بعدما قامت روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن الدولي لتمديد ولاية لجنة الخبراء المسئولة عن مراقبة انتهاكات كوريا الشمالية للعقوبات الدولية، أثار هذا القرار مخاوف وتساؤلات حول تأثيره على الوضع في شبه الجزيرة الكورية وعلى السياسات الدولية الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية.
ومن المتوقع أن يكون لكوريا الشمالية المزيد من الثقة في استمرار تجاهلها للعقوبات الدولية، وقد تشجعها على تصعيد نشاطاتها غير الملتزمة بالاتفاقيات الدولية، بما في ذلك برامجها النووية والصاروخية. هذا التصعيد المحتمل قد يثير المزيد من التوترات في المنطقة ويُضعف جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى حلول دبلوماسية للأزمة النووية الكورية.
وكان قد تم إنشاء لجنة الخبراء بعد اختبار كوريا الشمالية النووي الثاني في مايو 2009، وتم تمديد ولايتها سنويا. ولكن هذه المرة، أدى الفيتو الروسي للقرار إلى انتهاء ولاية اللجنة، التي ستنتهي في 30 أبريل. كما يظهر الفيتو الروسي كيف تسعى روسيا لتبرئة نفسها من أي تدقيق لأفعالها الخاضعة للعقوبات، بما في ذلك التجارة غير المشروعة مع كوريا الشمالية.
وبعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، أصبح مجلس الأمن الدولي مستقطبا إلى نقطة لم نشهدها منذ إنشائه. ورغم أن انهيار لجنة الخبراء لا يؤثر على العقوبات الحالية التي تفرضها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية، فإن فعاليتها في الحد من عدم امتثال كوريا الشمالية لنظام منع الانتشار النووي وهو أمر مشكوك فيه بالفعل سوف تصبح الآن أضعف.
لقد خرجت كوريا الشمالية منتصرة بشكل واضح بعد استخدام روسيا الفيتو، بعد أن اتهمت مجلس الأمن منذ فترة طويلة بازدواجية المعايير فيما يتعلق بتجاربها الصاروخية. ويقول هويل إنه بدعم موسكو الجامح، ستتمكن بيونج يانج الآن من عدم محاسبتها عن أي انتهاكات مستقبلية للعقوبات الحالية المتعلقة بالتطوير النووي والصاروخي، أو غير ذلك.
ونظرا للتعاون المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية، فليس من قبيل المصادفة أنه قبل تصويت مجلس الأمن، زار رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرجي ناريشكين، بيونج يانج للقاء وزير أمن الدولة الكوري الشمالي، ري تشانج داي. وشمل التعاون بين البلدين مراسلات بين كيم جونج أون وفلاديمير بوتين، فضلا عن تبادل الأموال مقابل الذخيرة، حيث أرسلت كوريا الشمالية أسلحة، بما في ذلك صواريخ هواسونج -11 إيه الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا للمساعدة في حربها ضد أوكرانيا.
ومع ذلك، فقد ذهب التعاون إلى أبعد من ذلك. فحصلت كوريا الشمالية الآن على إمدادات مباشرة من النفط من روسيا، في انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 2397. وفي مارس من هذا العام، سلمت ناقلات كوريا الشمالية منتجات نفطية من أقصى شرق روسيا إلى مدينة تشونج جين الكورية الشمالية. وفي أوائل أبريل، اعترض خفر السواحل الكوري الجنوبي سفينة لا ترفع علم في بحر الصين الشرقي، كانت متجهة من كوريا الشمالية إلى روسيا عبر الصين، للاشتباه في أنها تحمل بضائع محظورة بموجب العقوبات.
الإمداد المباشر بالنفط الروسي يعني أن كوريا الشمالية ستكون قادرة على تخصيص موارد مالية أكبر لبرامجها النووية والصاروخية بدلا من الاضطرار إلى الاعتماد على شبكات تهريب النفط الأكثر تكلفة. وتعكس تصرفات كوريا الشمالية الأخيرة أيضا أولويات كيم جونج أون الداخلية، وخاصة تصميمه على توسيع نطاق وتطور قدرات البلاد النووية والصاروخية. وفي خطاب ألقاه في يناير 2021 أمام حزب العمال الكوري، تعهد "بتطوير التكنولوجيا النووية إلى مستوى أعلى.
في 2 أبريل، أطلقت كوريا الشمالية صاروخا باليستيا متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب تفوق سرعته سرعة الصوت، والذي وصفته وسائل الإعلام الحكومية بأنه قادر على ضرب أي هدف في جانب العدو في جميع أنحاء العالم. كما أن القذائف التي تعمل بالوقود الصلب المزودة برؤوس حربية تفوق سرعتها سرعة الصوت أسهل في المناورة من نظيراتها التي تعمل بالوقود السائل، كما يصعب على منظومات الدفاع الصاروخي اعتراضها، مما يشكل تحديا خطيرا للأمن الإقليمي.
وامتنعت الصين عن التصويت على تمديد عضوية لجنة الخبراء مما يسلط الضوء على دعم بكين، وإن كان حذرا، لجارتها في الوقت الذي يسعى فيه البلدان إلى تعزيز العلاقات في مواجهة الغرب. وكما أكد الممثل الخاص للصين لشؤون شبه الجزيرة الكورية، ليو شياو مينج، بعد استخدام روسيا الفيتو، فإن الولايات المتحدة وحدها هي التي تملك مفتاح حل التوترات في شبه الجزيرة الكورية. ومع ذلك، ومع رفض كوريا الشمالية تغيير سلوكها والدخول في حوار هادف، تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها في شمال شرق آسيا أنفسهم في مأزق. ومن غير المرجح أن تجري مفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية هذا العام، لكن اقتراح الولايات المتحدة بعقد اجتماع ثلاثي مع كوريا الجنوبية واليابان على هامش قمة الناتو في يوليو يسلط الضوء على إلحاحية الموقف.