المحادثات في نيامي كانت بناءة وصريحة، وفقا للولايات المتحدة. لكن بعد بضعة أيام من مغادرة الوفد الأمريكي، أعلن المتحدث باسم نظام النيجر في 16 مارس إنهاء الاتفاق العسكري الموقع بين البلدين بشكل فوري.
وخلال خطاب متلفز، وجه العقيد أمادو عبد الرحمان انتقادات لاذعة لواشنطن منتقدا تواجدها العسكري غير الشرعي في النيجر والذي كان نتيجة لاتفاق فُرض على البلاد حسب رأيه. كما أنه اتهم نائبة كاتبة الدولة للشؤون الأفريقية في الإدارة الأمريكية، مولي في، التي ترأست البعثة الأمريكية إلى النيجر، بالتعالي منتقدا في نفس الوقت إرادة أمريكا لتجريد الشعب النيجر السيادي من حقه لاختيار شركائه.
وجاء إعلان نهاية الاتفاق العسكري بين البلدين بعد أشهر من محادثات شاقة بين سلطات النيجر الجديدة، التي وصلت إلى سدة الحكم في 26 يوليو 2023 بعد انقلاب عسكري أزاح الرئيس محمد بازوم من الحكم، وواشنطن. فيما دارت المحادثات حول الشراكة العسكرية بين الجانبين والعودة إلى المسار الانتخابي.
وبذلت واشنطن جهودا دبلوماسية معتبرة للحيلولة دون مواجهة نفس السيناريو الذي عرفته فرنسا، التي اضطرت لمغادرة البلاد نهاية 2023. ما جعل واشنطن تختار نهجا أكثر تصالحا إزاء الطغمة العسكرية التي تحكم البلاد منذ الانقلاب العسكري، متمنية أن تصل إلى تفاهم معها، لكن دون جدوى.
هذا الاختلاف في التعامل مع الأزمة النيجرية برز في البداية على الصعيد اللفظي الذي استخدمته كل دولة. فعلى سبيل المثال، انتقدت باريس بشدة الانقلاب العسكري الذي استهدف الرئيس محمد بازوم وطالبت بعودته إلى سدة الحكم بشكل فوري. بالمقابل، اتبعت واشنطن خطة مغايرة إذ وصفت الوضع في النيجر في 8 أغسطس 2023 على أنه محاولة من قبل العسكريين للاستلاء عن السلطة.
ويمكن تفسير النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة الأمريكية إزاء الوضع في النيجر بالإطار القانوني الذي ينظم المساعدات التي تقدمها واشنطن لبلدان أخرى. بمعنى أن قانون الاعتمادات المالية السنوية تسمح للخارجية الأمريكية بتقليص المساعدات المالية واللوجستية لأي بلد وقع فيه انقلاب عسكري وتمت الإطاحة برئيسه أو برئيس حكومته وصل للسلطة بشكل ديمقراطي. لكن واشنطن منحت في السنوات الأخيرة للنيجر ملايين الدولارات في إطار برامج المساعدة الإنمائية ومن أجل تعزيز الشراكة العسكرية معه، معتبرة أنه ركيزة قوية في مجال محاربة الإرهاب بالمنطقة.
قررت واشنطن فتح محادثات مع سلطات النيجر في خطوة هدفها عودة الحكومة المدنية إلى السلطة، لكن دون جدوى. فيما اعترفت المبعوثة الأمريكية فكتوريا نولاند التي أرسلت على جناح السرعة إلى نيامي بأن المحادثات مع السلطات الجديدة كانت شاقة نوعا ما. والدليل أنها لم تتمكن من لقاء قائد العسكريين العقيد عبد الرحمان تياني ولا الرئيس المخلوع محمد بازوم.
وخلال الخطاب الذي ألقاه في 16 مارس، عاد العقيد أمادو عبد الرحمان ليؤكد من جديد إرادة الحكومة الانتقالية القوية" بتنظيم في أسرع وقت ممكن انتخابات من أجل العودة إلى المسار الدستوري. لكن في نفس الوقت لم تتمكن دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ولا الولايات المتحدة بفرض أية روزنامة أو تاريخ لتنظيم هذه الانتخابات.