يبدأ أكثر من مليوني حاج، اليوم الجمعة، الموافق للثامن من ذي الحجة (يوم التروية)، مناسكهم بالتصعيد إلى مشعر منى، تأسياً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسط استعدادات قصوى لمختلف أجهزة الدولة، ومنظومة خدمات متكاملة لتأمين سلامتهم وتيسير أدائهم الشعيرة، في أجواء إيمانية تحفّها الطمأنينة والسكينة.
ويقضي الحجاج القادمون من كل فج عميق بمشعر منى يوم التروية، الذي سُمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، حيث يؤدون هناك صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً دون جمع، ويبيت معظمهم استعداداً للصعود إلى عرفات مع بزوغ فجر السبت لأداء الركن الأعظم. ويوجد في منى ما يُعدّ أكبر مدينة خيام في العالم، وهو أحد أكبر المشروعات التي نفذتها الحكومة السعودية، على مساحة مقدرة بـ5.2 مليون متر مربع لاستيعاب 6.2 مليون حاج بمختلف أعمارهم وأعراقهم.
وتفقّد الفريق محمد البسامي، مدير الأمن العام السعودي، قوات أمن الحج والجهات العسكرية المساندة والمشاركة في خدمة الحجاج بالمشاعر المقدسة، مؤكداً جاهزية الخطط الأمنية والتنظيمية، التي تهدف إلى أمن وسلامة وراحة ضيوف الرحمن. وشدد البسامي على أن قوات أمن الحج ستتصدى بكل حزم وقوة لكل فعل يؤثر في طمأنينة ضيوف الرحمن أو سلامتهم أو متطلبات تسهيل وتيسير مناسكهم.
سخّرت القوات الجوية الملكية إمكاناتها وقدراتها لتقديم المساندة في تعزيز الإجراءات الأمنية لمنع وقوع أي حوادث تخل بأمن الحج والحجيج، وتؤثر في سلامتهم منذ لحظة وصولهم لأداء المناسك وحتى لحظة مغادرتهم المشاعر المقدسة، حيث تتولى مسؤولية تنظيم وإدارة ومتابعة الأجواء، والإشراف على الحركة الجوية لجميع الطائرات المشاركة في مهمة الموسم من القطاعات الأخرى، وتأمين الطائرات اللازمة لتنفيذ الخطط، فضلاً عن تغطية المنافذ بفنيين للكشف عن المواد الخطرة. كما تعمل مع الجهات المعنية في وزارة الداخلية على متابعة الخطط الأمنية، وحركة المرور والمشاة، ومراقبة منافذ العاصمة المقدسة ونقاط الفرز؛ لمنع تسرب مخالفي أنظمة الحج إلى المشاعر المقدسة، وذلك عبر تسيير رحلات جوية على مدار الساعة بواسطة طائراتها العمودية المجهزة بأحدث التقنيات التي تشارك أيضاً في مراقبة تحركات الحجاج من وإلى المشاعر، بالإضافة إلى قيامها بالبحث والإنقاذ وتحديد مواقع الاختناقات.
وأوضح العقيد عمر الطلحي، قائد المركز الوطني للعمليات الأمنية، أن المركز يواصل خدماته لاستقبال المكالمات الأمنية والإنسانية وتقديم المساعدة اللازمة للحجاج على رقم الطوارئ الموحد (911)، مؤكداً الحرص على أمنهم وسلامتهم، وإحالة بلاغاتهم للجهات المختصة في وقت قياسي، والتعامل معها بدقة واحترافية عالية، ومتابعتها حتى انتهائها، وتقديم الدعم والمساندة للجهات الشريكة لتطبيق خطة الطوارئ الشاملة، وتحقيق التنسيق والتكامل بين الجهات الأمنية والخدمية. وانطلق قطار المشاعر المقدسة في أولى رحلاته لموسم هذا العام لنقل الحجاج بين 9 محطات منتشرة بمنى وعرفات ومزدلفة عبر 17 قطاراً، بمشاركة أكثر من 7500 موظف موسمي يتحدثون لغات مختلفة، منها الإنجليزية، التركية، الإندونيسية، النيجيرية، وغيرها، على أن يبدأ في نقلهم من مشعر منى إلى مشعر عرفات مساء يوم التروية.
وصعّدت وزارة الصحة، الحجاج المرضى المنومين في مستشفيات محافظة جدة عبر سيارات إسعاف مجهزة بجميع المستلزمات، ومزوّدة بفريق طبي متكامل، لتنويمهم في مستشفى جبل الرحمة، لاستكمال علاجهم، وتمكينهم من أداء المناسك، في ظل رعاية طبية وعلاجية متكاملة. كما فوّجت، الحجاج المنوّمين في مستشفيات المدينة المنورة من مختلف الجنسيات إلى مستشفيات المشاعر المقدسة، عبر قافلة مجهزة بمنظومة صحية متكاملة، ليتمكنوا من إتمام مناسك حجهم بصحة وسلام. وتواصل وزارة الصحة حملتها التوعوية لضيوف الرحمن في مختلف أنحاء المشاعر المقدسة؛ بهدف نشر التوعية الصحية بينهم، وتعريفهم بالإجراءات الوقائية الواجب اتباعها للحفاظ على صحتهم وسلامتهم خلال أدائهم المناسك، ومنها معلومات حول الوقاية من الإجهاد الحراري الناتج من ارتفاع درجات الحرارة، ونصائح بشأن الصحة العامة مثل حمل المظلة وأهمية شرب الماء الكافي، والتعامل مع الحالات الطارئة.
أتاحت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، للحجاج مجموعة خدمات رقمية عبر تطبيق توكلنا بسبع لغات، هي العربية، والإنجليزية، والفلبينية، والإندونيسية، والبنجلاديشية، والأوردية، والهندية، وتشمل الخدمات منتج الرسائل؛ إذْ سيتمكنون من استقبال الإشعارات الخاصة بموسم الحج، علاوة على متابعة حالة الطقس في مكة المكرمة والمدينة المنورة أولاً بأول، وتصفح المصحف الشريف، ومعرفة القِبلة، وتحديد مواقيت الصلاة، كذلك استعراض بطاقة الحاج الرقمية نسك، وإصدار تصريح عمرة خلال الموسم، بالإضافة إلى خدمات أسعفني، ونداء الاستغاثة.
وتنفّذ هيئة الصحة العامة (وقاية) مجموعة أنشطة وخدمات لضمان سلامة الحجاج، حيث استعدت مبكراً بوضع خطط الجاهزية لمكافحة الأمراض المعدية، وتحديث الأدلة والبروتوكولات ذات العلاقة في مخاطر الصحة العامة، وتقييم المخاطر المستمر. كذلك عمدت إلى توفير وحدات الأمراض المُعدية المتنقلة من مستويي الأمان البيولوجي الثاني والثالث، والتي تم رفع جاهزيتها لاستقبال وفحص العينات المعدية، بكوادر وطنية مدرّبة ومتخصصة، وعدد كافٍ من المحاليل الطبية اللازمة لإخراج النتائج ضمن الوقت المحدد لكل فحص.