تدخل من الرئيس، وسياساته تتماشى مع الحكومة المنتخبة، والقرارات تتخذ وفقاً لاحتياجات السوق ومصالح الشعب”.
وفي معرض الإجابة على سؤال حول من هي الجهات الأجنبية التي تحارب الليرة والاقتصاد التركي، قال نباتي “هذه الجهات معروفة ولكن الأدوات التي تستخدمها مختلفة لأنهم بدأوا يستخدمون المستثمرين الأفراد، يريدون أن يوجهوهم ليتحركوا بشكلٍ جماعي عن طريق الإشاعات والأكاذيب واستخدام الوثائق المزوّرة”.
وتابع “مثلاً حاولوا أن يشوّهوا اتفاق المقايضة المالية الذي وقعناه مع قطر، وكذلك كذبوا على الناس في قيمة الليرة في ذلك الاتفاق، إنهم يحاولون توجيه الرأي العام، هي هندسة اجتماعية يمارسونها ضد الشعب التركي ليوجههو إلى سحب مدخراته من البنوك”.
وأضاف مشددا أن “الحكومة تعمل مع البرلمان على سنّ العديد من القوانين التي تساهم في زيادة إيداع المواطنين الأتراك لليرة في البنوك وإخراج الأموال من (تحت الوسائد) لوضعها في الحسابات المصرفية، وتعمل على تطوير نظام إيداع الذهب والمجوهرات في البنوك، وهذه الخطوات ستسهم في وقف الهجمة المالية على الليرة التركية”.
وتابع نباتي أن “الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اكتسبت ثقة لدى المواطن التركي، مما دفعه للإيداع والتعامل الفوري مع قراراتها، بالإضافة للعمل على تحسين قيمة الليرة لاكتساب ثقة أكبر لدى المودعين الأتراك”.
وحذّر من “الاستخدام السياسيّ من قبل أحزاب المعارضة لليرة التركية أو التحريض على عدم تحويل العملات الأجنبية إلى المحلية”.
وشدّد نباتي على قوة الاقتصاد التركي، قائلاً إن “الاحتياط النقدي في البنك المركزي من العملات الأجنبية كان 128 مليار دولار والآن 110 مليارات دولار، ولا مشكلة في ذلك لأن الاقتصاد قادر على الاستمرار، ولا تستطيع أي جهة خارجية أن تملي على تركيا أي سياسات، لأن الاقتصاد التركي مستقل وقادر على مواجهة المشكلات”.
وانتقد نباتي الأصوات التي تدعو تركيا إلى التخلّي عن سياستها الاقتصادية المستقلة والعودة للتبعية، مؤكدا أن “هذه السياسات أدّت إلى انخفاض العجز في الميزان التجاري حتى وصل إلى 2%، وستنخفض هذه النسبة بنهاية العام الجاري، وتعمل الحكومة على تصفير العجز التجاري”.
وبيّن نباتي أن “المشكلة التي تواجه تركيا في الوقت الحالي هي في إمدادات الطاقة، لكنها باتت قريبة من التخلص من هذه المشكلة عبر استخدام غازها الذي ستنتجه من البحر الأسود بحلول العام 2023، وتركيا تعمل على نموذج اقتصاديّ جديد سيحقق أهدافه بصورة سريعة”.