كان الرئيس قاسم-جومارت توقايق قد أدى اليمين الدستورية رئيساً للبلاد في 12 يونيو 2019، بحضور الرئيس الأول للبلاد وزعيم الوطن نورسلطان نزاربايف، وأعضاء الحكومة الكازاخية، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في جمهورية كازاخستان، والمنظمات والهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. وتعهد بأن يخدم شعب كازاخستان بالأمانة ويحترم الدستور والقوانين لجمهورية كازاخستان ويرعى حقوق وحريات المواطنين ويقوم بمهامه كرئيساً للجمهورية بكل إخلاص، ويراعي جميع المبادرات والإقتراحات الهامة أيا كان مصدرها وذلك من أجل تطوير البلاد والعمل بشكل عادل وشفاف.
نشأ الرئيس قاسم-جومارت توقايف مثل جميع أبناء جيله في ظروف اجتماعية غاية في القسوة والصعوبة، حيث كانت كازاخستان وباقي مناطق الإتحاد السوفيتي التي كانت جزءاً منه يشهد ظروفاً اقتصادية متدهورة وصل إلي مرحلة المجاعة في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية التي خاضها الإتحاد السوفيتي إلي جانب دول الحلفاء. اضطرت عائلة توقايف مع الكثير من سكان المنطقة إلي الهجرة من موطنها في ألماطي تجاه الجنوب للبحث عن مصدر للرزق يكفل لهم البقاء علي قيد الحياة، وما زاد من قسوة حياة طفولة توقايف وفاة والده في سن مبكره.
لعب توقايف دور الجندي المجهول في بناء كازاخستان الحديثة، حيث يعد المؤسس الحقيقي للدبلوماسية الكازاخية، وقاد عمليات التفاوض السياسية في أكثر القضايا الشائكة التي ورثتها كازاخستان عن الحقبة السوفيتية، بل في بعض القضايا التي لم يتمكن الإتحاد السوفيتي من التوصل لحلول لها وخاصة قضية الحدود مع جمهورية الصين الشعبية، إلي جانب القضايا التي كانت متشابكة ومعقدة مع روسيا -وريثة الإتحاد السوفيتي- مثل قضية تأجير قاعدة بايقانور الفضائية، وتسوية الحدود البحرية وتقسيم مناطق الثروات والنفوذ في بحر قزوين.
ساهم قاسم-جومارت توقايف بجهد وافر في تقديم كازاخستان المستقلة حديثاً إلي العالم الخارجي، فقد ظلت كازاخستان لفترات طويلة لا تستطيع التعبير عن شخصيتها وهويتها وتقديم نفسها للعالم الخارجي، وعلي الرغم من أن العالم يعرف الكازاخ من خلال ما خرج من تلك السهوب الواسعة من رموز علمية وفلسفية وأدبية كالفارابي وما فاض به من علم علي العالم أجمع، وآباي كونانباي وما قدمه من أدب عالمي، وغيرهم، وكذلك ما أنجبته أرض الكازاخ من قادة سادوا العالم بحكمهم العادل كالظاهر بيبرس سلطان مصر والشام. رغم كل ذلك حال خضوع كازاخستان للهيمنة الروسية، ثم السوفيتية دون تقديم نفسها للعالم الخارجي، والمساهمة بشكل مستقل في بناء الحضارة الإنسانية.
عمل توقايف بجهد وافر من خلال قيادته للدبلوماسية الكازاخية بعد الإستقلال عن الإتحاد السوفيتي عام 1991، علي إستعادة كازاخستان لمكانتها الطبيعية علي الساحة الدولية، من خلال تأسيس مؤسسة الدبلوماسية الكازاخية التي استطاعت الترويج لتاريخ وثقافة وحضارة كازاخستان، إلي جانب صناعة المبادرات التي كان من شأنها الإسهام في تحقيق الوئام والإستقرار ونشر ثقافة السلام في مختلف مناطق العالم، خاصة مع تنامي ظاهرة الإرهاب وانتشار التوترات والصراعات في كثير من مناطق العالم.
وعلي الرغم من أن هذا الكتاب يتناول جوانب من مشوار حياة الرئيس قاسم-جومارت توقايف، إلا أنه يعد توثيقاً لتأسيس الدبلوماسية الكازاخية بعد الإستقلال، وتوجهاتها، والمرتكزات والأسس التي تقوم عليها تلك الدبلوماسية، والتي سارت عليها كازاخستان منذ الإستقلال، وظلت الخط المميز لتوجهات البلاد في سياستها الخارجية وعلاقاتها مع المنظمات الدولية ومختلف دول العالم خلال فترة الرئيس الأول ومؤسس كازاخستان الحديثة، ومازال يسير علي نفس النهج مؤسس هذه الدبلوماسية الرئيس قاسم-جومارت توقايف، باعتبارها ثوابت وركائز وأسس الدولة الكازاخية الحديثة والتي لا تتغير بتغير الأفراد، وخاصة أن الرئيس توقايف هو من وضع لبنات ذلك البناء الشامخ.
يتميز قاسم-جومارت توقايف بقدر كبير من العلم والثقافة، ملماً بكثير من جوانب العلم والمعرفة، فإلي جانب كونه أكاديمياً، فإنه أيضاً يعد مؤرخاً وباحثاً في السياسة والعلاقات الدولية والتاريخ، لذلك فقد كتب العديد من المؤلفات التي يعد كل منها مرجعاً ذات قيمة هامة في علم السياسة والدبلوماسية والعلاقات الدولية، وفي تاريخ كازاخستان، وكذلك التوثيق لتاريخ الدبلوماسية الكازاخية.
لم يكن قاسم-جومارت توقايف دبلوماسياً محنكاً وبارعاً علي المستوي الوطني لكازاخستان وحسب، بل كان دبلوماسياً مشهوداً له بالكفاءة علي المستوي الدولي، وهذا ما جعله ينال ثقة الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت بان كي مون ويختاره نائباً له ومديراً للمقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف.
يعد انتخاب الرئيس قاسم-جومارت توقايف رئيساً للجمهورية بعد استقالة الرئيس الأول لكازاخستان، تقديراً من شعب كازاخستان للدور الوطني الذي قام به منذ استقلال البلاد جنباً إلي جنب مع رفيق الدرب والكفاح نزاربايف، الذي جعله علي رأس حزب "نور أوتان" ومرشحه في الإنتخابات الرئاسية، وهذا دليل آخر علي الثقة التي يحظي بها توقايف من كافة رموز الدولة في كازاخستان.
بعد عام حافل بالأحداث والأزمات، يمكن القول أن الرئيس قاسم-جومارت توقايف استطاع قبادة كازاخستان بإمتياز وسط هذه الأجواء العاصفة علي مختلف المستويات، الأمر الذي يؤكد علي أن ثقة شعب كازاخستان في تلك القيادة كانت موضع تقدير، وأنه قادر علي قيادة البلاد لتحقيق ما تصبو إليه من استقرار وتقدم وازدهار.