من بين القرارات الأولى التي اتخذها الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، تعيين حليفه عثمان سونكو رئيسا للوزراء. هذا الثنائي سيحكم السنغال خلال السنوات الخمس المقبلة، فكيف يمكن لهما تجاوز الخلافات السياسية؟ وما هو الدور الذي سيلعبه سونكو تحديدا بجوار فاي؟
عثمان سونكو لن يحكم البلاد في مكان الرئيس المنتخب. لكنه لن يبقى بعيدا، إذ علينا الحفاظ على الحماس الذي حظي به مشروعنا السياسي لدى السنغاليين. هكذا حاول أحد المستشارين المقربين من الرئيس باسيرو ديوماي فاي رسم العلاقة التي ستربط الرجلين في المرحلة المقبلة.
جدير بالذكر أن معسكر سونكو هو الذي قرر تعيين باسيرو ديوماي فاي في نوفمبر 2023 لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في مكان عثمان سونكو الذي كان يقبع في السجن. فحزب "الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة" الذي أسسه سونكو هو الذي قام بحملة فاي الانتخابية وسعى لجمع التوقيعات التي تسمح له بالترشح. وكانت الشعارات التي دونت على اللافتات الانتخابية توحي لذلك بوضوح: "التوقيع لصالح ديوماي يعني التوقيع لصالح سونكو"، "ديوماي هو عثمان وعثمان هو ديوماي".
ومن بين الإصلاحات التي قرر الرئيس ديوماي القيام بها، التقليص من صلاحيات رئيس الدولة مع استبدال منصب رئيس الوزراء بمنصب نائب رئيس الجمهورية. لكن هذا الإصلاح يتطلب قبل كل شيء إجراء تغييرات دستورية في المستقبل.
ويسيطر على الجمعية الوطنية لغاية الآن تحالف الغالبية الرئاسية "بيني بوك ياكار"، والذي دعم المرشح أمادو با خلال الانتخابات. بالتالي، يبقى الحل الوحيد أمام الرئيس ديوماي فاي هو حل الجمعية بعد خمسة أشهر من الآن وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. لكن الرئيس الجديد لم يشرح موقفه بشكل دقيق حول ما ينوي القيام به بهدف الحصول على الأغلبية البرلمانية التي ستسمح له بتنفيذ مشاريعه.
لكن مهما كانت التركيبة السياسية التي ستحكم السنغال في السنوات المقبلة، ثمة العديد من التحديات التي تنتظر الرئيس الجديد، أبرزها إحداث قطيعة كاملة مع سياسية سلفه ماكي سال الذي اختار بناء علاقات متينة مع الدول الغربية وفي مقدمتها فرنسا. ويفضل باسيرو ديوماي فاي إعطاء الأولوية للعلاقات مع الدول الأفريقية. ويخطط الرئيس الجديد لتطهير الطبقة السياسية من خلال إبعاد المفسدين عن السلطة واستعادة سيادة السنغال، وهو مصطلح استخدمه 18 مرة في حملته الانتخابية. كما يريد إنهاء التعامل بعملة الفرنك الأفريقي الموروثة من الاستعمار وإصدار عملة وطنية جديدة، إضافة إلى إصلاح قطاع التربية مع تعميم تدريس اللغة الإنكليزية في بلد لا تزال اللغة الفرنسية فيه لغة رسمية. كما ينوي أيضا إعادة النظر في العقود التي أبرمتها السنغال مع دول أخرى في مجال المناجم والتعدين والمحروقات إضافة إلى اتفاقيات الدفاع.
على المستوى الاقتصادي، يواجه الرئيس الجديد مشكل البطالة التي تطال الشباب، ساعيا لإيجاد حلول تمر عبر الاستثمار في قطاع الصناعة أكثر من قطاع الخدمات. وهو مطالب أيضا برفع القدرة الشرائية للسكان عبر تخفيض أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والزيت والسكر والحبوب التي ارتفعت جراء جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.