وفقا لدراسة صدرت حديثاً لعلماء ألمان وهولنديين في مجلة "نيتشر" العلمية، فإن مستوى بحر قزوين سينخفض بمقدار ما بين 9 إلي 18 متراً في غضون سنوات قليلة.
ووفقًا لتلك الدراسة العلمية، فإن مستوى بحر قزوين معرض للإنخفاض ما بين 9 إلي 18 متراً بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، وهذا يعني أن سطح الماء سينخفض من 23٪ إلى 34٪، وستكون الرفوف الشمالية والتركمانية لبحر قزوين جافة تماما، وسوف ينخفض الخط الساحلي في الأجزاء الجنوبية والوسطى من البحر بشكل كبير، ومن المرجح أن يصبح خليج كارابوغازجول، عبارة عن صحراء كاملة.
لأول مرة نشرت مجلة "نيتشر" عام 2018، دراسة قام بها مجموعة من باحثي وكالة الفضاء "ناسا"، جاء فيها أنه إذا استمر الانخفاض في مستوى بحر قزوين بالمعدل الحالي، فإن بحر قزوين، الذي يحتوي حاليا على 78 ألف جيجا طن من المياه، يمكن أن يجف تماما بعد 3 آلاف عام ويصبح كبحر آرال. خاصة وأن بحر قزوين هو مسطح مائي مغلق، ولذلك فإن التغييرات الدورية في مستواه أمر لا مفر منه.
تم تسجيل أدنى مستوى لبحر قزوين في القرن العشرين عام 1977، وفي وقت لاحق، وخلال فترة زمنية قصيرة، من عام 1977 إلى عام 1995، زاد بمقدار 2.5 متراً، وفي السنوات اللاحقة، بدأ في الانخفاض مرة أخرى، حيث انخفض مستوى بحر قزوين منذ عام 2006، وفي عام 2019، تم تسجيل متوسط مستوى سطح البحر السنوي قياسا لنظام بحر البلطيق عند ناقص 27.89 متراً، وهو أعلى بمقدار 1.1 متراً عن عام 1977.
هل من الخطر أن ينخفض مستوى سطح البحر؟
في الوقت الحالي، لا يعتبر مستوى بحر قزوين خطراً على البيئة وصحة الإنسان والاقتصاد، ومع ذلك، إذا استمر التراجع على هذا النحو لفترة طويلة، فقد يؤثر على بعض قطاعات الاقتصاد، خاصة عمليات استخراج النفط والغاز من قاع البحري، وكذلك النقل البحري، وتشغيل الموانئ، حيث يتم رصد مستوى سطح البحر بانتظام في مراكز مراقبة الأرصاد الجوية المائية التابعة للإدارة الوطنية للأرصاد الجوية المائية، ويتم تزويد الوكالات ذات الصلة بالبحر بمعلومات عن مستوى سطح البحر لأخذها في الاعتبار في عملها والمشاريع المخطط لها.
لا يشكل بحر قزوين ميزة جغرافية لأذربيجان، وجمال سحر طبيعي وحسب، ولكنه أيضاً مصدر مهم لاقتصاد البلاد مع حقول النفط والغاز الغنية بها.
وبحسب ما قاله الجغرافي مسعود المحمدلي، فإن مشكلة بحر قزوين خطيرة وخطيرة للغاية، ويمكن التنبؤ بمستوى سطح البحر، فانخفاض مستوى بحر قزوين ليس مشكلة صغيرة، فقد انخفضت مساحته بضعة سنتيمترات في السنة منذ التسعينيات، ويمكن أن يؤدي انخفاض المستويات إلى مشاكل بيئية واقتصادية وسياسية، كما يمكن أن تؤثر هذه المشاكل بشكل مباشر على حياة حوالي 100 مليون من السكان الذين يعيشون حول بحر قزوين.
كما سيكون لانخفاض مستوى سطح بحر قزوين تأثير سلبي على دخول وخروج الموانئ الاستراتيجية مثل باكو وأكتاو وأستراخان وتركمانباشي، ومع انخفاض مستوى سطح البحر، سيتم استبعاد الموانئ وستكون هناك مشاكل في تقريب السفن من الميناء، وسيؤدي ذلك إلى تدهور قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية.
يضاف إلي كل ذلك، العامل البيئي، حيث يعمل انخفاض مستوي سطح بحر قزوين علي زيادة نسبة الملوحة، للمشكلة وتركيز الأملاح الجافة في التربة، أو في قاع البحر، فالأملاح الموجودة في هذه التربة يمكن أن تنتقل من منطقة إلى أخرى نتيجة التعرية بفعل الرياح ولها تأثير سلبي على تملح التربة ونمو النباتات، بالإضافة إلى أنها من المحتمل أن تعرض حياة الكائنات الحية في بحر قزوين للخطر.
إننا بحاجة إلى التعامل مع هذه القضية بجدية أكبر وزيادة المناقشات حولها بفاعلية أكبر، ومع ذلك، وبناءاً على المصادر العلمية، يمكننا القول أنه في القرن التاسع عشر كان مستوى المياه في بحر قزوين أقل مما هو عليه اليوم، ولكني أود أن أشير إلى أنه يوجد الآن فرق قدره 200 عام، فقبل تلك الفترة كان عدد سكان العالم مليار نسمة، والآن يبلغ 7.8 مليار نسمة، وبالمثل، يتزايد عدد سكان الدول المطلة على بحر قزوين باستمرار، وقد أدى ذلك إلى التوسع في استخدام مياه البحر، بالإضافة إلي ذلك، فقد أدى التقدم العلمي والتقني إلى استخدام بحر قزوين لأغراض مختلفة، مما أدى إلى خفض منسوب المياه، وبالتالي، ففي الوقت الحالي، قد لا يعود بحر قزوين إلى مستواه السابق، ولكن قد يزداد التراجع.
ولكن هل يمكن أن يؤدي انحفاض مستوى بحر قزوين إلى توترات في العلاقات السياسية بين الدول، وهل يحتاج ذلك إلى إبرام اتفاقيات جديدة بشأن الحدود وحقوق الصيد؟
إجابة علي هذا التساؤل، قالت الخبيرة في معهد كازاخستان للاقتصاد والسياسة الدولية، ليديا بارهومشيك، تنص اتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين، الموقعة في عام 2018، على أن نقطة البداية لتحديد الحدود البحرية للدولة يجب أن تكون الخطوط الأولية المستقيمة التي تنظمها اتفاقية منفصلة، وهذه الفقرة ليست عرضية في الاتفاقية، فلقد توقعنا بالفعل تقلبات مستوى سطح البحر باعتبارها حالة طبيعية لبحر قزوين، حيث يتغير الخط الساحلي باستمرار، مما يجعل من المستحيل إصلاحه كحدود مائية إقليمية، لذلك، ومن أجل رسم الخرائط، من الضروري تحديد الخطوط المباشرة من خلال الجمع بين إحداثيات نقاط البداية على الساحل أو الجزر، ويتم اختيار نقاط البداية بحيث لا يؤدي ارتفاع أو انخفاض مستوى سطح البحر إلى الحاجة إلى إعادة النظر في الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بشأن تقسيم بحر قزوين.
لقد قررت كازاخستان بالفعل في عام 2017 منهجية تحديد المستويات الأساسية، التي تم تحديدها بموجب المرسوم الحكومي ذات الصلة، ومع ذلك، لم تتفق دول المنطقة بعد على اتفاقية خماسية تحدد رسمياً منهجية تحديد المستويات الأساسية، وهذا يعني أن دول منطقة بحر قزوين الخمسة لم تحل هذه المشكلة بعد بحكم القانون، كما هو الحال مع حالة بحر آرال، فإن حل هذه القضية يتطلب جهوداً جادة وقد يستغرق عقوداً.
الترجمة إلي العربية: رانا تاغييفا
يجب الاستناد إلي Ednews (يوميات أوراسيا) في حالة استخدام المادة الإخبارية من الموقع