60 عامًا على إنقاذ اليونسكو لمعبدي أبو سمبل

العالم 11:55 29.11.2023

في نوفمبر 1963 انطلقت حملة دولية مذهلة أدت إلى إنقاذ معبدي أبو سمبل بجنوب مصر من الغرق في مياه بحيرة ناصر والضياع للأبد. ولاتزال الحملة تعتبر إنجازا تقنيا رائعا ونقطة انطلاق لتطوير مفهوم التراث الثقافي العالمي لليونسكو.

في عام 1953، قررت مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بناء سد جديد على نهر النيل بالقرب من أسوان، التي تقع على بعد حوالي 900 كيلومتر جنوبي العاصمة القاهرة. وبالفعل بدأ بناء "السد العالي" في عام 1960، ومعه بدأ سباق مع الزمن لإنقاذ معبدي أبو سمبل من الغرق، فباكتمال بناء السد كان مجمع المعابد في أبو سمبل سيختفي في مياه الخزان الجديد إلى الأبد. وتقع قرية أبو سمبل الحديثة، حيث يوجد المعبدان، على بعد حوالي 280 كيلومترا جنوبي مدينة أسوان. لجأت مصر حينها إلى منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونسكو"، مناشدة العالم المساعدة المالية والتقنية لإنقاذ مجمع المعابد ونقله.

في أبو سمبل، تلك المنطقة من بلاد النوبة المصرية، يقف معبدان بناهما الملك رمسيس الثاني في القرن الـ13 قبل الميلاد، أحدهما، وهو الأكبر، خصصه لنفسه والمعبود المصري القديم "آمون"، أما الآخر الأصغر فخصصه لزوجته الملكة "نفرتاري" بجانب المعبودة "حتحور". وتعد "نفرتاري" والتي يعني اسمها "جميلة الجميلات" الزوجة الوحيدة من زوجات رمسيس الثاني التي بني لها معبدا. وصلت التبرعات للمشروع من أكثر من 50 دولة حيث جمع حوالي 80 مليون دولار. وتم تقديم العديد من المقترحات لإنقاذ المجمع. واختار المسؤولون شخصًا من السويد خطط لتفكيك المعبدين وإعادة بنائهما في موقع أعلى وأبعد من موقعهما آنذاك. وفي 17 نوفمبر 1963، تم تكليف اتحاد شركات دولي بتفكيك المعبدين وإعادة بنائهما على تل قريب من بحيرة السد الجديد.

نحتت التماثيل الضخمة للمعبدين ونقوشهما الفريدة في صخر صلب، ويصل عمق المعبدين إلى 60 مترًا داخل الصخر. ولهذا عندما بدأ العمل في إنقاذ المعبدين ملئت مكوناتها بالراتنج الاصطناعي من أجل تقطيعها إلى 1036 قطعة قابلة للنقل، يصل وزن الواحدة منها أحيانا إلى 30 طنًا، وهو ما يمثل تحديًا تقنيا هائلا ولكن أيضا حظا رائعا لمن شاركوا في عملية الإنقاذ، ومن بينهم المهندس المعماري الألماني بيتر غروسمان، الذي توفي قبل عامين.

تطلب العمل الشاق لإنقاذ معبدي أبو سمبل منتهى الدقة نظرا لكبر حجم التماثيل وأهميتها. تطلب العمل الشاق لإنقاذ معبدي أبو سمبل منتهى الدقة نظرا لكبر حجم التماثيل وأهميتها.  تملك الإعجاب جروسمان في ستينيات القرن العشرين، عندما تواجد في المكان الأصلي لمعبد أبو سمبل، حيث ظل قائمًا لأكثر من ثلاثة آلاف عام - مباشرة على نهر النيل، على بعد أمتار قليلة من ضفته. وكان جروسمان قد صرح لقناة تلفزيون غرب ألمانيا "WDR"، عن عمله في إنقاذ أبو سمبل فقال: لقد ذهبنا إلى هناك بالباخرة وكنا قادرين على رؤية معبد أبو سمبل عندما كنا على بعد حوالي 25 كيلومترًا منه، وكانت لدينا أيضًا فكرة عن حجمه الضخم.

لكنّ معبدي أبو سمبل لم يكونا يستطيعان البقاء عند هذه النقطة، حيث كانا معرضين للغرق بشكل نهائي. بل إن بعض هياكل المعبدين كانت مغمورة بالمياه فعلا. ويوضح بيتر جروسمان طريقة العمل لقناة "WDR" بالقول: تبدأ في تفكيك الأشياء من الأعلى ولكن إعادة التركيب تبدأ من الأسفل. وهذا يعني أنه يجب عليك تخزين كل شيء بشكل مؤقت. وبالطبع، كانت هناك حاجة إلى مساحة هائلة من الأرض لتخزين الكتل الحجرية هناك.

 شارك أيضًا في هذه الحملة غير المسبوقة خبير من ولاية راينلاند-بفالتس الألمانية. إنه كونراد مولر صاحب أحد المصانع الحجرية وخبير المنحوتات الحجرية من مدينة كايزرسلاوترن بجنوب غرب ألمانيا. وقال كونراد مولر: كانت مهمتي هي التحقيق في كيفية تفكيك المعبدين، اللذين تم نحتهما من الصخور الصلبة، إلى قطع كبيرة قدر الإمكان. كان هناك أيضا متخصصون إيطاليون، قاموا بكل حرص وعناية، بنشر التماثيل الأربعة الضخمة الشهيرة في المنطقة الأمامية للمعبد الكبير، والتي يبلغ ارتفاعها 21 مترًا، والتي تصور رمسيس الثاني. أما عن العمال المصريين المشاركين في نقل المعبدين فقال المعماري المصري حمدي السطوحي لـ"WDR" إن عقد نقل المعبدين كان ينص على أن يكون سمك تقطيع أحجارهما يجب ألا يزيد عن 6 مليمتر لكن العمال المصريين الذين عملوا بأيديهم لم يتخطوا سمك 4 مليمتر. إنها مسألة أثارت إعجاب الخبراء الألمان المتخصصين في أعمال الترميم والآثار، الذين وقفوا مبهورين وقالوا إنها نفس الوجوه السمراء والأيدي تقطع الصخر، نفس الوجوه التي بنت المعابد قبل آلاف السنين، بحسب حمدي السطوحي. في سبتمبر عام 1968 تم إنجاز المهمة. ومنذ ذلك الحين يقف المعبدان المهيبان على ارتفاع 64 مترًا من ارتفاعهما الأصلي وعلى بعد 180 مترًا من مكانهما الأصلي، في مكان آخر داخل الصحراء آمن وجاف، تحت قبة ضخمة مكسوة بالحجر الطبيعي.

ويقول ديتريش راوه، المدير الأسبق لمعهد الآثار الألماني بالقاهرة إن هذه القبة هي، إذا جاز التعبير، إجراء مساعد، لأن هذه المساحات الداخلية كانت تحتوي بشكل طبيعي على نقوش. هذه النقوش معلقة الآن على دعامات فولاذية طويلة. وهذا حل تقني، عندما تقف أمامها مباشرة، تشعر بالانطباع الذي كان موجودا في ذلك الوقت قبل نقلها.

المعبدان احتفظا حتى بالمسافة السابقة بينهما، بحيث يمكن استمرار حدوث ظاهرة "تعامد الشمس" على وجه رمسيس الثاني مرتين في السنة، في 22 فبراير/ شباط و22 أكتوبر. ففي هذين اليومين تدخل أشعة الشمس على عمق 60 مترًا داخل قدس الأقداس للمعبد الكبير فتضيء وجه تمثال الملك رمسيس الثانى. المعبد الذي بناه الملك رمسيس الثاني لزوجته نفرتاري والمعبودة حتحور في منطقة أبو سمبل بجنوب مصر. (صورة تعود لعام 1850)المعبد الذي بناه الملك رمسيس الثاني لزوجته نفرتاري والمعبودة حتحور في منطقة أبو سمبل بجنوب مصر. (صورة تعود لعام 1850)

ومن بين إحدى أهم نتائج عملية الإنقاذ المذهل لمعبدي أبو سمبل من مياه بحيرة ناصر، اعتماد اتفاقية اليونسكو للتراث العالمي في عام 1972، التي تتعلق بحماية الأصول الطبيعية والثقافية ذات القيمة العالمية الاستثنائية للبشرية جمعاء ووضعها على ما تعرف بقائمة التراث العالمي. وبالنسبة لعالمة الآثار المصرية الشهيرة مونيكا حنا، فإن هذا علامة فارقة: كان نقل المعبدين في أبو سمبل أمرًا مهمًا. وقد أعطى ذلك زخمًا لليونسكو. وكان أول مشروع كبير من نوعه. وقد تم إدراج المعبدين الصخريين في أبو سمبل ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو في عام 1979. 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار