بخاري عاصمة للثقافة الإسلامية 2020 حصري

بقلم: أحمد عبده طرابيك

العالم 12:40 27.02.2020

يعد مشروع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" بشأن عواصم الثقافة الإسلامية من المشروعات الرائدة الهامة التي لها دور كبير في إبراز والتعريف بما تحتضنه عواصم ومدن العالم الإسلامي من تراث وإرث ثقافي وحضاري كبير، والمساهمة في الحفاظ علي ذلك التراث الثقافي الهائل بشقيه المادي من آثار ومعالم وكتب ومخطوطات، وغير المادي من فلكلور وعادات وتقاليد وحرف وغيرها من موروث فكري وثقافي كان له دوره ومساهمته الكبيرة في الحضارتين الإسلامية والإنسانية.

لقد كان ومازال للثقافة دورها الهام في تشكيل الوعي والفكر، وبناء الشخصية القادرة علي الابداع، وهو ما يسهم بشكل كبير في الإرتقاء بالأمم وازدهار الدول وتقدم الشعوب، وتقديراً للدور الهام الذي تقوم به المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في تنمية العلوم والثقافة لدي شعوب العالم الإسلامي، فقد كانت لدي رغبة كبيرة في المشاركة بهذا العمل المتواضع، من خلال التعريف بمدينة بخاري موطن الإمام البخاري صاحب الصحيح، التي تم اختيارها من قبل "إيسيسكو" عاصمة للثقافة الإسلامية عن القارة الآسيوية لهذا العام 2020، خاصة ما تمتلكه من تراث عريق كان شاهداً علي تاريخها الحافل. قرّر المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة للدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، المنعقد في الدوحة خلال الفترة من 29 إلى31 ديسمبر 2001، اعتماد مشروع برنامج عواصم الثقافة الإسلامية الذي تقدمت به المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، والذي دعا الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى ترشيح مدن تختار "الإيسيسكو" منها كل عام ثلاث عواصم للثقافة الإسلامية، تمثل المناطق العربية والآسيوية والأفريقية، على أن تكون مكة المكرمة أول عاصمة للثقافة الإسلامية. واستناداً إلى قرار المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة في الخرطوم بجمهورية السودان خلال الفترة من 25 إلى 27 يونيو 2002 في الموضوع، أعدت "الإيسيسكو" تصوراً متكاملاً لبرنامج عواصم الثقافة الإسلامية، اقترحت فيه ثلاثين عاصمة من المناطق العربية والآسيوية والأفريقية، لتكون عواصم للثقافة الإسلامية خلال السنوات العشر المقبلة. وأن تكون مكة المكرمة أول عاصمة للثقافة الإسلامية. وتضمّن التصور المذكور المعايير المقترحة لاختيار عواصم الثقافة الإسلامية، والخطوط العريضة والتوجهات العامة للأنشطة المقترحة للاحتفاء بالعاصمة المختارة.

وقد اعتمد كل من المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة المنعقد في الجزائر خلال الفترة من 15 إلى 17 ديسمبر 2004، والمؤتمر الإسلامي السادس لوزراء الثقافة المنعقد في باكو من 13 إلى 15 أكتوبر 2009، والمؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة المنعقد في مسقط من 2 إلى 4 نوفمبر 2015، لائحة عواصم الثقافة الإسلامية خلال الفترة من عام 2005 إلي عام 2025. ووفقاً لبرنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة الإسلامية، فقد تم اختيار مدينة بخاري، عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2020 ، عن القارة الآسيوية.

تُعدُّ أوزبكستان ضمن الدول العشر الأولى عالمياً من حيث الثراء التاريخي، وكثرة المعالم والآثار التاريخية التي لا مثيل لها في التراث الإنساني، خاصة أن أوزبكستان التي تقع على طريق الحرير العظيم يزيد عدد الآثار التاريخية والثقافية الموجودة علي أراضيها عن أربعة آلاف أثر، وكثير من هذه الآثار دخل ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، فمدنها التاريخية العريقة لها شهرتها الكبيرة في تراثها التاريخي مثل شهرتها في علمائها الذين ملأوا الدنيا بنور علمهم الواسع، وقد تحولت مدن سمرقند، وبخارى، وخيوة، وطشقند، وشهرسبز، وقارشي، وترمذ، ومرغيلان، وخوقند، تحولت إلى مراكز تاريخية كبرى باعتبارها ثروة نادرة للبشرية بأسرها، حيث تحكي الآثار التي تحتويها تلك المدن تاريخ عصر الفتوحات الإسلامية.

تقع بخارى على طريق الحرير القديم، واتسمت بأنها مركز تجارى هام بالإضافة لكونها مركز للدراسة والثقافة وعلوم الدين، وطبقا للملحمة الشعرية الفارسية "شاه نامه"، تأسست مدينة بخارى على يد الملك سياوش بن الشاه كيكاوس، أحد الملوك الأسطورية من أسرة بيشداديان، اختار سياوش هذا الموقع نظراً لتعدد أنهاره ومناخه الدافىء ولوقوعه على طريق الحرير.

وَرَدَ أول ذكر لبخاري في المصادر الصينية في القرن السابع الميلادي، إلا أن دراسة النقوش القديمة تكشف أن الإسم المحلي للمدينة وهو "ويهارا" أي الدير أو الصومعة قد ضُرب على مسكوكاتها قبل القرن السابع الميلادي بقرون، ولا يستبعد أن تكون كلمة بخارى محرّفة عن الكلمة السنسكريتية "فيهارا"، وهي البلدة التي اندمجت في بخارى وورد ذكرها عند جغرافيي القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي. أطلقت المصادر العربية اسم بخارى خداة على سكان بخارى الأصليين.

الكثير من المصادر تشير إلي أن مدينة بخارى تأسست بشكل رسمى في عام 500 قبل الميلاد في المنطقة التي تعرف باسم "قلعة آرك". وعلى الرغم من ذلك فقد سكنت واحة بخارى منذ زمن أقدم من ذلك بكثير، حيث يربط الأثرى الروسى كوزمينا حضارة "زمان بابا" التي وجدت في واحة بخارى منذ الألف الثالثة قبل الميلاد بانتشار الهنود الإيرانيين عبر آسيا الوسطى، ومنذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ازدهرت حضارة العصر البرونزى المتقدم التي عرفت باسم حضارة ساباللي في مواقع مثل فاراخشا وفاردان وبايكند وراميتان، وفي عام 1500 قبل الميلاد أدت العديد من العوامل كالجفاف واستخدام الحديد ووصول بدو آريان، إلى تحرك عمرانى من المناطق النائية إلى واحة بخارى، وقبل الميلاد بألف عام اندمج شعبي ساباللى وآريان في حضارة

مميزة.

وفي حوالى عام 700 قبل الميلاد ازدهرت هذه الحضارة الجديدة التي عرفت باسم حضارة سوقديانا في المدن علي امتداد وادى زرافشان، التي كانت جزءاً من الإمبراطورية الأخمينية الفارسية، وبحلول عام 500 قبل الميلاد توسعت تلك التجمعات العمرانية لتندمج في كيان واحد بنى حوله سور، وبذلك ولدت مدينة بخارى لكن تاريخ تأسيس بخارى غير معروف علي وجه التحديد، فأقدم قطع الفخار التي عثر عليها في المدينة تعود إلى عصر المملكة الإغريقية البخترية. وتتفق أغلب الروايات على أن أول مَن اجتازَ النهر من المسلمين إلى جبال بخارى هو عبيد الله بن زياد والي خراسان عام 54 هـ / 674 م، وكان على عرش بخارى في ذلك الوقت أرملة أميرها التي تجمع أغلب المصادر على تسميتها "خاتون" وهو لفظ تركي معناه "السيدة".

وقد أرسلت خاتون إلى الترك تستمدهم، فلقيهم المسلمون وهزموهم فطلبت خاتون الصلح والأمان فصالحها عبيد الله بن زياد على ألف ألف درهم.

ثم ولَّى الخليفة معاوية بن أبي سفيان "41 هـ/ 687 م- 60 هـ/ 706 م" سعيد بن عثمان بن عفان خراسان عام 56 هـ، فقطع النهر وغزا سمرقند وحملت خاتون إليه الأتاوى وأعانته بأهل بخارى، ويذكر النرشخي "286 هـ/ 899 م- 348 هـ/ 959 م" أن " خاتون " حكمت 15 عاماً بوصفها وصية على ابنها القاصر طغشاده.

ولم يتوطد الحكم العربي في المنطقة إلا في خلافة الوليد بن عبد الملك الذي حكم خلال الفترة من عام 86 هـ إلي عام 96 هـ، حينما ولَّى الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراقيين خلال الفترة من عام 75 هـ إلي عام 95 هـ، قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان خلال الفترة من عام 86 هـ إلي عام 96 هـ، وأمره بفتح بلاد ما وراء النهر.

وفتح قتيبة بخارى عام 90 هـ، وكان حاكمها آنذاك وردان خداه، الذي استنجد بالصغد والترك فأنجدوه، لكن قتيبة انتصر عليهم بعد قتال عنيف، وأمر أهل بخارى أن يعطوا نصف بيوتهم للعرب ليقيموا معهم ويَطَّلعوا على أحوالهم فيظلوا على إسلامهم وبنى قتيبة المسجد الجامع داخل حصن بخارى عام 94 هـ / 712 م، وكان ذلك الموضع بيت أصنام، فلما ازداد انتشار الإسلام لم يعد ذلك المسجد يتسع لهم فبُني مسجدٌ آخر بين السور والمدينة في عهد هارون الرشيد " 170 193 هـ".

درج ولاةُ خراسان في مرو منذ عهد قتيبة على تولية عامل أو أمير إلى جانب الأمير المحلي، وفي القرن الثالث حينما نقل أمراء خراسان مركزهم إلى نيسابور بقيت بخارى تابعة إدارياً للطاهريين ولاة خراسان، حتى عام 259 هـ / 873 م. ثم ولّى نصر بن أحمد الساماني أمير سمرقند أخاه إسماعيل أميراً علي بخارى بناء على طلب أهلها وعلمائها، ولما تُوفي نصر عام 279 هـ / 892 م، صار إسماعيل حاكماً لبلاد ما وراء النهر، واعترف به الخليفة أميرًا على خراسان وبلاد ما وراء النهر. وصارت بخارى عاصمة للدولة السامانية ومركز إشعاع للعلوم والصناعة.

 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار