تضررت الطموحات الخضراء لأوروبا مع وصول أسعار الغاز إلى مستويات قياسية، وقد تكافح للمضي قدماً في أجندتها الخضراء مع ارتفاع أسعار الغاز في جميع أنحاء الكتلة، وهو ما دعا الخبراء للتحذير من تباطؤ الاستثمار في القطاع.
وتعهدت المفوضية الأوروبية في ما سبق، بأن تصبح محايدة للكربون بحلول عام 2050، حين قدمت خطة ملموسة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55 % على الأقل من مستويات عام 1990 بحلول نهاية هذا العقد.
ومع ذلك، قد لا يتم الوفاء بهذه الالتزامات لأن نقص الغاز الطبيعي في القارة أدى إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي عودة البحث عن البدائل التقليدية المعروفة. فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الغاز في مركز «TTF» الهولندي، وهو معيار أوروبي، بأكثر من 250 % منذ بداية العام. وتم تداوله عند نحو 74 يورو (87 دولاراً) للميجاواط في الساعة قبل أيام، وبالقرب من أعلى مستوى قياسي سجله، 79 يورو الأسبوع الماضي.
وكان للارتفاع الأخير بالفعل تأثيره الملموس على بعض الدول؛ إذ أعلنت إسبانيا عن إجراءات طارئة للحد من الأرباح التي يمكن أن تحققها شركات الطاقة من بدائل الغاز، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة. وتأمل الحكومة أيضاً وضع حد لما يدفعه المستهلكون مقابل الكهرباء.
وقال هينينج جلويستين، مدير الطاقة في مجموعة أوراسيا الاستشارية: «لقد أثرت أسعار الطاقة المرتفعة على الاقتصادات في جميع أنحاء أوروبا، وإذا طُبقت إجراءات مدريد في مكان آخر، بأن تعطي الحكومات الأولوية للطاقة الرخيصة على التحول الأخضر، فإن مصداقية الاتحاد الأوروبي في النهوض بالعمل المناخي العالمي قد تتأثر».
لم تكن إسبانيا الدولة الوحيدة التي فرضت حداً أقصى للمبلغ الذي يمكن للموردين أن يفرضوه على العملاء في أسعار الطاقة، حيث اتخذت فرنسا واليونان خطوات مماثلة، لكن خطة إسبانيا تعرضت لبعض الانتقادات، ويرى البعض أنها ستقوض ثقة المستثمرين في البلاد.
وألقى بعض القادة والمشرعين الأوروبيين باللوم على الاتحاد الأوروبي في زيادة أسعار الطاقة، وهو ما يهدد الطموحات الخضراء للحكومة البولندية التي تسعى للحصول على مزيد من الأموال من الاتحاد من أجل التحول المستدام.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ارتفاع أسعار الغاز سيهدد الطموحات الخضراء للاتحاد الأوروبي، لكن الخطر الأكبر برأي الكثيرين هو انخفاض الدعم العام نحو اقتصاد أكثر اخضراراً، وبالأخص الأموال الموجّهة لدعم الفئات الأكثر ضعفاً في هذا التحول الأخضر، لأن فاتورة ذلك ستكون باهظة.