عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغو أوزيل على هامش الاحتفال بما يعرف في تركيا بذكرى عملية السلام العسكرية في شمال قبرص التي توافق 20 من يوليو عندما تدخلت القوات التركية عام 1974 بسبب الانقلاب اليوناني ضد الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث.
وأبدى أردوغان خلال زيارته لحزب الشعب الجمهوري، الأسبوع الماضي، رغبته مع أوزيل باستمرار لقاءات التطبيع السياسي، واتفقا على اللقاء في شمال قبرص، حيث يشارك كل من الرئيس التركي وزعيم المعارضة سنوياً في الاحتفالات التي تقام هناك في 20 يوليو.
سيأتي اللقاء الذي يعد الثالث بين أردوغان وأوزيل بعد لقائهما للمرة الأولى في 2 مايو الماضي في مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم، ثم في الشعب الجمهوري في 11 يونيو الحالي، وهو اللقاء الذي أعقبته تصريحات حادة وتراشق بين كل من أردوغان وحليفه دولت بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية شريك العدالة والتنمية في تحالف الشعب، وأوزيل، بسبب تلويح بهشلي بالانفصال عن تحالف الشعب، وحديث أوزيل عن مشكلات في التحالف، ورد أردوغان بالقول إن أوزيل لم يتمكن من استيعاب أو هضم زيارته له بمقر حزبه.
وفي كلمة مصورة لأردوغان وجَّهها إلى الاحتفال الذي نظمه العدالة والتنمية بحضور رؤساء فروعه في جميع الولايات التركية، وجه انتقادات حادة للمعارضة، قائلاً: نعتقد أنه يتعين على تركيا أن تتخلى بسرعة عن الأجواء المتوترة التي سببتها الانتخابات وتركز على المستقبل بكل طاقتها، علينا أن نمنع السياسة التي هي سباق لخدمة الوطن والأمة من أن يُنظر إليها على أنها حرب استنزاف مستمرة بين الأحزاب المختلفة.
أضاف: لهذا السبب، من الضروري أن تتخلى المعارضة بسرعة عن عادة ممارسة السياسة باتهامات غير عادلة وافتراءات وتصريحات اتهامية لا تتناسب مع اللياقة السياسية، وأن يسود الموقف الإيجابي والبناء من جانبها بدلاً من التصريحات المدمرة واللغة الاستفزازية. ورأى أردوغان في الوقت نفسه أن تحالف الشعب هو ضمان الوحدة والتضامن والأخوة لـ85 مليون شخص في تركيا، مضيفاً: لن نسقط بالتأكيد في فخ أولئك الذين يثيرون الفتنة، ولن نسمح بفتح ثغرة في جدران حزبنا وتحالفنا.
على الرغم من التوتر الذي ساد عقب اللقاء الثاني بين أردوغان وأوزيل، في مثلث العدالة والتنمية والحركة القومية والشعب الجمهوري عشية عيد الأضحى، بدا من الأجواء التي سادت خلال العيد والزيارات المتبادلة بين الأحزاب أن هناك رغبة في استمرار عملية التطبيع السياسي والحوار بين الحكومة والمعارضة حول مشكلات تركيا. وأغلق أردوغان الحديث الذي تصاعد في هذا الأجواء حول الانتخابات المبكرة، بقوله، مرة أخرى: لن تكون هناك انتخابات لمدة 4 سنوات.
كما أكد وزير العدل، يلماظ تونش، هذا الأمر، قائلاً إن الجهود ستستمر من أجل وضع دستور جديد للبلاد في هذه السنوات الأربع التي لن تشهد فيها انتخابات جديدة، وسيحاول العدالة والتنمية أن يتوصل إلى توافق مع بقية الأحزاب في البرلمان على مشروع الدستور المدني الجديد؛ لأنه مهما كانت التعديلات التي أدخلت على الدستور الحالي الذي وضع عام 1982، فإن بصمات الانقلابيين لا تزال واضحة.
فسر مراقبون مجمل التحركات والتصريحات الأخيرة من مختلف الأطراف سواء الحكومة أو المعارضة، على أنها تأكيد على عدم وجود نية لإجراء انتخابات مبكرة قبل عام 2026، لا سيما من جانب الحكومة التي تنتظر رؤية نتائج البرنامج الاقتصاد متوسط المدى (2024- 2026) المطبق حالياً، للخروج من الأزمة الاقتصادية، ويعتقدون أنه بالنسبة لأردوغان، يبدو أن الطريق لضمان ذلك هو مواصلة التحالف مع بهشلي من ناحية، والحوار مع أوزيل من ناحية أخرى.
ويحتاج أردوغان لاستمرار الحوار مع أوزيل لتسهيل الخطوات الآتية سواء المتعلقة بالدستور الجديد، أو تمرير حزمة الإصلاحات القضائية التاسعة أو قانون القتل الرحيم للكلاب الشاردة، التي سيناقشها البرلمان عقب عطلته الصيفية والعودة للعمل في أكتوبر المقبل. ووفق المراقبين، فإنه بغض النظر عن مسألة الانتخابات المبكرة، فإن كثيراً من القضايا قد تصبح أكثر وضوحاً بحلول 20 يوليو ولقاء أردوغان وأوزيل في شمال قبرص.