يبدو أن أرمينيا تشجعت بعد دعم حلفائها الأجانب لها وتعمل حالياعلى تعزيز إمكاناتها العسكرية. وعلى الرغم من الهزيمة الساحقة في حرب 2020 والخسائر الكبيرة التي تكبدتها في الاشتباكات الحدودية مع أذربيجان، إلا أنها لم تتخل عن خططها الانتقامية. بل على العكس بدأت في إعادة تسليح جيشها لكن هذه الخطوات غير المدروسة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.
فقد أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورن عبر حسابه علي منصة "X" عن توقيع اتفاق بشأن توريد وحدات المدفعية ذاتية الدفع (SAU) CAESAR بين يريفان وباريس. وأشار الوزير الفرنسي إلي أن باريس ستواصل تعزيز العلاقات الدفاعية مع أرمينيا ولقد أجريت محادثات مثمرة مع زميلي سورين بابيكيان واتفقنا علي توقيع عقد شراء مدافع سيزار".
وبحسب الأخبار المتداولة فستحصل أرمينيا على 36 بندقية ذاتية الدفع، وستكون القيمة التقديرية للعقد حوالي 180 مليون يورو.
كما صرح مدير معهد التنبؤ والأمن في أوروبا إيمانويل دوبو، إن فرنسا ستزود أرمينيا بـ 50 مدرعة VAB MK3. وأشار إلي أنه تم مناقشة شراء أرمينيا للمركبات المدرعة BASTION وSHERPA المصنعة من قبل شركة ARQUUS الفرنسية. وفي ديسمبر الماضي، تم الإعلان رسميًا عن استلام أرمينيا أول 24 مركبة مدرعة من طراز باستيون.
وفي نهاية أكتوبر من العام الماضي، تحدث رؤساء الإدارات العسكرية الأرمنية والفرنسية، سورين بابيكيان وسيباستيان ليكورن، في اجتماع عقد في باريس، عن فرص تعزيز التعاون ووقعوا مذكرة تفاهم بشأن شراء ثلاث طائرات من طراز GM200 المصنعة من قبل شركة THALES الأرمينية والتوريد لصواريخ MISTRAL الفرنسية قصيرة المدى.
إن الحصول على أسلحة ذاتية الدفع قيصر من فرنسا ليس سوى إحدى الخطوات التي اتخذتها أرمينيا لتعزيز امكانياتها العسكرية حيث وقعت يريفان كذلك على عقود بملايين الدولارات مع الهند لتوريد أسلحة مختلفة. حيث وقعت يريفان مؤخرًا اتفاقية مع نيودلهي بقيمة 245 مليون دولار، تتضمن شراء أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والذخيرة. ويهدف هذا إلى تعزيز القدرات القتالية للقوات المسلحة الأرمينية ومحاولة منها لتغيير ميزان القوى في المنطقة. ووفقًا للمعلومات المتاحة، تلقت أرمينيا في أغسطس 2023 الدفعة الأولى من أنظمة الدفاع الهندية (ATAGS). وينص العقد على توريد 84 مدافع هاوتزر أخرى بقيمة 155.5 مليون دولار تقريبًا.
هذا بالإضافة إلي أن أرمينيا مهتمة بشراء أنظمة الدفاع الجوي الهندية "أكاش"، والتي يمكن أن يصل سعرها إلى 720 مليون دولار. وتشير التقارير أيضًا إلي أن أرمينيا تخطط لشراء طائرات هجومية بدون طيار من طراز TAPAS-BH-201 (Rustom-II) وأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار من الهند.
استنادًا إلي هذه الحقائق أن أرمينيا تستعد بنشاط للحرب القادمة وبالإضافة إلى ذلك، فإن أرمينيا نفسها هي التي بدأت هذه الحرب. ويجب علينا أن نتذكر قول الرئيس إلهام علييف في المقابلات التي أجريت مع القنوات التلفزيونية المحلية في يناير من هذا العام "إننا نراقب بعناية شديدة جهود البناء العسكري التي تقوم بها أرمينيا، وأننا لسنا قلقين على أمننا ولكن إذا شعرنا بأي تهديد، فسيتم التعامل مع هذا التهديد على الفور، بغض النظر عن مكانه وطبيعته وأرمينيا تدرك ذلك جيدًا.
كما أعلن الرئيس علييف أن أذربيجان عازمة على الدفاع عن سيادتها وحذر علييف يريفان قائلا "إذا رأينا اليوم أن الإنفصاليين يقومون بأعمالهم الإرهابية وأن فرنسا تقدم لأرمينيا أسلحة فتاكة، وإذا رأينا أن هذا السلاح سوف يتدفق مرة أخرى إلي أرمينيا" فسنرد بكل حزم ولا يمكن لأحد أن يلومنا وسيعرف الجميع مدي قوتنا وإراداتنا.
إن تصريحات رئيس الدولة تبين ليريفان وحلفائها أن أذربيجان لا تنوي التسامح مع محاولات تقويض أمنها. هذه ليست كلمات جوفاء. لقد أثبتت أذربيجان مرارا وتكرارا أنها تستطيع القضاء على أي تهديد وستقضي عليه بخطوات حاسمة. وأن ترفع "القبضة الحديدية" في وجهها كما حدث في 2020، وكذلك الاشتباكات القتالية التي وقعت على الحدود في عامي 2021 و2022، وعملية مكافحة الإرهاب التي في سبتمبر 2023، بوضوح مدى سرعة وفعالية رد أذربيجان على الاستفزازات العسكرية.
لا تحاول أرمينيا تعطيل مفاوضات السلام والتسبب في استفزازات عسكرية فحسب، بل إنها لا تريد إيقاف الأنشطة المدمرة في المنطقة. وقد شددت أذربيجان مراراً وتكراراً على أهمية إجراء تغييرات على الدستور الأرميني لاستبعاد أي مطالبات إقليمية ضد جيرانها. ولكن ارمينيا تتجاهل هذا وترفض إجراء تغييرات على الدستور
ماذا لدينا علي أرض الواقع؟
أولاً، لن تتخلى أرمينيا عن مطالباتها الإقليمية ضد أذربيجان وتركيا. وهذا يدل على أن يريفان تنوي زعزعة استقرار المنطقة.
ثانياً، تقوم أرمينيا بتسليح نفسها وتستعد للانتقام من أذربيجان. الحقائق تؤكد ذلك. إن شراء الأسلحة من فرنسا والهند، والبحث عن رعاة جدد، وتوسيع مهمة التجسس التابعة للاتحاد الأوروبي، فضلاً عن النية في إنشاء قاعدة عسكرية فرنسية، يشير إلى أن حرب قراباغ الثالثة أصبحت أمراً لا مفر منه و أنها فقط مسألة وقت. ويبدو أن باشينيان قد نسي دروس الماضي لكن "القبضة الحديدية" أصبحت أقوى من الماضي وستشعر القيادة العسكرية والسياسية وجيش أرمينيا بذلك إذا أقدمت علي أي شيء.
ترجمة: لقمان يونس