وفي الحلقات الست السابقة كان التركيز على الأساسيات المطلوبة لمتابعة المباراة وطريقة لعب الفريق كمجموعة وعن حارس المرمى وواجباته.. وأتبعناه بالظهير الأيمن والأيسر وأشرنا إلى أن مركز ظهير الجانب كان الأكثر تطورا وتغييرا في عالم كرة القدم خلال عقودها الأخيرة.
وقدمنا شرحا للمهارات الفنية والجوانب البدنية المطلوبة وما هي أهم واجباته الدفاعية وكيف تكتشف حجم إجادته أو تقصيره خلال المباريات. ونختتم اليوم بواجباته الهجومية بعد أن أصبح ظهير الجانب عنصرا رئيسيا في المحاور الأمامية بدءا بالدعم العددي والضغط العالي. وصولا إلى إرسال الكرات العرضية وتنفيذ الاختراقات في عمق منطقة الجزاء ونهاية بالتسديد البعيد والتقدم المتكرر في الكرات الثابتة داخل منطقة جزاء المنافس للاستفادة من طول القامة وإجادة ألعاب الهواء، ولذلك بات طبيعيا أن تجد ظهيرا في قائمة هدافي فريقه.
الواجبات الهجومية
التركيز الأول منك كمشاهد للحكم على الظهير في تطبيق واجباته الهجومية يكون على مكانه الجديد خلال مرحلة بناء الهجمة أو اكتمالها، والظهير الكفء هو الذي يتواجد وبسرعة فائقة في مكان متقدم سواء مجاورا للاعبي الوسط أو المهاجمين المتأخرين من زملائه.
وهو يمنح الفرصة للمستحوذ منهم على الكرة ليكون عنده الخيار في توسيع دائرة اللعب بالتمرير للظهير المتقدم، وفي هذه الحالة يمثل زاوية مهمة بخلق مساحة جديدة للفريق وتشكيل عبء على المنافس الذي سيحتاج لمدافع جديد لمواجهة الظهير المتقدم.
ووفقا لمكان الكرة تكون للظهير مهمتان فور تحركه للمكان الجديد (ودائما على جانب الملعب) أولهما تكون في حالة استلامه للكرة والأخرى إذا كان ساعيا للحصول عليها وواجبه أن يحرص على الهروب من الرقابة والتواجد ضمن زاوية رؤية زميله المستحوذ على الكرة.
فور تسلم الظهير للكرة يكون قراره جاهزا عبر ستة خيارات واختيار أحدها هو الفارق بين الظهير المثالي والظهير الكفء والظهير المتوسط والظهير الضعيف. ودائما يعتمد الاختيار على الرؤية الصحيحة للملعب وسرعة اتخاذ القرار وكفاءة الظهير في اللمسة الأولى مع الكرة سواء بالسيطرة عليها أو توجيهها الصحيح.
خيارات الظهير
الخيار الأول وهو الخيار العبقري بالتمرير من لمسة واحدة إلى زميل خال من الرقابة في مكان ممتاز داخل أو أمام منطقة جزاء المنافس. وتسمي تلك التمريرة التي تسفر غالبا عن هدف (أسيست) والظهير الأكثر تنفيذا لتلك التمريرات يرتفع سعره كثيرا.
أما الخيار الثاني فهو الأقرب وهو أكثرها تداولا في كرة القدم وهو الانطلاق بالكرة طوليا في المساحة الشاغرة أمامه انتظارا لتنفيذ أحد الخيارات الأربعة الأخرى.
ونصل إلى الخيار الثالث بتنفيذ كرة عرضية فورية، وهو الخيار الأفضل إذا كان الظهير تحت ضغط شديد من المنافس أو كان أحد زملائه في مكان خال داخل منطقة الجزاء أو كان لزملائه الوفرة العددية أكثر من المدافعين.
ويزداد تقييم الظهير ارتفاعا في الدرجات مع إجادته إتقان توجيه الكرات العرضية مع المحافظة على سرعة العدو دون إبطاء أو توقف. وفى حالة وجود مدافع أو أكثر في مواجهة الظهير المتقدم يكون الخيار الرابع هو البديل عن طريق التمرير لزميل والاندفاع للأمام انتظارا للكرة في مكان فسيح خلف الدفاع ليكسب مساحة أكبر وأقرب لخط مرمى المنافس.
والخيار الخامس هو الاتجاه بالكرة للداخل نحو منطقة الوسط أو منطقة الجزاء وذلك إذا كان مركز الجناح مشغولا بزميل له أو كانت الكثافة الدفاعية زائدة في طريق الجانب.
وأخيرا يبقي الخيار السادس وهو أقلها حدوثا عندما تكون المساحة واسعة أمامه.. ويكون التقدم بالكرة ثم التسديد على المرمى مستفيدا من وفرة الزمن والمساحة ووجود الفرصة والمكان المناسب.
والظهير الكفء هو الذي يسبق تصرفه بالنظر إلى الملعب لاكتشاف أماكن زملائه ومواقع المدافعين. ولدينا نموذج خيالي في الرؤية الصحيحة من مباراة ليفربول الإنجليزي وبرشلونة الإسباني في إياب نصف نهائي دوري الأبطال الأوربي في مايو/ أيار الماضي بملعب أنفيلد.
وكان ليفربول متقدما 3-صفر والظهير أرنولد مسئولا عن تنفيذ ركلة ركنية ولمح زميله أوريجي خاليا تماما من الرقابة أمام المرمى مباشرة في لحظة غفلة من المدافعين. وعلى الفور مرر له الكرة بكل دقة وقوة لتصله قبل أي مدافع فيسدد وهو وحيد بلا منافس ويسجل هدف تأهل ليفربول إلى النهائي.
الواجبات المهمة للظهير المهاجم
واجبات الظهير المهاجم غير المستحوذ على الكرة مهمة أيضا سواء في التواجد بجوار خط التماس لتوسيع مساحة الهجوم للفريق ما يجبر المنافس على توجيه أحد المدافعين إلى مكان تواجد الظهير المتقدم فيقل عدد المدافعين في العمق.
كذلك ينفذ الظهير المهاجم أسرع أنواع الضغط على المنافسين فور ضياع الكرة ما يجبر المدافع على إخراجها من الملعب فيستعيدها الفريق المهاجم أو يجبره على التمرير المتعجل والخاطئ ما يزيد فرص استعادة الكرة واستغلال عدم توازن الفريق المدافع خططيا.
والمشاهد العاشق لكرة القدم يجب أن يوزع رؤيته دائما بين مكان وجود الكرة وبين مواقع اللاعبين الآخرين في الفريقين خاصة في المناطق القريبة من مكان الكرة. ووفقا لتلك الرؤية سيكتشف المشاهد مدى إجادة الظهير في كل مواقف اللعب.
وأخيرا في كرة القدم الحديثة يمثل ظهير الجانب الممتاز أحد مفاتيح الفوز الرئيسية للفرق الكبرى تماما مثل الهداف القدير وصانع الألعاب البارع وحارس المرمى المنيع.