أعلن السفير إلياس شيخ عمر أبو بكر سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى مصر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، وصول الدكتور حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، إلى القاهرة على رأس وفد رفيع المستوى بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وجرت الزيارة في وقت شديد الصعوبة تمر به الصومال، بعد إعلان إثيوبيا يوم الاثنين الماضي، توقيع رئيس وزرائها آبي أحمد مذكرة تفاهم مع رئيس منطقة أرض الصومال الانفصالية صوماليلاند، موسى بيهي عبدي في أديس أبابا.
وأصدر مجلس الوزراء الصومالي بيانا عقب اجتماع طارئ قال فيه إن توقيع مذكرة التفاهم لا أساس له من الصحة، وهو اعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية. كانت هذه المنطقة من أرض الصومال، المطلة على خليج عدن، أعلنت انفصالها عن الصومال من جانب واحد في عام 1991، لكنها لم تحصل على اعتراف دولي بهذه الخطوة حتى الآن.
في عام 1860 اكتسبت فرنسا موطئ قدم على الساحل الصومالي، وفي عام 1887 أعلنت بريطانيا الحماية على أرض الصومال، وبعد ذلك بعام حدد الاتفاق الأنجلو فرنسي الحدود بين الممتلكات الصومالية لكلا البلدين، وسيطرة إيطاليا في وقت لاحق على أجزاء أخرى، أصبح جزء يطلق عليه صوماليلاند الإيطالية"، ما جعل إقليم الصومال الشمالي أكثر تنمية من الإقليم الجنوبي، كما امتلك الجزء الشمالي مؤهلات جغرافية اقتصادية أكبر مما جعلهم يشعرون أن في قدراتهم الانفصال خاصة لارتباط الإقليم الجنوبي بمعظم التوترات السياسية وبالتالي بعد قيام الحرب الأهلية بالصومال أعلن الشمال انفصاله، ويعرف حاليا باسم إقليم صوماليلاند، بحسب البحث المنشور بعنوان " تحليل حالة الصراع في الصومال" المنصور في مركز شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات.
ومن الأحداث السياسية الأوربية المؤثرة على وضع الصومال قبل عام 1860، مؤتمر برلين، والذي كان أول مؤتمر استعماري عقد بين الدول الأوروبية المعنية بالاستعمار، لاقرار الوضع القائم في أفريقيا وتنظيم ما بقى من أراضي القارة بين الدول الغربية، وكانت الصومال من نصيب إيطاليا وبريطانيا.
في عام 1960 أصبحت الصومال بكلا شقيها دولة مستقلة، وانتخب آدم عبدالله عثمان كرئيسا لجمهورية الصومال، وعلى الرغم من ذلك توضح المصادر التاريخية أن التجربة الديموقراطية كانت تفتقد لأرضية ثابتة وولدت حالة فقدان الثقة بين الشمال والجنوب، إضافة لاستبعاد فصيل قبلي من عملية التمثيل بالسلطة ما خلق حالة من الانقسام المكتوم، وظهور عمليات اغتيال، واتسمت 9 سنوات من هذه الفترة بالانقسام بين قادة الجيش وقادة القبائل.
كما نجحت بريطانيا في رَي بذور الانقسام بين الصومال وإثيوبيا الموجودة بالفعل نتيجة لصراع تاريخي ممتد- من خلال سحب قواتها من إقليمي أوجادين وهود التابعين للصومال وتركها تحت السيطرة الإثيوبية وادعاء ضياع المعاهدة الخاصة بالإقليمين أمام الأمم المتحدة
لم يكن لإثيوبيا أي غضاضة في تلك الفترة من التاريخ في التحالف ضد أي وجود عسكري إفريقي، من أجل سيطرتها، على سبيل المثال استطاع الإمبراطور يوحنا الرابع من الاتفاق مع بريطانيا وفرنسا لشن حرب بالوكالة ضد الوجود المصري حول إثيوبيا من الجهتين الشرقية والغربية.
وفي أوقات أخرى غيرت وجهتها السياسية وتحالفت مع المقاومة ضد القوات العسكرية البريطانية والإيطالية، ففي عهد الإمبراطور منليك الثاني كان أول تطبيق لسياسة التقارب مع المقاومة الصومالية عندما دعم ثورة شيوخ القبائل الصومالية في أوغادين بالمال والسلاح ضد الإحتلال الإيطالي عام 1897 وأدت لخروجها من الإقليم وتسليمها إلى شيوخ القبائل الإثيوبية.
أما على المستوى العسكري فهناك تاريخ من الكراهية بين الاثنتين على مدار التاريخ، كاد الصوماليين أن يقضوا على الإمبراطورية الإثيوبية عبر ممالكهم التي أسسوها في زيلع وبربرة ومقدشيو في القرن السادس عشر، وهددت هوية إثيوبيا الدينية في فترات أخرى.
وقد سعى الإثيوبيون للسيطرة على القوميات وأقاليمها التي كانت تشكل جزءًا كبيرا من المملكة القديمة لضمان وحدة التراب الإثيوبي ولاسيما القوميات الحامية الكوشية ومنهم الصوماليين، والذين كانوا وراء سقوط الإمبراطورية الحبشية في 976، بالإضافة إلى أن الصوماليين ينتمون إلى الغالا وهم يعرفون حاليا بالأورومو الذين يخوضون حرب عصابات مسلحة ضد الحكومة الإثيوبية، وكل ذلك إلى جوار أسباب مرتبطة بثروات الصومال الطبيعية المعدنية والزراعية والحيوانية باعتبارها عمق إستراتيجي لإثيوبيا.
بالإضافة إلى الحروب التي ذكرت في السطور السابقة عبر قرون زمنية مختلفة، فقد وقعت حرب إثيوبية صومالية عام 1965، ففي يناير من هذا العام بدأت الحرب باجتياح القوات الصومالية للأراضي الكينية والإثيوبية عبر هجوم سريع ومفاجئ، وبعدما كادت القوات الصومالية الوصول إلى أديس أبابا، إلا أن القوات الأخرى استطاعت الاستفادة من أخطاء الجيش الصومالي، وتم عقد اتفاقية وقف إطلاق النار بين أطراف الحرب وإنسحاب الجيش الصومالي.
كان هدف هذا الهجوم الصومالي استعادة أقاليمها التي سيطرت عليها إثيوبيا وتحالفت بريطانيا وإيطاليا على دعم الأخيرة ضد الصومال، بعد سنوات من محاولات حل الأزمة باللجوء إلى المفاوضات، وكانت إثيوبيا رفضت المطالب الصومالية خلال كثير من المفاوضات التي عقدت، وأكدت أن الأقاليم محل النزاع جزء لا يتجزأ من التراب الإثيوبي بموجب إتفاقيتي 1942 و 1955 التي وقعتهما مع الإدارتين البريطانية والإيطالية، على الرغم من أن الاثنتين لم يكونا وقتها يمثلان الشعب الصومالي.