الأهرامات وبابل.. تغير المناخ يهدد آثار الشرق الأوسط

العالم 13:00 02.10.2022
في الماضي، كانت بابل أكبر مدينة في العالم، إذ يُعتقد أن المدينة القديمة كانت موطن الحدائق المُعلّقة التي تعد إحدى عجائب الدنيا السبع بالإضافة إلى برج بابل الأسطوري.
      لكن اليوم، فإن مدينة بابل القديمة بدأت تنهار حيث تتساقط واجهات الجص التي أعيد بناؤها، من الجدران فيما أصبح الدخول إلى بعض المباني خطرا بعد أن كانت مقصدا للسائحين. وتأسست مدينة بابل القديمة الواقعة في جنوب العراق، قبل حوالي 4300 عام لتصبح مزيجا من الحداثة والعراقة.
      قالت إليانور روبسون، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط القديم في جامعة كوليدج لندن، لقد أدى تسرب المياه الجوفية لسنوات وفصول الصيف شديدة الحرارة إلى انهيار المباني. وأضافت روبسون التي تفقدت المواقع التراثية العراقية: قضيت يوما خلال مايو الماضي في التجول برفقة عمار الطائي وفريقه من صندوق الآثار العالمي في العراق. لقد كان الأمر محزنا للغاية. إنهم يشاهدون المكان وهو ينهار أمام أعينهم.
      وأدرجت المدينة العراقية القديمة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2019، لكنها ليست الموقع الأثري الوحيد في الشرق الأوسط الذي يتأثر بتفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي.
      تضم القائمة أيضا أهرامات الجيزة في مصر. إذ بدأ لون الحجارة في الهياكل التاريخية يتغير مع حدوث تشققات جراء ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة. كذلك، تواجه المواقع التاريخية الأخرى في الشرق الأوسط خطرا جراء تكرار حرائق الغابات والعواصف الرملية، فضلا عن مستويات تلوث الهواء الخطيرة وارتفاع مستوى الملوحة في التربة وارتفاع مستوى سطح البحر.
      ففي الأردن، تزايدت المخاوف من أن أجزاء من مدينة البتراء التي يبلغ عمرها حوالي 2300 عام وتذخر بمبانٍ شيدت في جوانب الجرف الصخري، باتت معرضة للخطر بسبب احتمالات ارتفاع وتيرة الانهيارات الأرضية.
      وفي اليمن وتحديدا شرق البلاد، لا تزال الأمطار الغزيرة تلحق الضرر بالمنشآت الشهيرة المبنية من الطوب في وادي حضرموت، كما جرفت السيول العارمة التي باتت أكثر شيوعا في البلاد، المباني المبنية من الطوب.
     أما في ليبيا، فقد أصبحت واحة غدامس القديمة مهددة بالزوال بسبب جفاف مصادر المياه الرئيسية  ما أدى إلى زوال الغطاء النباتي ودفع السكان إلى الرحيل. فيما باتت المواقع الأثرية المطلة على الساحل في المنطقة معرضة للخطر جراء ارتفاع منسوب مياه البحر وحدوث فيضانات.       وشهد شهر سبتمبر الجاري، قيام فريق من الباحثين من معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية في ألمانيا والمعهد القبرصي بنشر ورقة بحثية تنبأ الباحثون فيها بأن الأسوأ قادم. وذكرت الورقة البحثية أن الاحترار في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط "يزداد أسرع بمرتين من المعدل العالمي في المناطق الأخرى المأهولة بالسكان في العالم.
       وتدق نتائج البحث ناقوس الخطر، حيث أن القلاع والحصون والأهرامات والمواقع القديمة الأخرى في الشرق الأوسط باتت معرضة لخطر أكبر من أي وقت مضى بسبب التغيرات المناخية. وفي هذا السياق، قال المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) إن تغير المناخ أصبح "أحد أخطر وأسرع التهديدات التي تواجه الناس وتراثهم الثقافي في جميع أنحاء العالم".
      من جانبه، قال نيكولاس باكيرتزيس، الأستاذ المتخصص في علم الآثار والتراث الثقافي في معهد قبرص، لا شك أن "التراث الثقافي في الشرق الأوسط بات معرضا للخطر أكثر من التراث الثقافي في أماكن أخرى من العالم مثل أوروبا". وعزا باكيرتزيس ذلك إلى أمرين: الأول يتربط بتفاقم  ظاهرة التغير المناخي  وارتفاع الاحترار بمعدل أسرع مقارنة بباقي مناطق العالم. ويعود السبب الثاني إلى أن العديد من بلدان الشرق الأوسط يساورها القلق حيال قضايا أخرى غير الحفاظ على التراث والمواقع التاريخية، لا سيما أن الكثير منها مازال يئن تحت وطأة أزمات اقتصادية أو سياسية فضلا عن صراعات وأعمال عنف وقتال. وأضاف أن الجميع يدرك أن الحفاظ على التراث يمثل تحديا، لكن لا يستطيع كل شخص تحمل فكرة أن يتصدر هذا الأمر الأولوية.
     الجدير بالذكر أن ظاهرة تغير المناخ تؤثر على مواقع التراث في القارة الأوروبية أيضا، لكن الفارق هو أن أوروبا باتت في وضع أفضل في إدارة هذه الأزمة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط. وفي الشرق الأوسط، ثمة بلدان تحرز تقدما في إدارة المواقع الأثرية لمواجهة خطر التغير المناخي مثل مصر والأردن ودول الخليج، لكن في المقابل توجد دول أخرى لا يمكنها القيام بالأمر ذاته. وفي ذلك، قالت إليانور روبسون، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط القديم في جامعة "كوليدج لندن"، إنه جرى إنشاء منظمات حكومية لإدارة المواقع التراثية مثل مجلس الدولة العراقي للآثار والتراث.
      لكنها شددت على أن هذه المنظمات تعاني من نقص حاد في الموارد والتجهيز والتدريب، بسبب العقوبات وما وقع خلال العشرين عاما الماضية في العراق. وباتت الآن الحاجة إلى الموادر المادية أكثر إلحاحا، مما يجعل صيانتها أكثر تكلفة. منعت الحرب أعمال التطوير في موقع لبدة الأثري الواقع غرب ليبيا والذي بات مهددا بسبب ارتفاع مستوى البحر
      من جانبه، يسلط إبراهيم بدر، الأستاذ بكلية الآثار بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الضوء على قضية في غاية الأهمية تتمثل في الوعي حيال تأثير ظاهرة التغير المناخي على الآثار. ويقول إن "الوعي بالحاجة إلى حماية المواقع التراثية من تغير المناخ ما زال في مهده. ويضيف "أجريت بعض الدراسات لكن لم يرق الأمر إلى اتخاذ إجراءات على أرض الواقع. لسوء الحظ، فإن معظم دول الشرق الأوسط ليست على أهبة الاستعداد لمواجهة تداعيات هذه القضية، وهذا ما يؤثر بالسلب على المواقع الأثرية".
      وفي سياق متصل، حذر خبراء من أن التغير المناخي لن يؤثر بالسلب على المواقع الأثرية فحسب وإنما على المجتمعات التي تعيش بالقرب منها. وعن ذلك يقول باكيرتسيس إن الأمر لا يتعلق فقط "بموقع أثري أو معبد قديم، بل يتعلق الأمر أيضا بالمجتمعات التي تحافظ على المواقع الأثرية". ويشدد على أن ظاهرة التغير المناخي ستدفع مجتمعات للهجرة مع تفاقم ظروفها المعيشية. ما قد يعني في نهاية المطاف تلاشي المجتمعات التي تعتني بالأماكن الأثرية بل وتلاشي الإرث الثقافي الذي تذخر به. ويستشهد في ذلك بما طرأ على بعض المواقع المسيحية القديمة في العراق، إذ هاجرت أعداد كبيرة من قضية في غاية الأهمية . وأضاف بأنه في الوقت الحالي، لا يهتم بهذه الأماكن سوى القليل وقد تتحول إلى أنقاض.
      ويشير الخبراء إلى أن مشكلة أخرى تهدد المواقع الآثار، وتتمثل في قيام بعض السكان بالبحث عن الآثار لبيعها ومن ثم تهريبها إلى الخارج بسبب تزايد معدلات الفقر. وتقول روبسون "عندما يصبح الناس غير قادرين على إعالة أنفسهم بسبب التصحر وارتفاع درجات الحرارة، فمن المحتمل أن نشهد تجددا لأعمال النهب التي تستهدف المواقع الأثرية سواء لتحقيق مكاسب مالية كبيرة أو حتى لو لتحقيق الكفاف". وتستشهد بما حدث في العراق أثناء وبعد الغزو الأمريكي عام 2003.
      ولتجنب هذا السيناريو، يدعو الخبراء إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود لمعاجلة تداعيات ظاهرة التغير المناخي على المناطق الأثرية والثقافية في الشرق الأوسط. وتضيف روبسون "قد يقول البعض إن (مدينة) بابل ليست سوى موقع قد ينهار وهو نفس الشيء الذي حدث عدة مرات على مدى 5 آلاف سنة الماضية، بل يمكن القول إن علماء الآثار المستقبليين قد يأتون ويجرون أعمال حفر جديدة".لكنها تشدد على أن الأمر يتجاوز ذلك بالنسبة للسكان المحليين.
      وتقول إنه في الوقت الذي تزداد فيه حدة الخلافات السياسية بين العراقيين حيال العديد من القضايا، فإن ما يوحدهم ويعزز شعورهم بالفخر يتمثل في تاريخ العراق باعتباره "مهد الحضارة" حيث نشأت أقدم الحضارات الإنسانية على ضفاف نهري دجلة والفرات.
      وتختم روبسون كلامها بالقول تربطنا بالتراث علاقة شخصية لأنه بالمعنى الحرفي يعني الميراث الذي يبوح بهويتنا ومن نحن، وما هو دورنا في العالم وفي مجتمعنا. إن الأمر يعد أساسيا بإحساسنا بهويتنا.
 
سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار