قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن هناك استعداداً لإقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت منزوعة السلاح. وأشار إلى أن مسار حل الدولتين فكرة استنفدت على مدار 30 سنة ولم تحقق الكثير، داعياً إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. كلام الرئيس المصري أثار الحديث عن دلالات إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
كان السيسي قد أكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسي وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، وبلجيكا ألكسندر دي كرو، في القاهرة، مستعدون لتكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، مع وجود قوات من الناتو أو الأمم المتحدة أو قوات عربية أو أمريكية لتحقيق الأمن لكلا الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
تصريحات الرئيس المصري ربما تكون الأكثر تفصيلاً بشأن ملامح الدولة الفلسطينية المأمولة، التي تتجاوز التعبيرات المعتادة في الخطاب الرسمي المصري، الذي غالباً ما يركز على أن تكون تلك الدولة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لكنها ربما تكون المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس المصري عن تفصيلات بشأن ملامح مقترحة لتلك الدولة الفلسطينية.
الموقف المصري لم يكن هو الإشارة الأولى من نوعها في هذا الشأن، إذ تناقلت تقارير فلسطينية وإسرائيلية قبل 5 أعوام أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أبلغ أكاديميين إسرائيليين أنه يوافق على دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وقال عباس لوفد أكاديمي زاره في مكتبه برام الله، في أغسطس من عام 2018، وترأسه عيلاي ألون، إنه يدعم دولة في حدود 1967 من دون جيش، أريد قوات شرطة غير مسلحة، مع هراوات وليس مسدسات. وأضاف عباس، حسب تقارير صحافية لم تنفها السلطة الفلسطينية في حينه: بدلاً من الطائرات الحربية والدبابات، أفضل بناء مدارس ومستشفيات، وتخصيص الأموال والموارد لمؤسسات اجتماعية بدلاً من الجيش.
ويبدو أن ذلك الموقف الفلسطيني لم يكن جديداً، إذ أكدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية سابقاً، تسيبي ليفني، أن عباس دعم فكرة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في مفاوضات السلام التي عقدتها معه بين عام 2013 و2014، خلال حكومة نتنياهو الثالثة، قبل أن تنهار تلك المفاوضات، التي توسط فيها وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري.
وحسب ليفني، فقد وافق عباس آنذاك على وجود قوات دولية، قد تكون من حلف شمال الأطلسي، على حدود الدولة الفلسطينية، كما وافق على اقتراحات بوجود أجهزة إنذار في مناطق حساسة، لكن نتنياهو رفض ذلك، وتمسك نتنياهو بوجود قوات إسرائيلية في المناطق الحدودية، ما أفشل المفاوضات آنذاك.
ولا تلقى فكرة دولة منزوعة السلاح قبولاً لدى العديد من الفصائل الفلسطينية. وقال الناطق الرسمي باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، عقب انتشار التقارير بشأن حديث الرئيس الفلسطيني عام 2018، إن تصريحات عباس حول رغبته إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح هي تصريحات شخصية لا تمثل شعبنا الفلسطيني. إلا أن حركة فتح أصدرت بياناً توضيحياً بشأن تصريحات الرئيس الفلسطيني قالت فيه إن الهدف الحالي هو إقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وليس الخوض في سباق تسلّح مع أحد.
طرح الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح عاد للظهور مجدداً عام 2020 خطةً بديلةً لصفقة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، أو ما شاع وصفها بصفقة القرن وتبناها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، إذ أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية عن تقديم مقترح فلسطيني مكون من أربع صفحات ونصف الصفحة، ينص على قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومنزوعة السلاح إلى الرباعية الدولية، التي تضم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. وعدَّ أشتية تلك الخطة ضمن المساعي الفلسطينية لمواجهة خطة الضم الإسرائيلية.