كانت الحرارة في باكو تبلغ 40 درجة على الأقل ... قبل قليل أردت الذهاب إلى أحد المتاجر بالقرب من دار النشر لشراء الشاي. رأيت رجلاً يبلغ 55-60 عاماً من العمر واقفاً متكئاً على شجرة أمام المتجر، وجذب منظره المعصوم والفقير نظري من البعد. كان يتابع الداخلين إلى المتجر والخارجين منه ويمسح عرق الجبين بمنديله في يده. ظننت في الأول أنه ينتظر شخصاً ما... قد نشفت شفتاه من قلة الماء.
وقفت على طرف ونظرت إليه. في ذلك الوقت، كان الرجل يوجه اهتمامه إلى الصبي الصغير الخارج من المتجر متمتعاً بتناول مشروب بارد ويتبعه ببلع حتى وصوله إلى سيارته القريبة (رأيت في ذلك الحين كتيباً مكتوب عليه اسم منطقة فضولي في يد الرجل وتارخ احتلالها من قبل الأرمن. كان هذا اليوم يوم احتلال المنطقة ...). لقد اعتقدت على الفور أنه آت من مقبرة الشهداء يريد شراء الماء. لكنه لا يملك نقوداً. لقد ظننت هذا بقلبي وكان هكذا بلا شك. دخلت المتجر واشتريت الشاي وزجاجة الماء البارد. تركت المتجر قدمت الزجاجة إلى الرجل الذي كان لا يزال يقف هناك. تحير الرجل من هذه المفاجأة ولكن لم يرفض تسلم الزجاجة. وقلت له:"إشرب!"
فتح الرجل الزجاجة وبدأ يشرب الماء المثلح بصوت. أردت فصله من الأحساس التي كان يعيش بها منذ وقت قريب وقلت: "كم يشبح لمياه منابع فضولي؟" فجأة حول وجهه إلي وتوقف، ندّب من صدره تنهُّدة. أعتقد أنه كان يريد يقول لي: "شكرا لك!" لكن ارتعشت شفتاه ونسي ما أراد قوله. ثم قبل الكتيب الذي كانت عليه صورة منطقة فضولي مرتين... وكان الكتيب مبللاً من العرق وفجأة، بدأ يبكي وشعرت بندم وضيق. كنت أرغب في تطمينه، لكن ... مسح عرقه المختلط بدموعه والنازل على خديه وغادر المكان لكي لا أراه أحد ابتعد دون الالتفات إلى الوراء ... وكان المشهد غريباً جداً.
ما عرفت، هل هو يبكي على فضولي، أو على حالته هذه التي وقع فيها، وضعه كنازح... لعل كان يبكى بسبب الإحسان الذي كان مفاجئاً ولم يتوقعه ومتأثراً من هذه المفاجأة. كان حالي سيئاً جداً ورجعت إلى مكتب هيئة التحرير... كنت أفكر: لم نبك كالمعتاد ولكن، يجعلونا أن نبكي بسبب أو دون سبب.
الكاتب: عاصف مرزلي
الترجمة من الأذربيجانية: د. ذاكر قاسموف