تداولت بعض وسائل الإعلام أنباء تفيد بأن إيران بدأت في حشد قواتها المسلحة علي الحدود مع العراق مما يفتح المجال لطرح الكثير من التساؤلات من بينها ما يلي:
- ما أسباب هذه التطورات المفاجئة في العلاقات العراقية الإيرانية؟
- ما تداعيات هذه الخطوة علي العلاقات الإيرانية- العراقية وعلي دول المنطقة؟
- هل تنذر هذه الخطوة باندلاع حرب جديدة بين البلدين علي غرار حرب إيران مع العراق خلال الثمانينات من القرن الماضي؟
واجابة علي هذه التساؤلات، قالت الباحثة في الدراسات الإيرانية الدكتورة مرﭬت زكريا، في تصريح حصري لموقع إيدنيوز الإخباري إن هذه التطورات ليست مفاجئة ولكنها تأتي بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل الفتاة الإيرانية من أصل كردي مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق بسبب مزاعم بعدم التزامها بالزى المعمول به في إيران والتى توافق 16 من سبتمبر الجارى. ويأتي الحشد الإيراني للقوات على الحدود مع العراق بسبب إدعاءات طهران بتورط الجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الحدود مع العراق في إثارة الكثير من أعمال الشغب داخل إيران خلال الشهور اللاحقة على مقتل مهسا أميني في سبتمبر الماضي.
وأضافت قائلة، إن هذه الخطوة تأتي في سياق استعدادات نظام الولي الفقيه في إيران لإحكام قبضته على الأوضاع الأمنية في الداخل وعلى الحدود، هذا بالإضافة إلي أن المحافظات الحدودية الإيرانية لا تتمتع بوضع اقتصادي جيد.
وتابعت: تعاني الأقليات في إيران بشكل عام من التهميش على كافة الأصعدة، الأمر الذى يجعلها بمثابة الوقود الذى يمكن أن يشعل الأوضاع في إيران خلال أقصر فترة زمنية ممكنة، وبالتالي، يأتي التصعيد الإيراني مع العراق في سياق رغبتها في الحد من هذه الإختراقات الخارجية خلال هذه الأوضاع الحرجة.
وفي حديثها عن تداعيات هذه الخطوة علي العلاقات الإيرانية- العراقية والمنطقة، قالت الدكتورة مرﭬت، إنه ليس من المتوقع أن يكون لهذه الخطوات تداعيات سلبية كبيرة، سواء على العلاقات الإيرانية مع العراق أو دول المنطقة، بالنظر لحجم المصالح التى تحظى بها طهران لدى العراق؛ حيث تتمتع إيران بعلاقات اقتصادية جيدة مع العراق، بل وتعتبره بوابتها لتخطى العقوبات الاقتصادية من خلال تهريب الدولار إلى طهران، وكذلك تمتلك إيران علاقات سياسية قوية مع بعض الفصائل السياسية العراقية مثل قوى الإطار التنسيقي الشيعي، بل وتعتبرهم بمثابة ورقة ضغط يمكن من خلالها التأثير على مجريات الأحداث السياسية في العراق.
وأضافت: أما على الصعيد العسكري فتوجد في العراق مجموعة من الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران مثل قوات الحشد الشعبي وجماعة حزب الله اللذين توظفهم طهران ليس لتحقيق مصالحها في العراق فحسب، بل للتأثير على مسار الأحداث في المنطقة العربية بأكملها. ومن الناحية السياسية فإن إيران تستخدم العراق لتحسين علاقاتها مع دول المنطقة، وهو ما اتضح في دور الوساطة الذى قامت به بغداد بين المملكة العربية السعودية وإيران إلى أن تم التوصل لاتفاق استئناف العلاقات في 10 مارس الماضي، ورأينا ذلك أيضا من خلال اعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوادني خلال الأيام القليلة الماضية أن بغداد تقوم بأدوار وساطة بين إيران وعدد من دول المنطقة من بينها مصر والأردن.
وتري الدكتورة مرﭬت زكريا، أنه في ضوء ما سبق، يمكن القول أن هذه الخطوة لن تنذر بأى حروب أو صراعات لأنها مجرد خطوات إيرانية لتكثيف الضغوط على العراق لتنفيذ الاتفاق الأمني الذى يقضى بنزع سلاح هذه الجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة في إقليم كردستان العراق. وهو ما أعلن على إثره وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال زيارته إلى طهران بالأمس خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني أمير حسين عبد اللهيان عن أنه سيتم نقل هؤلاء الأشخاص إلى مخيمات اللاجئين، وسيتم هذا الإجراء تحت إشراف الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في غضون فترة قصيرة.
واستبعدت الدكتورة مرﭬت، احتمال اندلاع حرب عراقية-إيرانية، قائلة إنه ليس من المتوقع أن تتكرر الحرب العراقية الإيرانية مرة أخرى، والسبب في ذلك هو أن إيران هي آخر دولة يمكن أن تدخل في حرب مفتوحة مع دولة أخرى لذا فإنها تخوض حرباً بالوكالة من خلال الميليشيات المسلحة التابعة لها بالمنطقة، ولا ترغب نهائياً في أن تنتقل الحرب إلى الداخل الإيراني بأي شكل من الأشكال، نظراً للتكلفة المرتفعة والخسائر الفادحة التى تكبدتها خلال الحرب العراقية الإيرانية السابقة.
لقمان يونس