كالمعتاد من كل سنة ، يتجدد انطلاق فعاليات وتدريبات التمرين العسكري المشترك بين المملكة المغربية ونظيراتها الأمريكية التي تحمل عنوان الدورة ١٩ من تمرين الـ مناورات " الأسد الإفريقي 2023" الذي يُعد الأكبر في إفريقيا من حيث عدد المشاركين العسكريين وكذلك المدنيين الذي وصل عددهم إلى ٢٠ دولة من مختلف جنسيات العالم.
ومن هنا ، يمكن أن نستقرئ أهداف ومخرجات هذه المناورات العسكرية المشتركة التي احتضنتها القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية المغربية باگادير، في تعزيز آليات الاشتغال البنيي للتطور الدفاعي والحربي المشترك و الأداء العسكري الفعال بين القوات العسكرية الأميركية و المغربية في إرساء أدبيات التحالف الدولي المبني على قيم التعاون الأمني من أجل حفظ السلام الامن والاستقرار الإقليمي والدولي.
إذن؛ تتجلى جُل التدريبات هذه الدورة ١٩ من مناورات " الاسد الافريقي " في تبادل الخبرات الدفاعية التكتيكية التي تتسم بالتدخلات للقوات الجوية والبحرية الخاصة وكذلك تعزيز قدرات القوات البرية على التخطيط الاستراتيجي والعملياتي المسبق من أجل اكتساب مهارات دفاعية عالية المستوى تتطابق مع طبيعة المناورات العسكرية الميدانية المحاكاة للواقع الحربي .
وعليه، يُعتبر التعاون العسكري والأمني بين الحليفين المغربي و الأمريكي من أبرز المقومات الاساسية للعمل العسكري المشترك بين البلدين في افريقيا والعالم العربي ككل، بحيث يمكن القول بأن المغرب منذ 2004 أصبح حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة الأميركية من خارج الناتو. وهذا ما ترجمته المناورات العسكرية المشتركة و التعاون العسكري الاستخباراتي المثالي في ترسيخ مبادئ التعاون العسكري الدولي في خضم ما تعرفه المنطقة من تذبذبات هشة للوضع الجيو سياسي والجيو استراتيجي على وجه العموم .
حاليًا، سجلت نسخة الدورة ١٩ من المناورات العسكرية المغربية الأمريكية المشتركة، مشاركة أكثر من 30 ألف شخص عسكري تختلف رتبهم و تخصصاتهم العسكرية وذلك راجع الى أهمية توطيد العلاقات الدفاعية الثنائية وكذلك توسيع نطاق مجال التعاون العسكري الحديث بين القوات المسلحة الملكية المغربية و نظيراتها الأميركية .
وفي نفس السياق ، جاء تقييم أداء دور هذه المناورات العسكرية الاميركية المغربية المشتركة بالايجابي في إرساء آليات التعاون الاستخباراتي المشترك بين الجانبين في مكافحة الإرهاب وانتشار المنظمات المسلحة و تهديدات الاستقرار الاقليمي العابرة للحدود على حد سواء؛ ناهيك عن تحديث آليات العمل المشترك المندرج ضمن منظومة توسيع استراتيجيات التدريبات العسكرية والأمنية التي تهدف الى تطوير الشراكة الأمنية و العسكرية داخل ما يسمى بمرجعية "تجديد التحالف الدولي ".
وبعيدًا عن الجانب العسكري ، جاء مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية و الاستعلامات الدولية بين الرباط وواشنطن في توطيد أساليب العمل الاستخباراتي و التنسيق الاستباقي للحد من مخاطر التهديد الإرهابي والتطرف الديني و الاتجار بالبشر وعلاقتهما المتزايدة في شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء.
بخصوص مكافحة أسلحة الدمار الشامل، الجيش الأمريكي والقوات المسلحة الملكية عملا بمبدأ التعاون العسكري الدولي المشترك بإتمام برنامج يسعى لمواجهة التهديدات الكيماوية و الإشعاعية والنووية الذي امتد لسنوات عدة .
وختاما ، التزام المملكة المغربية بالدورات الأسد الأفريقي تُعتبر دليلًا على مدى أهمية التعاون العسكري المشترك بين الجانبين الأمريكي والمغربي في إرساء مبدأ التحالف الدولي التي تنص عليها أبجديات العلاقات الدولية.
دكتور جمال ايت لعضام
أستاذ العلاقات الدولية