تتطلع الصين للعب دور الوسيط في الحرب بين إسرائيل وحماس. وتدين حكومة بكين أعمال العنف من كلا الطرفين، ولكن هناك لدى الرأي العام الصيني عداء تجاه إسرائيل.
تقيم الصين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بشكل رسمي إلا في عام 1992. ومنذ التطبيع أضحت إسرائيل بالدرجة الأولى شريكا تجاريا للصين. ووصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 22 مليار دولار في عام 2023. أي ما يعادل حجم التبادل التجاري بين الصين والسويد، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي.
وكان من المقرر أن يسافر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الصين في أكتوبر 2023. وكان من المخطط أن يكون على جدول أعماله إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع الصين. والآن تم تأجيل الزيارة بسبب الهجوم الإرهابي الذي نفذته حركة حماس الإسلاموية المسلحة.
ويكاد ينحصر تبادل الوثائق الرسمية بين البلدين على مجال الاقتصاد والتجارة. ولم يكن الصراع في الشرق الأوسط قضية كبيرة فيها. فمثلا، اقتصر البيان الختامي بعد زيارة نتانياهو الأخيرة إلى بكين في عام 2017، على ذكر أن الصين تريد تعزيز الابتكارات المشتركة مع إسرائيل وتشجيع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة.
وفي الوقت نفسه، تهتم الصين دائما بمسألة أن إسرائيل حليفة للولايات المتحدة، المنافس الجيوسياسي الرئيسي لبكين. وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، الذي تولى منصب رئيس مجلس الأمن الدولي في نوفمبر: تدعو الصين القوة الكبرى التي لها التأثير الأكبر على الطرف المعني إلى تنحية مصالحها الخاصة واعتباراتها الجيوسياسية جانبا وبذل كل الجهود لإنهاء الحرب واستعادة السلام. إنه يقصد الولايات المتحدة. وافترض تشانغ جون ضمنا أن واشنطن لها مصلحة في الحرب.
وخلافا للرأي العام، تقول الحكومة في بكين أنها طرف محايد في صراع الشرق الأوسط. ومع ذلك، تنتقد الصين إسرائيل في المقام الأول. ووصف وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، القتال الذي تخوضه إسرائيل بأنه غير متناسب ويتجاوز حدود الدفاع عن النفس بكثير. وأضاف وانغ أنه لا ينبغي معاقبة شعب غزة بشكل جماعي. وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قال سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ، إنه يريد الاهتمام بالمصالح الأمنية المشروعة لكلا الطرفين المتحاربين واستعادة السلام.
ولا تجري بكين اتصالات منتظمة مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، لكنها تتواصل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية. ودخلت الصين في شراكة استراتيجية شاملة مع السلطة في صيف 2023.
وجاء في البيان الختامي المؤرخ في 14 يونيو 2023، عقب المحادثات بين الرئيسين شي جين بينغ ومحمود عباس: تدعم الصين إقامة دولة فلسطين ذات السيادة على أساس ترسيم حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتدعم الصين استئناف محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وحل الدولتين.
وفي المقابل، تلتزم السلطة الفلسطينية، ممثلة بمنظمة التحرير، بسياسة صين واحدة، مما يعني أن الجمهورية الشعبية وحدها هي الحكومة الشرعية الوحيدة للصين.
ومنذ عام 2019 صار للصين مبعوث خاص للشرق الأوسط. ومن بين مهامه الدفع بعملية السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب. ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، أجرى المبعوث الحالي تشاي جون اتصالات مع مختلف الأطراف والعديد من الدول العربية. وذكر أن الصين تؤيد السلام وترى أن الفشل في حماية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني هو سبب الصراع المستمر. وشدد على أن الصين وروسيا لديهما نفس وجهة النظر بشأن الصراع، ويعملان معا على وقف تصعيده.