عين البابا فرنسيس 21 رجل دين من كل أنحاء العالم في رتبة كادينال، وبينهم دبلوماسيون ومستشارون مقربون وإداريون.
في الكنيسة الكاثوليكية التي تفكر مليا بمستقبلها، تعكس سيرة هذه الشخصيات الأولويات التي حددها خورخي برغوليو الذي يسعى لأن تكون الكنيسة أكثر شمولا وعالمية متجاوزا حدود أوروبا ليختار رجال دين من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
تحت شمس ساطعة، جرت صباح مراسم مجمع الكرادلة وهو التاسع منذ انتخاب البابا فرنسيس عام 2013، في ساحة القديس بطرس المهيبة في روما التي ملأ من حضروا لمتابعة المراسم نصفها. وكما هو معتاد ركع الكرادلة الجدد بثيابهم الحمراء أمام البابا لتسلم قبعة أرجوانية رباعية الزوايا وخاتم.
قال البابا مبتسما لتشجيعهم "هيا!"، إلى الأمام!" وسط هتافات آلاف المؤمنين الذين لوح بعضهم بأعلام بلادهم. وعقب الحفل، هنأ أفراد من الحضور الكرادلة الجدد في القصر الرسولي.
ومن بين الأساقفة الـ21 الذين تم اختيارهم لمساعدة البابا في إدارة شؤون الكنيسة، سيشارك 18 - وهم الذين تقل أعمارهم عن 80 عاما - في الاجتماع السري الذي سينتخب خلاله البابا المقبل. أمام الكرادلة "من جميع أنحاء العالم"، شبه البابا فرنسيس مجمع الكرادلة بأنه "أوركسترا سيمفونية" حيث "التنوع ضروري" ولكن "على كل موسيقي أن يستمع إلى الآخرين".
يسعى البابا المعني بالمناطق المهمشة ومجتمعات الأقليات، إلى ترقية رجال الدين في البلدان النامية إلى أعلى مراتب الكنيسة، بعيدا عن التمييز المنهجي لصالح رؤساء الأساقفة في الأبرشيات الكبيرة.
وصرح مراقب ملم بقضايا الفاتيكان لوكالة الأنباء الفرنسية "أن الحبر الأعظم يبحث عن كرادلة يتماشون مع العصر. هؤلاء هم أشخاص اتخذوا جميعا خطوة بعيدا عن الكنيسة التقليدية ويرسمون خطا واضحا يفصلهم عن الماضي". وأضاف أن "البابا يحب الأساقفة الذين يتحركون ويعملون".
وقائمة الكرادلة الجدد الموزعين على 15 جنسية تعكس المناطق التي تتوسع فيها الكنيسة مثل أمريكا اللاتينية وأفريقيا مع ترقية أساقفة من جوبا (جنوب السودان) والكاب (جنوب أفريقيا) وتابورا (تنزانيا). ويمثل آسيا التي شهد تمثيلها نموا خلال 10 سنوات، أسقف بينانغ (ماليزيا) وأسقف هونج كونج ستيفن تشاو ساو يان الذي ينظر إليه على أنه قادر على لعب دور مهم في تحسين العلاقات الصعبة بين الكنيسة وبكين.
ومن الوافدين الجدد فرنسيان مما يرفع عدد الناخبين من فرنسا إلى ستة: أسقف أجاكسيو المونسنيور فرنسوا بوستيلو، 54 عاما وهو فرنسيسكاني من أصل إسباني، وكريستوف بيير، 77 عاما، وهو السفير البابوي لدى الولايات المتحدة بعد مسيرة دبلوماسية حافلة. وجاء حوالي 800 من المؤمنين من كورسيكا لحضور هذه المراسم. وقال المونسنيور بيير لوكالة الأنباء "بصفتنا سفراء بابويين نحن وسطاء وخدم. ولا أعتقد أن هذا الأمر سيتغير ككرادلة" مقرا بأنه يشعر "بمسؤولية أكبر على كاهله". والأسقف الإيطالي بييرباتيستا بيتسابالا هو بطريرك القدس للاتين الأول الذي يعين كاردينالا.
أما أوروبا التي تراجع تمثيلها خلال عشر سنوات، فهي هذه المرة في وضع جيد مع ثمانية ممثلين بينهم البرتغالي أميريكو أغيار البالغ من العمر 49 عاما والأصغر سنا في القائمة.
وسمى البابا رؤساء أبرشيات مهمة مثل الإيطالي كلاوديو جوجيروتي الذي يشغل حاليا منصب عميد دائرة الكنائس الشرقية والأرجنتيني فيكتور مانويل فرنانديز الذي تم اختياره هذا الشهر لرئاسة دائرة "عقيدة الإيمان" والامريكي روبرت بريفوست.
تجري مراقبة خيارات البابا عن كثب لأنها تكون مؤشرا على اتجاه الكنيسة الكاثوليكية في المستقبل وأولوياتها بالنسبة للمؤمنين البالغ عددهم 1,3 مليار نسمة. خاصة وأن البابا البالغ من العمر 86 عاما والذي بات يتنقل في كرسي متحرك، ترك "الباب مفتوحا" للتنحي من منصبه مثل سلفه بنديكتوس السادس عشر إذا استدعت حالته الصحية المتدهورة ذلك.
بموجب المجمع الأخير للكرادلة، أصبح عدد "الكرادلة الناخبين" 137 كاردينالا. ومع التعيينات الأخيرة يكون البابا فرنسيس قد انتقى نحو 75% منهم في حين انتقى بنديكتوس السادس عشر 22% ويوحنا بولس الثاني 6%.
وقد يؤثر هذا التوزيع على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب البابا الجديد من خلال زيادة احتمال مشاركته أفكار الحبر الأعظم الحالي حتى وإن كان يصعب التنبؤ بنتيجة انتخاب البابا.