تكبد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هزيمة ثقيلة، في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة. وكان يراهن على حدوث انقسامات في معسكر اليسار والرفض الشعبي لليمين المتطرف ويطمح للحصول على الأغلبية المطلقة عبر قراره حل البرلمان، إلا أن معسكره حل ثالثا بعيدا عن التجمع الوطني المتصدر والذي بات على أبواب السلطة.
لكن بعد ثلاثة أسابيع، ونظرا للرفض الذي قوبل به في صناديق الاقتراع من جهة، وتوحد اليسار والتسونامي الذي منح التجمع الوطني اليميني المتطرف نتائج مخالفة تماما لما كان الرئيس يتوقعه، حل ائتلافه الرئاسي "معا" ثالثا بنسبة 20,04% من الأصوات، خلف التجمع الوطني وحلفائه 33,15% والجبهة الشعبية الجديدة (ائتلاف اليسار) 27,99%.
وكانت الاستراتيجية التي راهن عليها ماكرون قد نجحت في السابق في ثلاث مناسبات: في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لعام 2022 وهو ما ضمن له الفوز أمام مارين لوبان، ثم بدرجة أقل خلال الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية لعام 2022 للحصول على الأغلبية النسبية في البرلمان.
إلا أن ذلك الحاجز الجمهوري قد تصدع إلى حد كبير منذ عامين، بعد أن حصل حزب التجمع الوطني على عدد قياسي من مقاعد البرلمان بلغ 89. على الرغم من ذلك، اعتبر ماكرون ومجموعة صغيرة من مستشاريه أن الرهان سيكون مضمونا هذه المرة أيضا.
على الرغم من ثقة ماكرون، فقد سادت في الأيام التي تلت ذلك أجواء من الشك في صفوف مرشحي وحتى قادة التحالف الرئاسي "معا". فقد اعتبر رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب آفاق إدوارد فيليب في 20 يونيو بأن رئيس الجمهورية قتل الأغلبية. بدوره، قال وزير الداخلية جيرالد دارمانان في اليوم التالي: لن أكون وزيرا ليوم آخر، معبرا عن يقينه في رؤية انهيار الماكرونية.
على أية حال، فقد أفرزت الانتخابات تأهل الائتلاف الرئاسي للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة، وذلك في 290 إلى 330 دائرة انتخابية. على الرغم من ذلك، لا تمنح توقعات استطلاعات الرأي معسكر الرئيس الفرنسي سوى 70 إلى 100 مقعدا تحت قبة الجمعية الوطنية بالجولة الثانية من الاقتراع المقررة في 7 يوليو.
وبعد أن مُني بهذه الهزيمة الانتخابية والسياسية المدوية، بات ينبغي على ماكرون تفادي أن يذكره التاريخ الفرنسي على أنه ذلك الرئيس الذي سلم مفاتيح الحكم إلى اليمين المتطرف.