أدانت روسيا الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف للحوثيين في اليمن، قائلة إنها تؤدي إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، وتظهر تجاهلا تاما للقانون الدولي.
ودعت موسكو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، لبحث القضية.
كانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد شنتا تلك الضربات، بدعوى ردع هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الضربات الجوية الأمريكية على اليمن هي مثال آخر على انحراف الأنجلوسكسونيين عن قرارات مجلس الأمن الدولي. وأضافت أن الضربات تظهر تجاهلا تاما للقانون الدولي وتؤدي إلى تصعيد الوضع في المنطقة.
وأدانت إيران، التي تدعم الحوثيين، بشدة الهجمات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن هذه الهجمات تشكل انتهاكا واضحا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وانتهاكا للقوانين الدولية، ولن تؤدي إلا إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، إنه لا يوجد أي مبرر لهذه الهجمات، وإن الجماعة ستواصل استهداف السفن المتجهة نحو إسرائيل. وأكد في منشور عبر منصة "إكس" أنه لم يكن هناك خطر على الملاحة الدولية في البحر الأحمر والعربي، والاستهداف كان وسيبقى يطال السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.
وتحدث نائب وزير خارجية الحوثيين، حسين العزي، إلى قناة المسيرة التلفزيونية اليمنية عقب الهجمات، متوعداً بأن الولايات المتحدة وبريطانيا ستدفعان ثمنا باهظا لهذا العدوان الصارخ. وقال حزب الله اللبناني: إن العدوان الأمريكي يؤكد مرة أخرى أن الولايات المتحدة شريك كامل في المآسي والمجازر، التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة والمنطقة.
من جانبها دعت السعودية إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد، وقالت إنها تراقب الوضع بقلق بالغ. ونفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع السعودية، ما تداوله الإعلام عن وصول قوات أجنبية إلى قاعدة الملك فهد الجوية في محافظة الطائف. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان: تؤكد المملكة على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، حيث أن حرية الملاحة فيها مطلب دولي.
وأعربت مصر عن قلقها إزاء الغارات الجوية على مواقع باليمن، وجددت تحذيرها من مخاطر توسيع رقعة الصراع نتيجة استمرار الحرب في غزة. وأصدرت مصر بيانا دعت فيه إلى ضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك أمن الملاحة في البحر الأحمر. وأكد البيان على حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب القائمة ضد المدنيين الفلسطينيين، لتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات والتهديد للسلم والأمن الدوليين.
في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وبريطانيا، أن هدفنا يبقى متمثلا في تهدئة التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر. وفي هولندا، قال رئيس الوزراء مارك روتي إن الإجراء الأمريكي البريطاني يستند إلى حق الدفاع عن النفس، ويهدف إلى حماية حرية المرور ويركز على وقف التصعيد. وتولي هولندا، بتاريخها الطويل كدولة بحرية، أهمية كبيرة لحق حرية المرور وتدعم هذه العملية المستهدفة. وفي تصريحات لوزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، جيمس هيبي، اعتبر الضربات مشروعة ودفاعا عن النفس. و قال: لا يمكننا أن نسمح للحوثيين باستخدام التجارة العالمية كرهينة، مضيفا: مهما كان رأيك في قضية الحوثيين ومبرراتهم... لا يمكننا أن نسمح لهم بالسعي إلى خنق التجارة العالمية كفدية لتحقيق أهدافهم السياسية والدبلوماسية مهما كانت.
شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن، ردا على هجمات الجماعة على سفن تجارية في البحر الأحمر. وقالت وسائل إعلام أمريكية إن الضربات، التي جاءت في أعقاب تحذيرات من الحلفاء الغربيين، شاركت فيها طائرات مقاتلة واستعملت فيها صواريخ توماهوك. وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن القوات الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا نفذت هجمات، ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمردون الحوثيون لتعريض حرية الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم للخطر. وقال بايدن في بيان مكتوب: إن الإجراء الدفاعي اليوم يأتي في أعقاب الهجمات المتصاعدة للمتمردين الحوثيين ضد السفن التجارية. وأن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتسامحوا مع الهجمات على أفرادنا أو السماح لجهات معادية بتعريض حرية الملاحة للخطر، في أحد أهم الطرق التجارية في العالم، محذراً من احتمال اتخاذ مزيد من الإجراءات.
قالت الولايات المتحدة إنها نفذت ضربات متعمدة على أكثر من 60 هدفا في 16 موقعا للحوثيين. وفي حين لم يتم تقديم أرقام محددة لعدد الصواريخ التي تم إطلاقها، تقول واشنطن إنه تم استخدام أكثر من 100 ذخيرة موجهة بدقة من أنواع مختلفة. وقال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في بيان إن الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتيّة لمسيّرات وصواريخ، مشيرا إلى أن الهدف يتمثل في "تعطيل وإضعاف قدرة الحوثيّين على تعريض البحارة للخطر وتهديد التجارة الدولية. وفي الوقت نفسه، قالت بريطانيا إنها أرسلت أربع طائرات تايفون تابعة لسلاح الجو الملكي من قبرص، تحمل قنابل موجهة من طراز Paveway IV، ولم تذكر عدد القنابل التي تم إطلاقها.
وفي اليمن، قال المتحدث العسكري للحوثيين إنه تم تنفيذ 72 غارة على مواقع مختلفة. وقال نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين، حسين العزي: تعرضت بلادنا لهجوم عدواني واسع من سفن وغواصات وطائرات حربية أمريكية وبريطانية. يتعين على أمريكا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن باهظا. وذكرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين أن الضربات طالت قاعدة الديلمي الجوية الواقعة بالقرب من مطار العاصمة صنعاء، محيط مطار الحديدة، مناطق في مديرية زبيد، معسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، مطار تعز، معسكر اللواء 22 بمديرية التعزية، ومطارا في مديرية عبس.
أدى الهجوم الأمريكي البريطاني على صنعاء وعدة محافظات في اليمن، تتمركز فيها جماعة الحوثي، إلى مقتل 5 وإصابة 6 من القوات المسلحة اليمنية بحسب بيان الجماعة. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، إن العدوان الأمريكي البريطاني لن يمر دون عقاب، وأن اليمن لن يتردد باستهداف مصادر التهديد كافة. وشدد سريع على أن الهجوم، لن يثني الحركة عن دعم الشعب الفلسطيني، وأكد استمرار منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئها من الملاحة في البحر العربي والبحر الأحمر.
ويعد الهجوم الأمريكي البريطاني هو الأول من نوعه منذ عام 2016، وجاء بعد تشكيل تحالف أطلق عليه اسم الازدهار بقيادة واشنطن في ديسمبر الماضي لحماية السفن التجارية التي تعبر ممر مضيق باب المندب في البحر الأحمر، الذي يمر من خلاله نحو 12 في المئة من التجارة العالمية.
السؤال هو كيف تختلف المناطق المستهدفة، التي تم قصفها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا في اليمن، عن المناطق التي دعمت واشنطن ولندن التحالف الذي تقوده السعودية في ضربها خلال السنوات التسع الماضية؟
من المشكوك فيه أن الضربات ستمنع الحوثيين من شن المزيد من الهجمات في البحر الأحمر. إذا كان هناك أي شيء واضح، فإن رسائلهم تشير إلى العكس تماما: لقد خرج العديد من المسؤولين منهم بالفعل لإدانة الضربات، التي يقولون إنها تهدف إلى حماية إسرائيل ووقف دعم اليمن للفلسطينيين، وهي رسالة من المرجح أن يتردد صداها ليس فقط على المستوى المحلي، بل في جميع أنحاء المنطقة.
في الواقع، يقدم قادة الحوثيين ومؤيدوهم الضربات كدليل على أنهم القوة الوحيدة في المنطقة التي تتخذ إجراءات لمساعدة الفلسطينيين، في وقت تواصل فيه الجماهير في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي مشاهدة غزة، وهي تقصف يوميا بالغارات الجوية الإسرائيلية لأكثر من ثلاثة أشهر. ويصر قادة الجماعة - في حين يكررون رسالتهم بأن البحر الأحمر آمن للسفن غير المرتبطة بإسرائيل- على أن الضربات لن تردع الجماعة عن اتخاذ أي إجراء مرة أخرى. ويقولون إن الطريقة الوحيدة التي سيتوقفون بها هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وبينما يترقب السياسيون في الولايات المتحدة وبريطانيا الخطوة التالية للحوثيين، تعهد مسؤولو الجماعة بالفعل بالرد على الضربات. وهذا قد يعني المزيد من الهجمات على السفن الأمريكية أو البريطانية، ولكنه قد يمتد إلى استهداف قواعد في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية. ولعل هذا ما يفسر بيان السعودية، بعد ساعات من الضربات، الذي أعربت فيه عن قلق بالغ إزاء التطورات في البحر الأحمر. ماذا ستفعل الولايات المتحدة وبريطانيا حينئذ؟